تداعيات الزيادة الأخيرة في مادة الحليب لا زالت مستمرة ولا يبدو أنها ستمرّ «مرور الكرام»، ففيما ينتظر أن يستدعي وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، (الذي يقوم أيضا بمهام وزير الاقتصاد والمالية بالنيابة) منتجي الحليب لمناقشة أسباب الزيادة التي أعلنوها في أسعار هذه المادة الحيوية، وهو ما أكده بلاغ صادر عن وزارته الأحد الماضي، طالب فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بعقد اجتماع للجنة القطاعات الإنتاجية بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري ووزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة (عبد القادر اعمارة) لمناقشة موضوع ارتفاع أسعار مادة الحليب. كما وجّه رئيس الفريق، عبد الله بووانو، رسالة في الموضوع ذاته إلى رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية يطلب فيها عقد اجتماع للجنة بحضور الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة لمناقشة ارتفاع أسعار الحليب وتداعياتها على القدرة الشرائية والاستهلاكية للمواطنين. وكان بعض منتجي مادة الحليب قرّروا في الآونة الأخيرة الزيادة في ثمن البيع دون أي تنسيق أو تشاور مع الحكومة، مما أثار ردود فعل غاضبة ومستنكرة، وصلت حد التلويح باللجوء إلى القضاء، فضلا عن المطالبة بمقاطعة شراء الحليب رغم أنه مادة حيوية بالنسبة إلى مجموعة من الأسر المغربية، والتي توجد أغلبها في حالة هشاشة واضحة. وكان محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، وهو الذي يدير عموما تدبير مسألة الأسعار، من خلال مديرية الأسعار، قد أكد، بخصوص مطالبة الحكومة بالتدخل في موضوع الزيادة في سعر الحليب التي أقرها منتجوه، أن «الحكومة بالفعل ستتدخل وستقوم بدورها سواء مع الشركة الأولى التي زادت في سعر الحليب، أو التعاونيات التي تلتها في الزيادة»، وهو «التدخل» الذي آل، في ما يبدو إلى الرجل القوي في حكومة عبد الإله بنكيران، عزيز أخنوش الذي يشرف على قطاع إنتاج الحليب بصفته وزيرا للفلاحة، فضلا عن تحكمه في وزارة الاقتصاد والمالية مرحليا. وفي تصريحه للجريدة المقربة من حزبه «التجديد»، كان بوليف قد أعلن أن الحكومة «ستقوم باللازم مع منتجي الحليب وستتحرى في هذا المجال»، موضحا أن دخول التعاونيات على خط الزيادة سيخضع، أيضا، للمسطرة التي ينظمها قانون المنافسة والأسعار. وهو ما يوحي بأن مديرية الأسعار التابعة لوزارة بوليف ستقوم بالتحقيق في الزيادة وأسبابها الحقيقية، غير تلك المعلنة من طرف المؤسسات (سواء المنظمة على شكل «شركة» من قبيل «المركزية للحليب» (سنطرال ليتيير) أو «تعاونية» مثل «كوباگ»…) المنتجة والمسوقة للحليب، وربما إحالة الملف على مجلس المنافسة، الذي يرأسه عبد العالي بن عمور، كما طالب بذلك أصوات ارتفعت أخيرا على اعتبار أن القطاع يعاني من نوع من الاحتكار، خصوصا أن شركة «سنطرال ليتيير» التي أصبحت تابعة لمجموعة «دانون» الدولية تهيمن على أكثر من نصف الإنتاج الوطني للحليب. وتبقى دعوة بوليف منتجي الحليب إلى مراعاة «ظرفية» المغاربة والتراجع عن الزيادة، مع تأكيده على أن «الحكومة لم تتفق مطلقا مع منتجي الحليب على الزيادة فيه»، مؤشرا على أن حكومة بنكيران تتفادى الصدام مع المنتجين والمسوقين الكبار للحليب رغم «حيوية» هذه المادة الأساسية.