كما كان متوقعا، فتح قرار الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، أول أمس الأربعاء، بتأييد قرار عدم الاختصاص من طرف قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية، وإحالة الملف على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، بعد تكييفه للتهم على أنها جنايات، الطريق نحو تحريك مساطر الاستماع إلى رؤساء جماعات وباشوات وقياد وأعوان سلطة، وموظفين بوزارة الداخلية، إضافة إلى ملاك الأراضي، في قضية الشركة الوهمية «باب دارنا»، في أكبر عملية نصب عقاري في تاريخ المغرب، والتي بلغت المبالغ المستحوذ عليها في المجموع 72 مليار سنتيم. وحسب مصادر من دفاع الطرف المدني، فإن قرار «الغرفة الجنحية»، غرفة المشورة سابقا، قضى بقبول عدم الاختصاص الذي أصدره قاضي التحقيق في المحكمة الزجرية الابتدائية، التي تبين لها تورط المتهمين، وعلى الخصوص الموثق في أفعال ذات طبيعة جنائية، وبالتالي ستتم إحالة الملف على الوكيل العام للملك الذي سيحيله بدوره على قاضي التحقيق، الذي له الصلاحية الكاملة في نقطة الانطلاق في تحقيقه التفصيلي والتكميلي في الملف، وفق المساطر، علما أن قاضي التحقيق السابق أن أشرف على نهاية أبحاثه في الملف قبل أن يخلص إلى عدم الاختصاص بناء على مذكرة من دفاع المطالبين بالحق المدني. وكشفت مصادر «أخبار اليوم» أن وكيل الملك كان قد أحال شكاية تتضمن توقيع 147 ضحية بخصوص طلب فتح تحقيق حول رؤساء جماعات ومسؤولين بالسلطات المحلية، خاصة بمنطقة بوسكورة و2 مارس، وأيضا ملاك أراضي، على اعتبار أن الشركة العقارية الوهمية «باب دارنا» كانت قد وضعت مكاتب لها بترخيص من هؤلاء المسؤولين وبتواطؤ معهم، وهو ما جعل الضحايا يصدقون الأمر أثناء زيارتهم للمواقع ومعاينة المكاتب أمام السلطات المحلية. وأضافت المصادر ذاتها أن دفاع الضحايا كان قد تقدم بشكاية في الموضوع لدى الوكيل العام للملك، وأمر بإحالتها على وكيل الملك للاختصاص، ليحيلها الأخير على ولاية أمن الدارالبيضاء يوم 20 يناير المنصرم، غير أن التطورات الأخيرة فتحت الباب على مصراعيه لفتح تحقيق في الموضوع الذي قد يطيح بمتهمين آخرين في الملف، بالإضافة إلى توريط المتهمين الرئيسييين الموجودين رهن الاعتقال الاحتياطي بالمركب السجني «عكاشة». وأفادت المصادر عينها أن الدفاع سيتقدم بمذكرة إلى قاضي التحقيق بغرفة الجنايات لفتح تحقيقات جديدة حول المسؤولين المعنيين بتسهيل عملية النصب التي قادتها الشركة الوهمية «باب دارنا»، عبر التقصير في أداء المهام الملقاة عليهم كمسؤولين تابعين لوزارة الداخلية، وما تحتاجه تعاملاتهم مع أي شركة من الحصول على وثائق تأكيدية، مشيرة إلى أنه لم تجر مراعاة المساطر المعمول بها قانونية في هاته النازلة. كما أن الضحايا البالغ عددهم 147 شخصا، سيتوجهون إلى ولاية الأمن قصد فتح محاضر الاستماع إليهم بخصوص الموضوع وتأكيد جديته، وهو الأمر الذي ظل جامدا إلى حين حسم غرفة المشورة في مصير الملف. وكان قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء قد أصدر قرارا بعدم الاختصاص في الملف، رغم قطع أشواط كبيرة فيه، وذلك بناء على مذكرة من دفاع الطرف المدني، والتي بنت على تعاملات الموثق وربطتها بفصول متابعة ذات طبيعة جنائية، وهو ما أقنع قاضي التحقيق، الذي قرر عدم الاختصاص وإحالة الملف على محكمة الجنايات، غير أن دفاع المتهمين تقدم بالطعن في القرار، مما جعل الملف يحال على الغرفة الجنحية للبت فيه، بعد مرافعات دفاع الطرفين وأيضا النيابة العامة، التي أبرزت أن طبيعة التهم الموجهة للمتهمين ذات صبغة جنائية، لتتخذ الغرفة قرارها بقبول عدم الاختصاص وإحالة الملف على الوكيل العام للملك، قصد إحالته على قاضي التحقيق لمباشرة التحقيق التفصيلي في القضية.