شرعت القوات العمومية بمعظم مدن الشمال في حملة اعتقالات واسعة في صفوف المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، وكشفت مصادر مطلعة ل»أخبار اليوم» أن مدن طنجةوالقصر الكبير، والناظور، والحسيمة وتاوريرت، عاشت يومي الأربعاء والخميس حالة من الاستنفار بحثا عن مهاجرين أفارقة، وهو ما دفع بالعديد منهم إلى التواري عن الأنظار والتحصّن في الغابات المتواجدة على مشارف هذه المدن خوفا من الاعتقال. وفي هذا السياق، كشف حسن عماري عضو اللجنة المركزية للهجرة واللجوء ب»الجمعية المغربية لحقوق الإنسان»، أن الحملة الأخيرة تعتبر من الحملات الواسعة التي نظمها الأمن المغربي خلال هذه السنة، وأشار نفس المتحدث في تصريح ل»أخبار اليوم» أن الجمعية عبر اللجنة المختصة، «رصدت اعتقال أزيد من 147 مهاجرا خلال اليومين الماضيين بالمدن المذكورة بينهم قاصرين وامرأة حامل، وهما الفئتان اللتان يمنع القانون المغربي 02/03 المتعلق بالهجرة، ترحيلَهم. إلا أن الأمن قام بترحيل القاصرين». وبالرغم من تأكيده على أن الأمن أخلى سبيل المرأة الحامل التي اعتقلت مع زملائها المهاجرين بمدينة طنجة، إلا أن عماري أكد أن القاصرين اللذان اعتقلا أيضا بمدينة البوغاز لم يطلق سراحهما إلا بعد وصول الحافلة التي كانت تقل مجموعتهما في اتجاه الحدود الشرقية، إلى مدينة فاس، «بعد الشعور بالخرق القانوني الذي ارتكبته القوات العمومية». ويبقى التدخل الذي قادته القوات العمومية بمدينة تاوريرت زوال أول أمس الأربعاء هو الأعنف في هذه العملية بتعبير عماري، إذ نتجت عنه عدة إصابات واعتقالات. وعلاقة بهذا التدخل، كشف فرع الجمعية بهذه المدينة أنه في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال حوصر المهاجرون الأفارقة بمنطقة بالقرب من واد «زا» واعتقل ما لا يقل عن 15 مهاجرا من جنسيات مختلفة، فيما تمكن آخرون من الفرار من قبضة القوات العمومية التي كانت مشكلة من الدرك الملكي، والقوات المساعدة والشرطة. ووفق الشهادات التي نقلها فرع تاوريرت للجمعية في بلاغ توصلت «أخبار اليوم» بنسخة منه، فقد أكدوا تعرضهم ل»تعنيف مادي ومعنوي خطير»، توج وفق نفس المصادر ب»إحراق أمتعتهم الشخصية». وكانت عملية حرق مماثلة شهدتها المدينة نفسها السنة الماضية، إلى جانب الاستعانة بمنحرفين لمطاردة المهاجرين بأزقة المدينة، خاصة بالقرب من محطة القطار. ولم تنته الحملة التي شنتها السلطات بمدينة تاوريرت على المهاجرين عند اعتقال عدد منهم زوال أول أمس، إذ عاودت العملية وفق مصادر «أخبار اليوم» بعد الإفطار من نفس اليوم واستمر التدخل بالغابة المجاورة لواد «زا» لأزيد من خمس ساعات لم تتوقف إلا في الساعات الأولى من صباح أمس الخميس. وتزامنا مع نفس التوقيت، ذكرت مصادر مطلعة بمدينة القصر الكبير أن السلطات شنت حملة ليلية، ومن المرجح أن تكون قد رحّلت العديد منهم في اتجاه الحدود الجزائرية المغربية ليلة أول أمس الأربعاء. وعن عمليات الترحيل المسجلة، أكد حسن عماري أنها تمت وفق الظروف السابقة، إذ أن جزءا من المهاجرين اقتيدوا إلى مقر المنطقة الأمنية بعاصمة الشرق قبل نقلهم إلى الحدود المغربية الجزائرية التي تقع على بعد 10 كلم من مركز المدينة، فيما آخرين جرى اقتيادهم إلى الحدود مباشرة وإطلاق سراحهم بغرض دفعهم إلى العودة من المسار الذي سلكوه أول مرة بالدخول عن طريق الجزائر، وهو ما يشكل وفق نفس المصدر «خرقا لالتزامات المغرب الدولية في هذا المجال وخرقا حتى للقانون الوطني 0203 الخاص بالأجانب. يشار إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاوريرت سبق أن راسلت الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بوجدة في موضوع هذه التدخلات التي وصفتها ب»العنيفة و التعسفية»، وحثته على ضرورة إجراء بحث وتحقيق نزيه في كل العمليات التي تمارسها أجهزة الدولة ضد المهاجرين خارج القوانين، خاصة عمليات إضرام النار التي وثقتها الجمعية ب»المستندات والدلائل الكافية». تجدر الإشارة أن هذه الحملة تأتي أياما قليلة بعد تقارير انتقدت المغرب في تعامله مع المهاجرين، وبعد الحملة التي تقودها منظمات حقوقية ضد العنصرية الممارسة على المهاجرين، آخرها عملية منع كراء الشقق السكنية في بعض العمارات بالعاصمة الرباط للمهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء.