من المنتظر أن تفتح حكومة عبدالإله بنكيران، في نسختها الثانية التي تنتظر الإعلان، جبهة أخرى من جبهات المواجهة مع محتلي الملك العام؛ فقد وضعت وزارة المالية لمساتها الأخيرة على مشروع قانون يراهن عليه بنكيران لتوفير 1500 مليار سنتيم، حجم الكلفة المالية لاستغلال الملك العام، واسترداد 77 ألف هكتار من أراضي أملاك الدولة المستغلة من قبل الخواص «بدون سند قانوني». المشروع أبدى صرامة اتجاه محتلي الملك العام حينما توعد كل محتل لملك الدولة بدفع تعويض يساوي ست مرات مبلغ الإتاوة السنوية العادية المستحقة نتيجة استغلاله غير القانوني لأملاك الدولة، بل يمكن أن تصل العقوبة إلى إجبار مستغلي الملك العام بدون قانون أداء غرامة قدرها خمسة ملايين، ويمكن أن تتضاعف إلى 10 ملايين سنتيم دون إسقاط المتابعات القضائية في حقهم. وزارة المالية، وفي مذكرة تقديمها للمشروع، رسمت صورة قاتمة حول الترامي على الملك العام والذي وإن كان يتم في كثير من الأحايين عن طريق مسطرة الترخيص لاحتلال الملك العام للدولة، مؤقت وقابل للسحب في أي وقت. إلا أن الواقع هو أن هذا الاستغلال غالبا ما يتحول من مؤقت إلى نهائي حيث يُجدد تلقائيا كلما انتهت مدته الأصلية بحيث ينقلب إلى تفويت للملك العام أو نوع من خوصصة، مقابل إتاوة سنوية هزيلة ولا تستخلص في الأجل وعلى الوجه المطلوب؛ المشروع تحدث عن وجود تجزيئات سكنية أقيمت على أملاك الدولة بشكل غير قانوني وأصبح يمنع على المواطنين ارتيادها، علما أن أصحاب هذه المساكن لا يستغلونها إلا في فترة محدودة من السنة أو يكترونها بمبالغ تفوق عشرات المرات مبلغ الإتاوة التي يؤدونها إلى خزينة الدولة. المشروع الجديد وضع معايير شفّافة لتحديد كيفية تسليم الرخصة بناء على دفتر التحملات وفق مسطرة طلبات العروض، غير أن النص الحكومي فتح للسلطات إمكانية اللجوء إلى مسطرة الإسناد المباشر في حالة إعلان منافسة مرتين دون جدوى. المبادرة الحكومية منعت تجديد الرخص أو تفويت أو تحويل حق الاستغلال لرخص الاحتلال لإقامة محلات السكن أو الاصطياف، غير أنه فيما يتعلق بأصحاب الرخص المسلمة قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ يعتبرون مرخصا لهم لمواصلة الاستغلال لمدة لا تتجاوز 10 سنوات؛ بعد ذلك، فهم مطالبون بإرجاع الأراضي لملك الدولة مع إزالة المنشآت على نفقتهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء المدة. كما سمح القانون بمنح رخصة استغلال أملاك الدولة لمدة 20 سنة، قابلة للتجديد مرة واحدة إذا كان الأمر يتعلق بمشاريع استثمارية كبرى. المشروع الذي أعده نزار بركة، قبل التحاقه برئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، توعد مستغلي الملك العام بسحب الرخصة في حالة تحويل الاستغلال للغير أو عدم تسديد الأتاوى الواجبة في الآجال المحددة أو أثناء استعمال الملك العام لأغراض غير تلك المرخص بها أو تجاوزت المساحة المسموح بها، وعموما في حالة عدم احترام الشروط التي تتضمنها الرخصة ودفتر التحملات المرفق بها.