يبدو أن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب الذي أعلنه النظام العسكري الجزائري أمس الثلاثاء، لم يكن مفاجئا للكثير من الأوساط المغربية، التي اعتبرته نتيجة حتمية لتواتر مسلسل التصعيد الذي تبنته الجزائر منذ مدة تجاه المملكة. وفي قراءته للقرار، رأى محمد العمراني بوخبزة، المحلل السياسي وعميد كلية الحقوق بتطوان، أن تسلسل الأحداث في العلاقات المغربية-الجزائرية كان من المفروض إما "أن يأخذ المسار الذي تقدم به المغرب، أي اليد الممدودة والمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة، أو أن يتخذ المنحى الذي اختارته الجزائر والاتجاه نحو القطيعة التامة". وأشار بوخبزة في حديث مع "اليوم 24″، إلى أن تواتر الأحداث كان سيفضي إلى سناريوهين لا ثالث لهما، وهما "إما الاستجابة للنداء المغربي أو القطيعة التي قامت بها الجزائر"، مبرزا أن بوادر القطيعة كانت "واضحة جدا". وأضاف "كنا نقول ربما أن هناك حكماء داخل النظام الجزائري، لكن اتضح أن عقل الحكمة غير موجود الآن، وهذا راجع إلى الوضعية التي تعيشها الجزائر، والاحتقان الاجتماعي الشديد الذي تعانيه ربما لم تعرف في تاريخها احتقانا أشد منه، كما أنها فترة عصيبة بالنسبة للشعب الجزائري". وسجل بوخبزة أن النظام العسكري الجزائري يبحث عن "شرعية افتقدها بحكم أن مطلب الشارع الجزائري أصبح واضحا وهو مطلب الدولة المدنية، وإن تحقق هذا المطلب سيتم تغيير النظام بشكل شامل". وزاد مبينا، من المعلوم أن المؤسسة العسكرية "تتحكم في القرار بالجزائر وإذا تغير النظام إلى دولة مدنية ربما الأمر سيأخذ اتجاهات أخرى"، لافتا إلى أن الجزائر فقدت "الكثير من موقعها ومكانتها على المستوى الدولي والقاري بسبب المعاناة التي يعيشها الاقتصاد الجزائري، بعد انخفاض مداخيل البترول والغاز التي كانت تسمح لها برفع شعارات الفترة السابقة، والقدرة على التدخل بفعل هذه المداخيل". وأكد المحلل السياسي أن هذا الوضع الاقتصادي "الصعب جعل الجزائر تعيش نوعا من الوحدة والانزواء، هي التي كانت سببا واضحا في اتخاذ هذا القرار"، مشددا على أن النظام الجزائري "لا حل أمامه سوى اعتماد نظرية المؤامرة والأيادي الخارجية التي تعبث بالشأن الداخلي والمصالح العليا للبلاد، وهذا أسلوب ونظرية تعتمد فيما يسمى الأنظمة المغلقة التي تلجأ لهذا النوع من الأدوات والأساليب"، وفق تعبيره. كما أشار بوخبزة إلى أن هذا المسار يبقي مرتبطا "نسبيا بما وقع في إسبانيا من دخول إبراهيم غالي بتلك الطريقة، وما خلقه من توتر مع الإسبان والتأثيرات الكبيرة على العلاقات الإسبانية المغربية"، مبرزا أن هناك إشارة من الإسبان بأن "الجزائر ورطتها في الأزمة مع المغرب".