وجهت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب انتقادات شديدة لما تضمنه تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، معتبرة أنه جاء بتصور "ذكوري للتنمية"، وأهمل إلى حد كبير قضايا النساء. وسجلت الجمعية، في بلاغ، أن المغرب لم يكن بحاجة إلى تشخيص جديد، بعدما راكم منذ صدور تقرير الخمسينية، عام 2005، ما يكفي من الخبرة، والتجربة في مجال تشخيص الأوضاع، ورسم خارطة الطريق لعدد من القطاعات. مشيرة إلى أن تقرير لجنة المنوذج لم يأخذ بعين الاعتبار رصيد تلك التجارب، قصد توظيفها في بناء نموذج تنموي جديد، معتبرة أن "التشخيص، الذي حمله التقرير جاء مطبوعا بالتجزيء، ومقتصرا في بعض الحالات على "انطباعات" متجاوزة أو غير مبنية على أساس". وقالت الجمعية نفسها إن التقرير اعتمد في معالجته لأوضاع النساء على رؤية، ومفاهيم من زمن آخر، منها اعتبار النساء "فئة"، مثل فئة الشباب، وهي تتكون من الجنسين. في حين أن النساء لسن فئة، ولا قضية اجتماعية – قطاعية تابعة لقطاع الأسرة والطفولة والأشخاص في وضعية إعاقة، كما هو الحال في بلادنا منذ عدة عقود. كما رأت الجمعية أن التقرير قد عمد، خلافا للدستور، إلى "تغييب شبه مطلق للمرجعية الكونية من مضامينه، خاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي يعد المغرب بلدا طرفا فيها". وفي المقابل ترى الجمعية أن التقرير "تطرق إلى الخصوصية الدينية، والثقافية بشكل متكرر، من أجل تبرير المفارقة الماضوية مع التوصيات الخاصة "بتقوية" حقوق النساء وحرياتهن". وأضافت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب أن الإجراء المركزي المقترح في التقرير، والهادف إلى رفع نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء من 18 في المائة، حاليا، إلى 45في المائة بحلول عام 2035، يتجاهل آليات الإقصاء المعقدة، والعوامل الهيكلية، التي تقاوم التفعيل، وهي التي جعلت المغرب يفقد ريادته في المنطقة ليحتل، عام 2020، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، المركز 148، بعد مصر، وتونس، وكذلك الجزائر. وتابعت الجمعية أن التقرير لم يتطرق إلى الوسائل الكفيلة بمحاربة الفقر في أوساط النساء القرويات، اللائي يشتغلن في أغلبيتهن الساحقة من دون أجر، ولا إمكانية الولوج إلى منظومة الضمان الاجتماعي كحق خاص، ولا إلى الأراضي، ووسائل الإنتاج. بينما يقوم التشريع المتعلق بالمواريث، والأراضي الجماعية، والحبوس بالتمييز ضد النساء، بل واستبعادهن بكل بساطة عن التمتع بحقوقهن. الجمعية ذاتها قالت: "لا يعرض التقرير لمختلف أشكال التمييز القائمة على النوع الاجتماعي والمتعلقة بمنظومة المواريث، وبالإبقاء على زواج القاصرات، وتعدد الزوجات، في الوقت الذي تعتبر فيه غالبية النساء من كل المستويات التعليمية والشرائح الاجتماعية، أن هذه المقتضيات تشكل مصدرًا كبيرًا لانعدام الأمن بالنسبة لهن ولأطفالهن، وأنها تمس بكرامتهن ومواطنتهن". ونبهت الجمعية إلى أن التقرير يقترح منح القاضي إمكانية النظر في الإذن بالتعصيب من عدمه على أساس كل حالة على حدة، معتبرة أن هذه التوصية تحمل تناقضا ما يجعلها تدعو إلى سن قواعد مختلفة بالنسبة إلى المواطنات، وفقًا لقدرتهن على التقاضي. كما لفتت الجمعية الانتباه إلى أن التقرير حافظ على عدة "مناطق رمادية"، واكتفى، بالنسبة إلى حقوق النساء باقتراح تدابير متجاوزة، معتبرة أنه التزم الصمت تجاه مشاكل سياسية، ومجتمعية حقيقية، الأمر الذي يساهم في فقدان الثقة من طرف المغربيات، والمغاربة، ممن يرون مجددا بأن مواطنتهم موضوع تنازلات، وتوافقات، يقول البلاغ. وخلصت الجمعية إلى أن التقرير لا يعني المغرب، الذي نريده "لفتيات، وشابات اليوم، وفي أفق عام 2035، ذلك، لأن هذا الأفق، بناء على ما يدعو إليه التقرير، لا يبدو منتشلا للمغربيات من قيود مدونة الأسرة، ومن الوصاية، والعنف والحد من حريتهن ومن قدرتهن على القيام بالاختيارات المتعلقة بحياتهن الخاصة، وباعتبارهن مواطنات".