بعد زمن من السبات السياسي، يتطوع عبد اللطيف وهبي، زعيم حزب الأصالة والمعاصرة، لإحياء سنة "الأحد الساخن"، التي سنها صديقه الحميم عبد الإله بن كيران، وكان الجميع حينها يعيب على هذا الأخير اشتغاله في الحكومة خمسة أيام، وانتقاله إلى المعارضة، في عطلة نهاية كل أسبوع، مقلبا أوجاع المشهد السياسي، وموجها سهام النقد إلى كل اتجاه، ومن دون اتجاه أحيانا. لماذا اختار وهبي مهاجمة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في عطلة نهاية الأسبوع، بعبارات تنتمي إلى قاموس "ثقيل"، ومن خلاله اتهامات مبطنة إلى جهات، دون تسميتها، توفر الغطاء لحزب التجمع الوطني للأحرار، في تسخينات سابقة لأوانها، تحضيرا للانتخابات المقبلة؟ قد لا يحار المرء كثيرا في الجواب عن السؤال، أو بالأحرى تقديم الفرضيات حول المؤشرات، التي أوجعت وهبي، وقضت مضجع حزب الأصالة والمعاصرة، الحزب الثاني بعدد 102 من المقاعد في البرلمان، بعد حزب العدالة والتنمية. البام ، ووهبي في مقدمته، يعلمان أن المساحة، التي يحتلها في المشهد السياسي ليست حقيقية، بل هي اقتطاع، واحتلال لمساحات أحزاب أخرى، ذلك أن المساحة، التي تحتلها السياسة برمتها لا تتغير، إنما تخضع في كل انتخابات لتقطيع جديد، يقتطع دوائر من هذا الحزب لمنحها للحزب، الذي يتم اختياره لمجاراة، ومواجهة توسع "الإسلاميين". وبناء عليه يكون الصراع على كتلة من الأعيان، الذين تم تهجيرهم عام 2016 بالجملة والتقسيط إلى حزب الأصالة والمعاصرة، الذي حظي إلى جانب ذلك بدعم واسع، كشفه ما صار يعرف بمسيرة "ولد زروال"، وحصوله على المرتبة الثانية. وما يتخوف منه حزب الأصالة والمعاصرة هو أن يتحول إلى حزب مصدر للهجرة غير الشرعية، بدل موقعه السابق في استقبال الأعيان، ما سيفرغه، ويضعفه، بعدما بات من المؤكد أن كل المؤشرات تمنح موقعه السابق في مجاراة العدالة والتنمية لغريمه حزب التجمع الوطني للأحرار، ومعه يعرى "البام" من الغطاء نفسه، الذي سيستفيد منه "الأحرار" في انتخابات 2021. والفرضية الثانية تكمن في النزول، الذي قام به عزيز أخنوش، وقيادات من حزبه إلى الدائرة الجنوبية لتارودانت، وتهديد مقعد عبد اللطيف وهبي في عقر داره، وهي وإن كانت فرضية أقل درجة، إلا أن طبيعة الإنزال، التي يقوم بها حزب أخنوش في منطقة سوس ماسة مثيرة للتساؤل، واستهداف هذه المنطقة بتمويل غير مسبوق للمشاريع الفلاحية، وتغول المبادرات، التي تقوم بها "جود"، التابعة للحزب في توزيع المعونات بهذه المناطق. أما الفرضية الثالثة، فتكمن في سعي عبد اللطيف وهبي إلى بحث سبل التفاوض حول موقعه في انتخابات 2021، التي يتوقع أن تمنح الأحزاب السياسية أحجاما متقاربة، بعد المصادقة النهائية على القوانين الانتخابية، وعلى القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، الذي لم تر فيه المحكمة الدستورية ما يخالف فصول الدستور. ووهبي يرى أنه أولى بالدور، الذي يراد أن يناط بحزب أخنوش، لأنه كان أكثر حضورا في الدفاع عن القاسم الانتخابي، بخرجات ومقالات، وحتى باستباق موقف المحكمة الدستورية في مقال نشره على موقع حزبه، في أكتوبر الماضي، يؤكد فيه أن المحكمة الدستورية كانت لها سابقة في الموضوع، وأنها ستعتبر القاسم الانتخابي شأنا يخص المؤسسة التشريعية، والمشرعين، وبالتالي ستحكم بما حكمت، وهو عدم مخالفته لبنود الدستور. وبما أن أحجام الأحزاب السياسية ستكون متقاربة، وعزيز أخنوش يحمل في سيرته نقاط ضعف لجمعه بين السياسة، والثروة، وأيضا تعرضه لمقاطعة عصفت بالاستقرار الاقتصادي، ووضعت الدولة على المحك، وبما أنه، أيضا، مثار جدل، بسبب أسعار المحروقات، وقضية 17 مليار سنتيم، التي أثارها البرلمان، بعد إيفاد لجنة استطلاعية في الموضوع، يكون باب الاحتمالات حول انتخابات 2021 مفتوحا على مصراعيه، ما سيجعل الصراع يحتدم حول من يخلف حزب العدالة والتنمية، الذي تبدو جميع المؤشرات دالة على عدم ترؤسه للحكومة المقبلة، حتى وإن حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات.