مرة أخرى يسجل التلاميذ المغاربة نتائج متأخرة في الاختبارات الدولية، وآخرها هذه المرة اختبار TIMSS 2019، الذي جرى الإعلان عنه مؤخرا، فرغم التحسن الطفيف المسجل مقارنة مع آخر اختبار جرى في 2015، فإن التلاميذ المغارب في المستوى الرابع ابتدائي، وتلاميذ السنة الثانية إعدادي، جاؤوا في الرتب الخمس الأخيرة في الاختبار الدولي الذي يركز على تقييم المعرفة في مجال الرياضيات والعلوم. بخصوص تلاميذ المستوى الرابع ابتدائي حصل المغاربة على 383 نقطة بعيدا عن معدل TIMSS، الذي حُدد في 500 نقطة، ما جعل المغرب يحتل الرتبة 54 من 58 دولة، وحلت معه الكويت في الرتبة عينها، وفي الرتب الأخيرة حلت جنوب إفريقيا وباكستان والفلبين، في حين تفوقت عليه دول مثل السعودية وعمان وقطر والبحرين والإمارات. أما الدول التي حققت المراتب الأولى في الرياضيات وتجاوزت المعدل، فهي سنغافورةهونغ كونغ، كوريا الجنوبية، تايوان واليابان، بمعدلات تفوق 600 نقطة. وفي مجال العلوم، جاءت نتائج نفس تلاميذ الرابع ابتدائي مخيبة، حيث حلوا في الرتبة الرابعة ما قبل الأخيرة ضمن الدول المشاركة، ب374 نقطة، متقدمين فقط، على جنوب إفريقيا والباكستان والفلبين، ومسبوقا بدول مثل الكويت والسعودية وعمان وقطر والإمارات. في حين حلت الدول الأسيوية المذكورة سابقا في الرتب الأولى، إضافة إلى روسيا. أما تلاميذ السنة الثانية إعدادي، فقد حلوا في المرتبة الأخيرة في الرياضيات، بمعدل 388 نقطة، مسبوقين بدول مثل جنوب إفريقيا والكويت والسعودية وعمان ومصر والأردن ولبنان وقطر والإمارات والبحرين. أما في العلوم، فحلوا في الرتبة الرابعة قبل الأخيرة، متقدمين فقط على مصر، لبنانوجنوب إفريقيا. وحسب عبدالناصر الناجي، الخبير التربوي ورئيس "الجمعية المغربية لتحفيز جودة التعليم"، فإن هذه النتائج تظهر "تحسنا طفيفا في النتائج العامة قياسا إلى سنة 2015 التي عرفت هي، أيضا، تحسنا ملحوظا مقارنة مع سنة 2011′′، غير أن هذا المعطى "لم ينعكس بالقدر نفسه على ترتيب المغرب، نظرا إلى المنافسة القوية بين الدول المشاركة". بالمقابل، فالمغرب، حسب الناجي، يظل ضمن دائرة الدول التي من المحتمل أن تعجز عن تحقيق أحد مؤشرات الهدف 4.1 من أهداف التنمية المستدامة بحلول سنة 2030، وهي النسبة المئوية للمتعلمين الذين يتوفرون على الكفايات الدنيا في الرياضيات، بحيث أن هذه النسبة تصل إلى 90 في المائة في المتوسط الدولي، لكنها تتأرجح بالنسبة إلى المغرب ما بين 41 و48 في المائة، وبقيت مستقرة مقارنة مع 2015 مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في العلوم في الابتدائي بلغ سبع نقط. أما نسبة التلاميذ الذين يتحكمون في الكفايات المتقدمة، فقد ظل في مستوى الصفر في السنة الثانية إعدادي في كلتا المادتين الرياضيات والعلوم، "لكن جرى تسجيل بعض التقدم على مستوى الابتدائي، بحيث بلغ 1 في المائة في الرياضيات و2 في المائة في العلوم". ويُعزى التحسن العام الطفيف، حسب الناجي، إلى "تحسن ظروف اجتياز الاختبارات الدولية عموما والإعداد الجيد لها وتحسيس الأطر التربوية والمتعلمين بأهميتها"، لكن يبدو من القراءة الأولية للمعطيات أن "العوامل المؤثرة في التحصيل الدراسي ظلت كما كانت عليه سنة 2015". مثلا، لم تنخفض نسبة من لم يلجوا قط التعليم الأولي سوى بنقطتين، الشيء الذي لم يترك أي أثر إيجابي على التحصيل الدراسي للمتعلمين، وظلت نسبة التلاميذ الذين يدرسون في مدارس تعاني من مشاكل انضباطية تراوح 50 في المائة، كما ظل تكوين المدرسين المتخصصين في المواد التي يدرسونها ضعيفا بحيث لم يتجاوز 3 في المائة. وأكد نحو 80 في المائة من المدرسين حاجتهم إلى تكوين بيداغوجي. لكن من المفارقات التي سجلها الناجي، أن نتائج التلاميذ الذين يدرسون في مدارس تشكو من خصاص مهول في الموارد التعليمية "تفوقوا على نظرائهم في المدارس التي لا تشكو من أي خصاص بفارق كبير بلغ 144 نقطة". ومن أجل تحسين مستدام لنتائج المغرب دعا الناجي إلى تحفيز العوامل الخارجية المرتبطة بالأسرة كالتعلم بالقدوة وتوفير موارد التعلم بالبيت وتشجيع الأبناء على القيام بأنشطة تعليمية في الطفولة المبكرة، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، والأمن في محيط المدارس وداخلها، واعتماد مقاربات تربوية لمعالجة السلوكيات المنحرفة. أما التحكم في العوامل المؤثرة الداخلية المرتبطة أساساً بمدى تأهيل المدرسة، وتوفير ظروف العمل الملائمة، وإعداد أطر التدريس من خلال الاهتمام بالأطر الجديدة والرفع من المستوى الأكاديمي والتركيز على التكوين البيداغوجي، وتطوير الممارسات البيداغوجية، "فتقتضي استراتيجية قطاعية واعية بالأولويات والفرص المتاحة والمخاطر". للإشارة، فإن النتائج التي حصل عليها التلاميذ المغاربة، لم تكن مفاجئة، بعدما سبق لهم أن حصلوا على رتبة متأخرة في الاختبار الدولي PISA، الذي أُعلن عنه السنة الماضية، والذي تجريه منظمة OCDE، بمشاركة تلاميذ من 79 دولة. وحل المغرب متأخرا في الرتبة 74 من أصل 79 دولة، متقدما فقط على الفلبين وجمهورية الدومينيكان، وكوسوفو ولبنان، في حين أن الرتبة الأولى كانت للصين ثم سنغافورة ومكاو وهونغ كونغ، ثم إستونيا وكندا وفنلندا وإيرلندا، وهي دول تفوقت على أنظمة تربوية عريقة في أمريكا وكندا وألمانيا. وأظهر اختبار PISA أن التلميذ المغربي يجد صعوبة في فهم القراءة باللغة العربية، واستغلال الفهم واستعمال أفكار أخرى لشرح واستثمار ما قرأه، وحصل التلاميذ المغاربة في مجال القراءة على مجموع 359 نقطة، أي أقل من المعدل الدولي 487 نقطة، في حين بلغ أعلى معدل 555 نقطة سجلتها الصين. وفي اختبار الرياضيات، حصل المغاربة على 368 نقطة مقابل معدل دولي بلغ 489 نقطة. وحققت الصين أعلى أداء ب591 نقطة. وفي مجال العلوم، حقق التلاميذ المغاربة 377 نقطة، أقل من المعدل الدولي 489 نقطة، في حين حققت الصين أعلى مستوى ب590 نقطة.