قضاة في محاكم البلاد، يعملون في حالات تناف غريبة، حيث يشتغلون في محاكم يعمل فيها أزواجهم، وأقرباؤهم، وأصهارهم إلى درجة العمومة، أو الخؤولة، أو أبناء الإخوة. يحدث ذلك "دون ترخيص" من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مخالفين بذلك مقتضيات المادة 24 من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة. ومصدر هذه المعلومات ليس تقارير لوسائل الإعلام، أو جمعيات مهنية، بل المجلس الأعلى للسلطة القضائية نفسه. ولطالما كانت صلات القرابة هذه موضع شكاوى متكررة من كثير من المواطنين، ممن يجدون أنفسهم عرضة لتصرفات منافية للقانون تدعمها هذه العلاقات داخل المحكمة نفسها، لكن غالبا ما كان يستخف بهذه الشكاوى. وتنص المادة 24 المذكورة آنفا على أنه "لا يمكن للأزواج، والأقارب، والأصهار إلى درجة العمومة، أو الخؤولة، أو أبناء الإخوة أن يكونوا بأية صفة كانت قضاة بنفس المحكمة، عدا في حالة ترخيص، يمكن منحه بقرار للمجلس الأعلى للقضاء، عندما تشتمل المحكمة على أكثر من غرفة واحدة، أو إذا كانت المحكمة تعقد جلساتها بقاض منفرد، وبشرط أن لا يكون أحد الأزواج، والأقارب، أو الأصهار المشار إليهم أعلاه رئيسا من رؤساء المحكمة. كما لا يمكن، وفق المادة نفسها، في أي حال من الأحوال، ولو بعد الترخيص المذكور أن ينظر الأزواج، والأقارب، أو الأصهار المشار إليهم بالمقطع السابق في قضية واحدة. محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب لهذا المجلس، بعث دورية بنبرة غضب واضحة، إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف، وأيضا، للوكلاء العامين للملك لدى هذه المحاكم، الذين سمحوا بحالات التنافي هذه. والدورية الجديدة، وتحمل رقم 21/22، وبُعثت الأسبوع الجاري، طلبت من جميع القضاة العامل في محاكم الاستئناف، وكذلك في المحاكم الابتدائية، والمراكز القضائية، التابعة لها، بأن "يصرحوا بشرفهم"، وفق نموذج سيتسلمونه مع "إشعار الأمانة العامة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بذلك"، داخل أجل لا يتعدى 9 يوليوز المقبل. وحث عبد النباوي القضاة، أيضا، على إخباره "بشكل منتظم بكل تغيير قد يطرأ على وضعياتهم مستقبلا في هذا الشأن".