انطلقت مجددا فصول أولى جلسات التحقيق في ملف أكبر عملية نصب عقارية شهدها المغرب، والتي بلغ مجموع الأموال التي جرى الاستيلاء عليها أزيد من 72 مليارا، في قضية الشركة العقارية "باب دارنا"، والتي تبين أنها شركة وهمية، رغم إدراج إشهارات لها عبر قنوات عمومية رسمية، ومشاركتها في المعارض المخصصة للعقار وطنيا ودوليا. وقررت محكمة النقض بالرباط رفض الطعن الذي تقدم به دفاع المتهم الرئيس الموجود رهن الاعتقال على ذمة القضية، والذي جاء بعد قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية الزجرية عين السبع بإحالة الملف على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف لعدم الاختصاص لوجود أفعال ذات طبيعة جنائية، وهو القرار الذي أيدته الغرفة الجنحية، رافضة بذلك الطعون التي تقدم بها دفاع المتهمين، مثبتة تبريرات قاضي التحقيق بوجوب إحالة الملف على المحكمة الجنائية لطبيعة التهم التي يواجهها المتهمون، ضمنهم الموثق الذي ارتكزت عليه تفاصيل التحقيق المنجز في النازلة، والمفضي إلى خطورة التهم وتطابقها مع فصول بالقانون الجنائي. وبقرار محكمة النقض رفض الطعون في إحالة الملف على محكمة الجنايات، فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أحال القضية على قاضي التحقيق الذي باشر التحقيقات الأولى بالتأكد من المعلومات والمعطيات المتعلقة بالمتهمين، في انتظار انطلاق التحقيق التفصيلي في القضية التي أثارت موجة احتجاجات وسخط كبير، خاصة لدى مئات الضحايا الذين دأبوا على تنظيم وقفات احتجاجية للتذكير بقضيتهم والمطالبة باسترجاع أموالهم، وتتبع مسار المحاكمة التي أوقفت عدادها الجائحة العالمية التي ضربت المغرب منذ مارس الماضي، والتي لازالت تفرض على المغرب ظروفا استثنائية في مجموع المجالات، ضمنها القضاء الذي اختار تحريك عجلة المحاكمات عن طريق تدبير المحاكمة عن بعد. ونبه المحامي مراد العجوطي عن هيئة دفاع ضحايا شركة "باب دارنا" الوهمية، إلى أن بعض الممتلكات والعقارات بالشركات التي يملكها المتهم الرئيس لازالت جارية، وهو ما يجب الوقوف ضده وتوقيف جميع المعاملات وتجميدها إلى حين البت في الملف. وأوضح العجوطي في اتصال مع "أخبار اليوم" أن الدفاع بصدد وضع طلب لدى قاضي التحقيق للإشارة إلى الأمر، خاصة وأن قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية عين السبع سبق له أن أمر بالتحفظ على جميع أموال المتهم وممتلكاته، غير أن الشركات الأخرى لم يطلها القرار، وبالتالي، فقد رأى الدفاع تتبع الأمر وتنبيه قاضي التحقيق للمسألة لاتخاذ المتعين. وبالموازاة مع انطلاق أولى جلسات التحقيق في القضية لدى محكمة الاستئناف، نظم ضحايا أكبر عملية نصب عقارية، وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة بالدار البيضاء، متسائلين عن مصير أموالهم التي سلموها للشركة الوهمية، ومطالبين بالتدخل الملكي لإيجاد حلول مرضية، خاصة وأن بينهم من سلم عائدات مجهود عمر بأكمله مقابل الحصول على بيت أو شقة، ليتبخر كل شيء، في فضيحة كبرى هزت الميدان العقاري بالمغرب. وفجرت قضية الشركة العقارية الوهمية "باب دارنا" تساؤلات كبيرة حول الطريقة التي جرى النصب بها على الضحايا، خاصة وأن هناك عقودا أشرف عليها موثق، ومبالغ مالية متحصلة من الزبناء تناهز 72 مليار سنتيم، وإشهار للشركة وعروضها، شاهده جميع المغاربة عبر قطب الإشهار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الذي مرر الإشهار للقنوات. وتعود فصول القضية إلى تقاطر الشكايات على المحكمة والضابطة القضائية، خاصة بعد تواتر أنباء اعتقال المتهم الرئيس الذي أسس ثلاث شركات ضخمة، وأنشأ إمبراطورية عقارية وهمية، لم تستثن من ضحاياها ملاك عقارات، وكوادر وطنية بداخل المغرب وخارجه، مما جعله يراكم ثروة تعد بالملايير، حيث تجاوز عدد الضحايا 800 شخص، مما جعل وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية عين السبع بالدار البيضاء يأمر بإحالة الملف على قاضي التحقيق الذي احتفظ بالمتهم الرئيس رهن الاعتقال الاحتياطي، واسترسل في الاستماع إلى الضحايا، وهي العملية التي أسقطت خمسة مسؤولين إضافيين، وتم وضعهم رهن الاعتقال بدورهم، انضاف إليهم المدير العام المساعد للمجموعة، قبل أن يصدر قاضي التحقيق قرارا بعدم الاختصاص وإحالة الملف على محكمة الجنايات التي أطلقت أولى فصول متابعتها للملف لدى قاضي التحقيق، بأمر من الوكيل العام للملك.