قدم مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية بكلية الآداب بالمحمدية، والخبير البارز في تحليل النماذج الانتخابية، خلاصات أولية للنتائج الإحصائية الخاصة بانتخابات 8 شتنبر. اليحياوي، الذي راكم صيتا بتوقعاته المبنية على تحليل النماذج عام 2016، وأفضت إلى توقع فوز حزب العدالة والتنمية آنذاك بالانتخابات، كان قد توقع أيضا، أن يخسر هذا الحزب حوالي مليون صوت في انتخابات 8 شتنبر. وأظهرت النتائج أن البيجيدي قد خسر بالفعل، حوالي مليون و300 ألف صوت. الأحزاب المليونية بالنسبة إلى اليحياوي، فإن أهم خلاصات انتخابات 8 شتنبر، أن المشهد الحزبي أصبح يتشكل من صنفين من الأحزاب، أولهما: الأحزاب المليونية (تحالف الأغلبية الحكومية المتكون من حزب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال). وصنف ثان يتشكل من الأحزاب التي لم يتعد أقواه 600 ألف صوت، وهو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي مجتمعة لم يتجاوز حجم أصواتها 35% من مجموع أصوات الأحزاب الممثلة في مجلس النواب. كذلك، وفقا للخبير نفسه، فإن ملامح الخريطة الانتخابية تزداد وضوحا بضبط التوزيع المجالي لأحجام أصوات الأحزاب في الاستحقاقات الجهوية ل8 شتنبر. لعل أهم ميزة تتأكد هي هيمنة التحالف الثلاثي (التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال)، بمعدل بين 86% و59% من مجموع الأصوات الصحيحة. عودة الأحرار فضلا عن ذلك، تتضح أكثر مخرجات التنافس المجالي بين التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة خلال انتخابات 8 شتنبر. النتيجة الأهم كما يشرح اليحياوي، بحسب أصناف الدوائر المحلية التشريعية أن التجمع الوطني للأحرار استطاع أن يسترجع عافيته في 35 من أصل 37 دائرة تراجع فيها بطريقة كبيرة في انتخابات 2016 لصالح الأصالة والمعاصرة. تلك الدوائر ال37 كان قد سجل فيها حضورا مستداما منذ 2002 مرورا من 2007 و2011. وقد خسرها لصالح "البام" في 2016. هذه المرة، احتل الأحرار في معظمها المرة الأولى، وفي الآن نفس تراجعت أحجام أصوات البام فيها، وإن تمكن هو أيضا أن يفوز في بعضها بمقعد. بمعنى أن الأحرار استرد من البام ما أخذه منه في 2016 ويقول اليحياوي مفسرا: "نحن أمام ما يصطلح عليه في نظرية اللعب السياسي ب le jeu à somme nulle"، أي لكي يفوز أحد الفاعلين عليه أن يضعف الفاعل الأكثر تنافسية له. حيث المشترك بين الأحرار والبام أنهما يتنافسان على نفس الكتلة الناخبة، أي غير المؤدلجة والأكثر استعدادا لتحديد اختياراتها بناء على التوجه العام للدولة أو بناء على العادة النفعية التي تجعل من الزمن الانتخابي مناسبة للتنشيط الاجتماعي لا أكثر. البطائق الملغاة يبدو من خلال مقارنة البطائق الملغاة في استحقاقات 8 شتنبر مع مختلف الانتخابات التشريعية المنظمة خلال العشرين سنة الأخيرة أن نسبتها كانت عادية، كما يشدد الخبير، وهي أقل من النسبة المسجلة في انتخابات 2011 ب6 نقط، ولا تختلف إلا قليلا على النسبتين المسجلتين في 2002 و2007.