يكاد يكون ديوان «رصيف القيامة» للشاعر والإعلامي ياسين عدنان العمل الشعري الوحيد، الذي حظي بانتشار واسع، إذا قورن ببقية الأعمال الشعرية المغربية الأخرى. ذلك أنه توفرت لهذا الديوان، الذي صدر حتى الآن في ثلاث طبعات، مجموعة من العوامل والشروط، التي ساعدت على تحقيق نجاح نسبي من حيث المبيعات على الأقل. إذ اعتبر رواجه استثنائيا، على اعتبار أن منشورات الأعمال الشعرية، في المغرب على الخصوص، لا تتعدى ألف نسخة كأقصى تقدير، بينما صدر هذا الديوان سنة 2003 في ثلاثة آلاف نسخة في طبعته الأولى الصادرة عن دار المدى السورية. ينطلق «رصيف القيامة» من لحظة 11 شتنبر 2001، التي يشبهها الشاعر بالقيامة، مشيرا إلى أن متابعته هذا الحدث على شاشة التلفزيون كانت أشبه بنقل مباشر للقيامة حيث الناس يركضون هربا من موت جماعي. إذ تنتشي الكتابة في هذا الديوان بصور الأرواح والأجساد والجثث والخسائر، الخ. هنا يقول ياسين عدنان: «أتيحت لي فرصة أن أشهد القيامة، وأن أفكر من خلالها في مصير الإنسان عبر كتابة قيامية على غرار «رسالة الغفران» وأعمال أخرى». ف»على درب تصعيد المشهد القيامي وإحصاء خسائر الحياة غير المأسوف عليها، يفضل ياسين عدنان استدراج قرائه تدريجيا إلى خوض مغامرته التي تنطلق من خسارات صغيرة في الدنيا إلى سقوط مريع في شرك ميتافيزيقا الغياب،» كما جاء في مقالة نشرت قبل عامين في موقع صحيفة «عُمان». ربما راهنت دار المدى على هذا المنظر عندما أصدرت الديوان في ثلاثة آلاف نسخة. إذ انتهى هذا الرهان إلى أن يسجل حضورا قويا في المعارض العربية، ويحظى بالدراسة والتحليل والنقد، سواء في المجلات المحكمة، أو في الجرائد والمجلات. هكذا، لعب النقد دورا مهما في انتشار الديوان على الصعيد العربي خصوصا. كما كان لاختياره وتتويجه بجائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب في دورتها الثانية سنة 2003 دور أيضا في هذا الانتشار. جدير بالذكر أن لجنة هذه الجائزة، التي رشحت هذا العمل للجائزة، تكونت آنذاك من الناقد العراقي محسن جاسم الموسوي، والشاعر البحريني قاسم حداد، والناقد المصري أحمد عبد المطلب، والشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي، والشاعر والإعلامي السوري محيي الدين اللاذقاني. وعندما صدر الديوان سنة 2005 عن دار مرسم في طبعة ثانية تقع في ألف نسخة، مرفقة بالترجمة الفرنسية، التي أنجزتها الشاعرة سهام بوهلال، وكذا الطبعة الثالثة، وهي أيضا في ألف نسخة، تظافرت مجموعة من العوامل التي أسهمت في نجاح الديوان من حيث انتشاره على الأقل. إذ كان الديوان يعرض على هامش كل عرض من عروض مسرحية «كفر ناعوم» الجريئة، التي استلهمتها الفنانة لطيفة أحرار من الديوان ذاته، حيث كان الجمهور يقبل على شراء الديوان ما أن تنتهي المسرحية. كما احتضنت المخرجة الإيطالية «لورا فيلياني» هذا الديوان، خاصة قصيدته «في الطريق إلى عام ألفين»، ضمن عمل مسرحي قدمته في المغرب، حيث أثار هو الآخر ضجة إعلامية، على اعتبار أنه تضمن مشهدا من مشاهد التعري، مثلما كان عرض «كفر ناعوم». هكذا، كان المسرح سندا أساسيا في بيع الكتاب. من جهة أخرى، يمكن القول إن «رصيف القيامة» استفاد، ولو بشكل متأخر، من المساحة الإعلامية، التي يحظى بها ياسين عدنان، ليس فقط شاعرا، وإنما أيضا إعلاميا يمارس الصحافة من خلال برنامجه الأسبوعي «مشارف»، الذي تبثه القناة الأولى. هنا، يكشف ياسين عدنان أن الطبعة الثالثة، التي صدرت عن دار التوحيدي سنة 2010، هي التي استفادت من هذه المساحة، وربما الطبعة الرابعة، التي ستصدر خلال الأشهر القادمة عن دار نشر لبنانية.