مع صدور أي حكم جديد بالاعدام من طرف القضاء المغربي، يعود الجدل، الذي يرافق هذه العقوبة، ومعه مطالب الفاعلين الحقوقيين والسياسيين بإلغائها، على الرغم من أن المغرب توقف عن تنفيذها. وفي السياق ذاته، أصدرت عدد من الهيآت ضد عقوبة الإعدام، من بينها برلمانيون، خلال الأسبوع الجاري، بلاغا، قالت فيه أنها تابعت صدور الحكم بالإعدام عن محكمة الاستئناف الجنائية في طنجة، في حق المتهم بقتل الطفل عدنان، لتطوى المحاكمة الابتدائية على وقع حكم قتل القاتل المشتبه فيه، معتبرة الحكم "عمل بالمقاربة الانتقامية، التي ناصرتها أصوات الشارع، واتجهت نحو المطالبة المتطرفة، الداعية إلى تنفيذ الإعدام حتى قبل صدوره والنطق به". وأوضحت الهيآت ذاتها أنه سبق لها أن توجهت إلى الرأي العام، قبل شهور، معلنة استنكارها للجريمة في حق الطفل عدنان، وتضامنها مع عائلته، والتأكيد على موقفها المبدئي، الرافض للإفلات من العقاب، وشددت على عدم التأثير في مسار الملف، وهو بين يدي القضاء. الهيآت ذاتها أكدت مطالبتها بإلغاء عقوبة الإعدام، التي أضحت عقوبة غير دستورية، تتنافى والمادة العشرين من دستور المغرب، كونها عديمة الأثر، والجدوى للحد من ظاهرة الجريمة، ومتنافية مع حماية الحق في الحياة، والكرامة المتأصلة في كل إنسان. كما طالبت الهيآت نفسها بعدم جواز الإبقاء على عقوبة الاعدام بعد توصيات هيأة الإنصاف المصالحة، ورأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قبل سنوات، فضلا عن كونها تعكس ضعف منظور السلطات العمومية لموقع العقاب فلسفيا، وحقوقيا، ومجتمعيا في مجال السياسة الجنائية. واعتبرت الهيآت ذاتها أن أول حكم بالإعدام، في مطلع العام الجاري، باعث قلق جدي، وجديد، يلتقي مع موقف امتناع المغرب في شهر دجنبر من العام الماضي، عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخاص بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام على الصعيد الدولي، ومع التردد السياسي والتشريعي للمؤسسة البرلمانية، وللسلطات العمومية لتسريع دينامية إلغاء هذ العقوبة، والخروج من بؤر الانتظار بدعوى "إنضاج النقاش" حول الإلغاء. وقالت الهيآت الموقعة أن كل المظاهر المذكورة تجر المجتمع رغما عن أنفه نحو مواقف التشنج، والانتقام، ولغة القتل، التي لا تنسجم لا مع تاريخه، ولا مع تضحياته، ومكتسباته، ولا مع نضج، وذكاء مجتمعه المدني، والحقوقي، كما تأمل أن تتولى محكمة الاستئناف بالدرجة الثانية إعادة النظر في قرار الغرفة الابتدائية بما يكرس، ويتجاوب مع جوهر المادة العشرين من الدستور، ويرفع مستوى الأمن القضائي حماية للحق في الحياة.