دخل المجلس الوطني للصحافة، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، على خط الانزلاقات اللامهنية التي شابت التغطيات الصحافية المرافقة لمحاولات إنقاذ الطفل ريان، الذي يقبع منذ أربعة أيام داخل بئر بأحد دواوير إقليمشفشاون، حيث توعد المجلس بمحاسبة المتجاوزين. وسجل أن هذه التغطيات شابتها العديد من الخروقات المخالفة لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، والتي تم ارتكابها من طرف بعض الصحف الإلكترونية، مشددا على أن التغطيات في ظل الأزمات والفواجع "لا يمكن أن تتحول، بأي حال من الأحوال، إلى مجال للربح المادي والإثارة الرخيصة، لزيادة عدد المشاهدات وغيرها من أساليب المتاجرة في المآسي الإنسانية. واستعرض المجلس نماذج من الخروقات التي وقعت فيها هذه الأطراف من قبيل، تصوير الطفل ريان في قاع البئر بوجهه الدامي، في وضعية إنسانية صعبة، و"تصوير واستجواب أطفال قاصرين وهم في حالة إنسانية غير طبيعية، جراء التأثر بالحادث المتعلق بمصير حياة طفل قاصر، وكذا نشر صور قاصرين عبر أشرطة مصورة بمحيط عملية الإنقاذ، بغرض الإثارة المجانية. كما أشار المجلس إلى أن هذه الأطراف تعاملت مع المعلومات والمعطيات المتعلقة بعملية الإنقاذ، بشكل غير مهني، من خلال ترويج أخبار غير صحيحة، إلى طغيان الهاجس التجاري والتسويقي، دون التأكد من صدق المعلومات. كما رصد المجلس قيام بعض الصحف الإلكترونية باستجواب أسرة الطفل، وتصريحها "بشكل فاضح أن هذا التصوير سيرفع عدد المشاهدات"، بالإضافة إلى توظيف الوضع النفسي للأسرة، "بطرح أسئلة لا علاقة لها بقواعد الصحافة، في عمل تجاري بحت، مستغلة الارتباك والحزن الشديدين، والخوف لأفراد عائلة ريان وهم ينتظرون عملية نجاح إنقاذ ابنهم"، يقول البلاغ. ووجه المجلس دعوة إلى مختلف وسائل الإعلام، من أجل الالتزام بأخلاقيات المهنة ومبادئها النبيلة وقواعدها، منبها إلى أن تغطية الفواجع الإنسانية، تعتبر محكا رئيسيا لمدى احترام الصحافة لمسؤوليتها الاجتماعية، وحرصها على ألا تحول الفواجع إلى وسيلة للربح والارتزاق. وأكد المجلس في بلاغ له، "أنه بصدد ضبط مختلف الخروقات التي قد تستحق المتابعة التأديبية، لتفعيل ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، طبقا لما يسمح به القانون المحدث للمجلس ونظامه الداخلي ومسطرة التصدي التلقائي للانتهاكات". من جهتها، وفي بلاغ صادر عن مكتبها التنفيذي، سجلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن بعض التغطيات الصحافية للعملية المذكورة شابتها ممارسات فيها ضرب لأخلاقيات المهنة من جهة، و"توظيف يبتعد عن قيم التآزر والتضامن في مثل هذه الحالات، وهو توظيف يصل أحيانا إلى السماح ببث أنباء غير موثوق منها"، تقول النقابة. ودعت النقابة عموم المراسلين والصحافيين المتواجدين بمكان الحادثة، وكذا كل المواقع والمنابر المهنية، إلى التحلي بأخلاقيات المهنية التي تفرض التثبت من الخبر قبل إعلانه، والابتعاد عن العناوين والجمل التي تحفل بالإثارة. كما طالبتهم بانتقاء المحاورين ممن تتوفر فيهم الأهلية، والابتعاد عن محاورة وتصوير القاصرين. وذكرت النقابة بأن المغاربة اليوم أمام "لحظة وطنية وإنسانية تتطلب أن يكون الهم الأساس لنا جميعا هو إنقاذ الطفل ريان، وإمداد الرأي العام بالمعلومة الموثوقة، وبالتالي فإن السقوط في فخ البحث عن الإثارة على حساب الحقيقة يسيء لنبل المهنة وقيمها". من جهة أخرى نوهت النقابة الوطنية للصحافة بالعمل الذي تقوم به مواقع وصحافيون آثروا الانحياز إلى أخلاقيات المهنة، وإلى الاحترافية في النقل والأخبار والتعليق وانتقاء المحاورين بغية النقل الأمين لما يقع بدوار إغران. جدير بالذكر أن عملية إنقاذ الطفل ريان لازالت مستمرة لحد الآن؛ حيث أكدت السلطات المحلية التي تقود العملية أن الأمل في إنقاذه لازال قائما.