قال مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي في وجدة، إن الشريعة الإسلامية هي التي أسست لمفهوم "المواطنة الحقة، ليس بالشعار، وإنما بالأحكام، والتوجيهات الشرعية"، مؤكدا أن الإسلام نظر إلى الناس على أنهم "جماعة ولم ينظر إليهم على أنهم أفراد". وأضاف بنحمزة، في كلمة، ألقاها في افتتاح القافلة الوطنية للصحراء المغربية في المؤسسات السجنية، اليوم الاثنين، في وجدة، هذا المعنى للمواطنة هو "معنى إسلامي، يجب أن يغذى، ومع الأسف الشديد لا يعرج عليه، ولا يذكر أن الإسلام فيه هذا". واعتبر بنحمزة أن استبعاد المعنى الإسلامي لمفهوم المواطنة يفوت علينا فرصة "تقريب المواطنة للناس بمعناها الديني، التي تصير فيه عبادة"، مبرزا أن الرؤية الإسلامية تتحدث عن "شخص ضمن جماعة، وهذا التضامن مع الآخرين هو الذي نسيمه اليوم المواطنة أخذا من معنى الوطن". وسجل بنحمزة أن الوطن "لفظ قرآني، فيه معنى لغوي جميل هو الثبات"، مشددا على أن الذي ينتمي إلى أرض "لا يبيع نفسه ولا يبيع وطنه، فمن معاني المواطنة هذا الاستقرار والتشبث بالمكان". من جهته، دعا أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إلى اليقظة وتحديد التكوينات والعلوم، التي تلزم في ضمان وحدة الأمم، وتماسكها، مشددا على أن هذا الأمر ضروري لحفظ عقد الأمة من "الانفراط". وأشار عبادي إلى أن ثمة "اختراقات تتم، يوميا، من أولي الأجندات، الذين يريدون فعلا أن يقوموا باختراقات لهذا التماسك، ولهذا البنيان المرصوص"، وحذر من أن هذا الاختراق تكون له "منافذ منها ما هو نفسي، وما هو عقلي، وما هو اجتماعي، واقتصادي، ومنها ما يمس القوة الاقتراحية حتى في مجالات التشريع، والتنظيم من أجل أن ينفرط هذا العقد". واعتبر عبادي أن الحقوق التضامنية تتظافر فيها "الحقوق، والواجبات، وإذا لم يؤد الإنسان واجبه لا يمكن أن يطالب بحقه في التضامن"، لافتا الانتباه إلى أن الحق في التنمية المستدامة "لا يمكن أن يطالب به الإنسان، وهو لا يقوم بما ينبغي، ولا يبذل الجهد لكي يحقق التنمية، والحق في البيئة السليمة وهو من الحقوق التضامنية إذا لم يكن هو حاميا للبيئة، وقائما بواجباته في هذا المجال، وإلا كيف ينتظر أن يعطى له حق من هذه الحقوق؟". وشدد عبادي على أن الأمة، التي لها "مسارها، ولها واجباتها وراء إمامها وموحدة كالجسد الواحد، لا يمكن بأي حال أن يسمح بأن يعمد أحد إلى قطع ظفر من أصبع صغير من هذا الجسم، فكيف بقطع رجل أو يد من هذه الأمة"، في إشارة إلى استماتة المغرب في دفاعه عن وحدته الترابية. وبين عبادي أن حماية هذه الوحدة، التي تسمى أمة، وتقودها إمامة (الملك) "هو الذي يعطي لهذا البلد تميزه، فالقضية ليست فقط حدود وقيام بواجبات سياسية مواطنة ثقافية اقتصادية.. القضية أخطر، وأعظم من ذلك هو مفاعل نوراني أمني سلامي"، وفق تعبيره. أما صالح التامك، المندوب السامي لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فأكد أن الوطنية، والتشبع بقيم المواطنة "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستثنى منها فئة المواطنين السجناء"، معتبرا أن حقهم في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية كقضية وطنية ذات أولوية قصوى "حق مكفول لهم، أيضا، ومن شأن ذلك تعزيز روح المواطنة لديهم، والإسهام في تأهيلهم لإعادة الإدماج". وأضاف التامك أن المندوبية كرست هذه المقاربة ضمن برامجها، وأنشطتها التأهيلية، مذكرا ببرنامج الجامعة في السجون، الذي كان موضوع دورته الأولى "المواطنة مدخل للإدماج"، فيما تمحورت دورته الأخيرة، التي نظمت هذه السنة حول موضوع "القيم المجتمعية، وتأهيل النزلاء للإدماج". وأعلن التامك أن انطلاق هذه القافلة من السجن المحلي "وجدة 2" في اتجاه السجن المحلي بالداخلة مرورا ب18 مؤسسة سجنية بمختلف جهات المملكة، والتي ستنظم خلالها مجموعة من الأنشطة الثقافية، الفكرية، والرياضية، إضافة إلى تنظيم سلسلة من اللقاءات، والندوات حول موضوع الصحراء المغربية، يؤطرها أساتذة، وخبراء، وفاعلون جمعويون، وذلك في مختلف المؤسسات السجنية، التي تندرج ضمن مسار القافلة. وأشار التامك إلى أن القافلة المنظمة تحت شعار "القضية الوطنية: انتماء واعتزاز" تدخل في إطار تعزيز البرامج التأهيلية الموجهة إلى فائدة السجناء، خصوص منها تلك التي ترتكز على تكريس القيم ضمن دعامات الاندماج في المجتمع، حيث سيشارك فيها أكثر من 5 آلاف نزيل بمختلف فئاتهم العمرية، وستدعم هذه المبادرة الرمزية النجاحات، التي حققتها المملكة في مختلف المحافل، والمجالات.