بالرغم من تأكيد وزير الاقتصاد والمالية، أول أمس الأربعاء، أمام أعضاء البرلمان خلال تقديمه لمشروع القانون المالي لسنة 2014، للوضعية الهشة للمالية العمومية وتفاقم عجز الميزانية واختلالات التوازنات المالية، فإن مشروع ميزانية 2014 لم يخل من تلك الحسابات الخصوصية التي أثارت جدلا ونقاشا واسعا حول حكامتها مادامت خارج رقابة البرلمان. وحتى وإن كان مشروع القانون المالية لسنة 2014، يتضمن حسابات خصوصية أقل من القانون المالي للسنة الجارية، فإن مواردها تفوق مثيلتها في ميزانية2013. ويتضمن مشروع مالية 2014 67 حسابا خصوصيا تتجاوز مواردها 6،67 مليار درهم مقابل 80 حسابا خصوصيا في ميزانية السنة الماضية تجاوزت مواردها 59 مليار درهم. في ميزانية 2012، كانت الحسابات الخصوصية تمثل أكثر من 18 في المئة من موارد الميزانية العامة للدولة، وأكثر من 17 في المئة من مجموع موارد الدولة في ميزانية سنة 2013. أما في مشروع ميزانية 2014، فتمثل 20 في المئة من هذه الموارد. وبالرغم من تراجع عدد الحسابات الخصوصية من 132 حسابا خصوصيا في 2002 إلى 67 صندوقا في مشروع القانون المالي لسنة 2014. إلا أن هذا المسلسل لم يواكبه إصلاح حقيقي في حكامتها أو إخضاعها لمراقبة المؤسسة التشريعية أو المجلس الأعلى للحسابات أو لمحاسبة بعدية. ويتم تبرير العمل بمنظومة الحسابات الخصوصية بضرورة تمويل برامج أو مشاريع يصعب تمويلها من خلال ميزانية الدولة ولأن تمويلها يمتد في الزمن أكثر من سنة، مما يجعل منها «صناديق سوداء» خارج المراقبة وخارج المساءلة. وكانت مصالح وزارة الاقتصاد والمالية، قد أعدت مشروع إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية يتضمن مقتضيات بشأن إلغاء الحسابات الخصوصية وإدراج مواردها ونفقاته بالميزانية العامة للدولة في إطار القانون المالي ويفرض على الحكومة تقديم برامج استعمال الحسابات الخصوصية مرفقة بمشروع القانون المالي للسنة. الجديد في مشروع ميزانية 2014، تضمينه لحساب خصوصي أطلق عليه «الحساب الخصوصي بمنح مجلس التعاون الخليجي» بقيمة 5،8 مليار درهم ويهم الهبات المالية التي خصصتها دول العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت في إطار شراكة استراتيجية مع المغرب المبرمة في سنة 2011؛ فيما تم إلغاء أربعة حسابات خصوصية وهي: حسابات القروض الممنوحة للتعاونيات الفلاحية، وحسابات القروض الممنوحة لدول أجنبية، وحسابت القروض الممنوحة للمكتب الوطني للسكك الحديدية، وحساب التسبيقات الممنوحة للبنك الوطني للإنماء الإقتصادي. كما تم الاحتفاظ بالحساب الخصوصي بشأن «مرصدات المصالح المالية»، وخصص له 320 مليون درهم أي 32 مليار سنتيم، مع العلم أن هذا الحساب أثار الكثير من الجدل بعد الكشف عن تبادل التعويضات بين صلاح الدين مزوار، الذي كان وزيرا للمالية، ونورالدين بنسودة، الخازن العام للمملكة. من جهة ثانية، لازالت أربعة قطاعات حكومية تتقاسم النسبة الكبيرة من هذه الصناديق الخصوصية، وهي على التوالي، وزارة الاقتصاد والمالية بنحو 27 حسابا خصوصيا، ثم وزارة الداخلية التي تشرف على تدبير 11 حسابا. وفي الرتبة الثالثة رئاسة الحكومة التي تتوفر على 6 حسابات، ثم إدارة الدفاع الوطني في الرتبة الرابعة بأربعة حسابات فقط. غير أن هناك اعتمادات مرصودة لبعض الحسابات الخصوصية غير مُفعَّلة ولا تساهم في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي يفوق عددها نحو 20 حسابا خصوصيا، مثلما هو الحال بالنسبة إلى صندوق الزكاة المحدث في سنة 1998 والذي مازال مجرد اسم حسب بعض المصادر بوزارة الاقتصاد والمالية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حساب الانخراط في الهيئات الدولية.