صرح الطبيب المغربي نجيب رمزي المتخصص في جراحة الدماغ والذي كان في غزة لمساعدة الأشقاء الفلسطينيين في حوار مباشر أجرته معه إذاعة طنجة ضمن برنامج «صباح الخير من طنجة» أنه كان يوجد في بروكسيل حين بدأ العدوان الإسرائيلي على غزة، وأنه من موقعه هناك، كان يشارك في المظاهرات التنديدية بالعدوان، ومع استمرار توافد الصور المأساوية عن الأطفال الغزاويين الذين تسبب لهم العدوان في إصابات خطيرة، شعر أن دوره كطبيب، يحتم عليه أن يكون أقرب أكثر إلى الأحداث، بالشكل الذي يمكنه من تقديم المساعدة الطبية والعلاجية لكل الغزاويين الذين فرمتهم الآلة العسكرية الإسرائيلية. وعلى الفور شرع الطبيب المغربي في إجراء اتصالات مع منظمات إنسانية بلجيكية وترويجية، لتسهيل مأموريته، وإن كان يؤكد أن ذهابه إلى غزة لم يكن باسم أي منظمة أو هيأة أو جهة، بل كان باسمه الشخصي كطبيب مغربي وحسب. وطوال الخمسة أيام التي قضاها الطبيب المغربي في مدينة العريش المصرية، في انتظار أن يفتح معبر رفح، كان يعاين عن كثب القصف الإسرائيلي لمواقع فلسطينية، إلا أن ذلك لم يثنه عن مهمته. ويضيف الطبيب المغربي نجيب رمزي لميكروفون إذاعة طنجة، أن ما تناقلته القنوات الفضائية من صور رغم دقته هو أقل بكثير مما يراه شاهد العيان على أرض الواقع. أما يوم العبور باتجاه مستشفى الشفاء، فقد كان أكثر لحظات المجازفة صعوبة، حيث تزامن مع قصف شنته طائرات ف 16 الإسرائيلية عى غزة ومحيطها، وهنا لم ينف الطبيب المغربي شعوره بالخوف، فقد كانوا مجموعة كبيرة من الأطر الطبية، يتوجهون إلى مستشفى الشفاء على متن 15 سيارة إسعاف فلسطينية في طريق يمتد على 40 كلمترا، تحفه الدبابات الإسرائيلية التي تقصف كل من يمر دون أن تأذن له، وأنه كان على سيارات الإسعاف أيضا أن تقف بين صفين من الدبابات، دون أن ينزل أحد من السيارة، فمن ينزل يتلقى سيلا مميتا من رصاص المدافع الرشاشة، وحين يوافق الجيش الإسرائيلي على العبور، فهو يطلق إشارة من الدبابة نفسها في شكل طلقة واحدة، تمنح الإذن بالعبور، ولأن موكب سيارات الإسعاف كان كثيرا ذلك اليوم، إرتابت بشأنه الدبابات العسكرية، فظلت كل سيارات الإسعاف محتجزة قرابة ساعة، بين صفين من الدبابات، ينتظرون الموت في كل محطة، دون أن يستطيع أحد الأطباء أو الممرضين أو السائقين النزول للإستفسار، كي لايتلقى رصاصة مميتة. في هذه الأثناء ولأنها التجربة الأولى للطبيب المغربي نجيب رمزي حاول أن يستوعب الأحداث ويقلل من توتره من خلال محاورة السائق الفلسطيني إلى جانبه يحكي الدكتور نجيب لإذاعة طنجة بأسلوب مرح لم تؤثر عليه فظاعة المخاطرة، أنه سأل السائق إن كانوا مهددين في هذه اللحظات، خاصة وأن الجيش الإسرائيلي لم يكن يتورع عن قصف الأطر الطبية، يقول: «كنت أنتظر من السائق الفلسطيني أن يؤكد لي أننا في مأمن، فإذا به يقول مبتسما وفي هدوء شديد: قد نقصف والأمر طبيعي وخلص الدكتور نجيب أن الإيمان بالقضية جعله يصلي ركعتين ويفوض الأمر للّه، ليصلوا في سلامة اللّه إلى مستشفى الشفاء بعد أربع ساعات على الطريق. بعد الوصول يحكي الطبيب المغربي نجيب رمزي أن الأشقاء الفلسطينيين استقبلوه بحرارة وحفاوة بالغة أنسته أهوال الطريق ومخاطره، و حين توجه رأسا إلى قسم جراحة الدماغ للبدء بمباشرة مهامه، طلبوا منه تأجيل ذلك إلى الغد، لكي يرتاح قليلا في اليوم الأول بعد سفر شاق يحفه الموت من كل جانب. وعلى أمواج إذاعة طنجة، دائما واصل الطبيب نجيب رمزي سرد تفاصل حصرية متعلقة بمهمته في غزة، حيث قال إن ما شاهده من إصابات في غزة، يفوق كل ما مر عليه في حياته كجراح، مع أنه كان يتصور أن إصابات الحرب لن تكون كغيرها من باقي الإصابات إلا أن بشاعة القصف الإسرائيلي، إنعكست بشكل واضح على نوعية الإصابات التي كانت تتدفق كالسيل الجارف كل يوم على مستشفى الشفاء، فقد عاينوا حالات أصيب فيها الدماغ بشظايا، وحالات أخرى لجروح بالغة في الدماغ، وحالات بشعة لمن أوصلهم القصف الإسرائيلي