أعلنت ألمانيا الجمعة أنها ستخفض بشكل حاد اعتمادها الكبير على موارد الطاقة الروسية باستغنائها عن واردات الفحم بحلول الخريف وعن واردات النفط بحلول نهاية العام، وذلك على خلفية غزو موسكولأوكرانيا في 24 فبراير. من ناحية أخرى، يبدو أن العملية ستستغرق المزيد من الوقت بالنسبة إلى الغاز. وقال روبرت هابيك نائب المستشار الألماني أولاف شولتس ووزير الاقتصاد في مؤتمر صحافي، "اتخذنا خطوات أولى مهمة للتحرر من قبضة الواردات الروسية". وأفادت وزارة الاقتصاد في بيان بأنه "من المفترض أن تكون واردات النفط الروسي إلى ألمانيا انخفضت إلى النصف بحلول منتصف العام ونهدف إلى تحقيق استقلال شبه تام في نهاية العام"، مضيفة أنه "بحلول الخريف، قد نصبح مستقلين بصورة عامة عن الفحم الروسي". قبل غزو أوكرانيا، كانت ألمانيا تستورد ثلث نفطها وحوالى 45 في المائة من فحمها و55 في المائة من غازها من روسيا، وفقا لإحصاءات الحكومة الألمانية. ركزت ألمانيا استراتيجيتها بشأن الطاقة في العقود الأخيرة، على الواردات الهائلة من الطاقة الروسية، خصوصا لاعتقادها أن هذا التعاون من شأنه أن يساعد في إضفاء الطابع الديمقراطي على البلاد. إلا أن ذلك باء بالفشل. مع غزو أوكرانيا، أجبرت برلين على القيام بتغيير مفاجئ مهم ووضعت نصب عينيها هدف الاستقلال عن موسكو في مجال الطاقة. وأوضحت وزارة الاقتصاد "في الأسابيع الأخيرة، بذلنا جهودا مكثفة مع جميع اللاعبين لتقليل وارداتنا من الطاقة الأحفورية من روسيا". لكن الحكومة أوضحت أن الشركات التي تشتري المحروقات "من الموردين الروس باتت تترك العقود تنتهي ولا تجددها وتتجه إلى موردين آخرين"، بحسب الحكومة. ورغم أن هذه الاستراتيجية تبدو سهلة نسبيا في أسواق النفط والفحم، فإن تغيير مورد الغاز أكثر تعقيدا لأن ذلك يستلزم تعديل البنى التحتية للنقل. تستورد ألمانيا غازها من روسيا حاليا عبر شبكة خطوط أنابيب متطورة كان يفترض أن تصبح أوسع مع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي علق أخيرا. وبالتالي، بهدف تغيير الموردين، يتوجب على الحكومة إنشاء خطوط أنابيب جديدة، وهي عملية بطيئة ومكلفة، أو استيراد الغاز السائل عبر المحيط. وهذا ما اختارته برلين: خصصت ألمانيا 1,5 مليار يورو مطلع آذار/مارس لشراء كميات كبيرة من الغاز المسال يتم تسليمها عبر المحيط. وفي الأيام الأخيرة، زار هابيك العديد من الدول الموردة للغاز من بينها قطر حيث وقع اتفاق تسليم طويل الأجل في وقت سابق من هذا الأسبوع. بفضل هذه الاستراتيجية، نجحت ألمانيا في الأسابيع الأخيرة في خفض وارداتها من الغاز الروسي وأصبحت تمثل الآن 40 في المائة فقط، أي أقل ب15 نقطة مما كانت عليه قبل الحرب. لكن ليس لدى ألمانيا حاليا محطة لنقل هذا الغاز، وبالتالي تعتمد على البنى التحتية الموجودة لدى جيرانها الأوربيين، وهو ما سيزيد التكلفة. وقالت الوزارة الخميس إن شركتي "يونيبر" و"RWE" ستحجزان بناء على طلب الحكومة ثلاث محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال هي سفن ضخمة تسمح بتلقي الغاز السائل على السواحل. وتعمل الحكومة أيضا على تسريع العديد من مشاريع محطات الغاز الطبيعي المسال، على اليابسة، في مدن في شمال ألمانيا هي شتاده وفيلهلمسهافن وبرونزبوتل. لكن من غير المتوقع افتتاحها قبل العام 2026. وتحذر الحكومة من أن الغاز المسال لن يكون كافيا للتعويض عن الواردات الروسية. تعتمد برلين أيضا على "تطوير طاقات متجددة" و"التقليل المنتظم في الاستهلاك" و"الزيادة السريعة في إنتاج الهيدروجين" من أجل الاستغناء عن هذا المورد. وتقدر الحكومة أن "الطريق لا يزال طويلا ولن نتمكن من الاستغناء عن الغاز الروسي إلا عبر القيام بجهد جماعي".