شهادة مؤثرة تلك التي خطتها أيدي زهير لهنا، الطبيب المغربي الذي انضم إلى عدد من الاطباء المتطوعين في مستشفى الشفاء بغزة، التي تعيش القصف لأزيد من أسبوعين. رشيد جنكاري، الصحافي المتخصص في تقنيات الحاسوب والاتصال، نشر أمس الأحد (20 يوليوز) على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، رسالة تضم تفاصيل اليوم الأول لدكتور لهنا، داخل مستشفى غزة، قال إنه توصل بها من الطبيب على علبة رسائله الخاصة.
الرسالة المؤثرة، كُتبت باللغة الفرنسية، وتضمنت مقاطع مؤثرة عن معاناة الفلسطنيين مع القصف.
وكتب لهنا :"هذا المساء، لدي رغبة قوية في البكاء.. بُكاء جميع الاطفال الذين رأيتهم في قسم المستعجلات بمستشفى الشفاء في غزة .. بُكاء على روح الفتاة الشابة التي لم نستطع إنقاذها رغم تدليك قلبها، وضخه".
وأضاف بكلمات تحمل الكثير من الأسى والألم "تقاسمتُ مع المنقذين نفس لحظات مفارقة الأرواح، أرواح تأتي محطمة، نحاول إنقاذها لكن نبوء بالفشل، ساعة الرحيل تكون قد وصلت ومصيرهم طرق الباب، ومرات كثيرة كان يطرق وبقوة".
ويواصل الدكتور المغربي سرد حكايات أولى أيامه بمستشفيات غزة قائلا "عندما يتم تأكيد وقت الوفاة، نعلم حينها أننا لم يعد في وسعنا القيام بشيء آخر، الاطباء ينتابهم حالة من الغضب واليأس .. نزيل الانابيب المحيطة بالمريض الذي يصبح شهيدا، بعدها مباشرة يدخل المصورون لالتقاط صور وفيديوهات تنقل حجم المعاناة إلى العالم بأكمله، خاصة العالم العربي-المسلم".
"لا أجد الكلمات المناسبة والمعبرة لوصف الجيش وقاداته، والوقت أيضا ليس وقت التفكير في الاسم المناسب"، يقول. ويضيف " فالاسرائيليون على دراية جيدا بشرور الظلم، اليوم (ويقصد هنا أمس الاحد)، نحن أطباء على نهاية سلسلة من جرائم القتل البشعة، والانتعاش والخراب. الوقاية من كل هذه الأشياء هي في أيدي السياسيين الذين يقبلون بسخرية هذه المهزلة". وزاد " صراحة، أتساءل كيف لعدد من الحكام أن يأتيهم النوم، أتكلم تحديدا عن هؤلاء الذين يقولون انهم عرب/مسلمون"، قبل أن يجزم "لكن يبدو أن أفواههم مكممة بالاعمال والاموال، حيث لا يظهرون إلا ناذرا، هذا في حال لم يقرروا الاختفاء عن الانظار بصفة نهائية".
أما بالنسبة لليهوديين، والشعوب التي تدعي الحضارة الغربية، يقول الدكتور المغربي "معظمهم خضعوا لغسيل دماغ كلي من طرف الإعلام المهيمن، لا يعتبرون الأخرين بشرا، وتكون اللامبالاة هو تصرفهم الوحيد، قلوبكم أكثر شفقة على ذبح كلب أو قطة، في حين قاسية جدا اتجاه البشر".ويضيف "العدوان سيزيد بدون شك لأن مقاومة الفلسطينيين أكثر تنظيما، لكن وبما أن الإسرائلين يعتبرون أن المقاومة هي فعل إرهابي، ستعمل اسرائيل على حماية السكان، في حين أن يجب علينا الاعتماد على أسلوب الاراضي المحروقة".
الطبيب المغربي في مستشفى الشفاء في غزة، انهى رسالته المؤثرة بأنه لا يستطيع مواصلة الكتابة .. لينهي كلماته ب "أنا أختنق، سأنزل إلى قسم المستعجلات".