حالة من الاحتقان الشديد تسود بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والطلبة المهندسين، بعدما عمد الطلبة المحتجون، منذ الأربعاء الماضي، إلى مقاطعة الدروس وخوض إضراب عام، تسبب في شل المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية "إينسا" بمدن فاس وطنجة وتطوان والقنيطرة وخريبكة والجديدة وبرشيد ومراكش وبني ملال وأكادير وآسفي والحسيمة، فيما هددوا بمواصلة أشكالهم الاحتجاجية، خلال الأسبوع الجاري، ردا، كما يقولون، على صمت الوزارة، وممارسة مزيد من الضغط عليها للجلوس معهم إلى طاولة الحوار، وفتح ملف إصلاح منظومة التكوين والبحث العلمي بمدارس العلوم التطبيقية للمهندسين. وفي هذا السياق، قالت كنزة بنكيران، طالبة من فاس وعضو التنسيقية الوطنية لطلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بالمغرب، إن احتجاج طلبة هذه المدارس ب13 موقعا موزعة على مختلف المدن التي أحدثت بها مدارس "إينسا"، جاء "تعبيرا منا عن غضبنا الشديد وقلقنا المتزايد على مستقبل التكوين للمهندس المغربي بالمدارس الوطنية للعلوم التطبيقية، بعدما اختارت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي طريق إغراق الجهات بالمدارس التطبيقية بدون مراعاة شروط وجودة التكوين العلمي والتطبيقي"، في إشارة من المتحدثة إلى اعتزام وزارة أمزازي إحداث مدرسيتين جديدتين للعلوم التطبيقية بكل من مدينتي مكناس وسيدي إفني. وزادت بنكيران بأن "مدارس العلوم التطبيقية بمدن فاس وطنجة وتطوان والقنيطرة وخريبكة والجديدة وبرشيد ومراكش وبني ملال وأكادير وآسفي والحسيمة، تفتقر إلى البنيات التحتية والأدوات التكنولوجية والعلمية لتكوين مهندس دولة بكفاءة عالية"، مشددة على أن "هذه المدارس تعاني من خصاص كبير في أقسام الأعمال التطبيقية، خصوصا في بني ملال وبرشيد، علاوة على غياب الأقسام الداخلية التي كان بإمكانها أن تحل معضلة التكوين الحضوري في ظل جائحة كورونا". هذا وتعيش كل المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية بمختلف جهات المغرب على إيقاع الاحتجاج، حيث نفذ الطلبة المهندسون إضرابهم العام ومقاطعة الدروس منذ يوم الأربعاء الماضي، بالتزامن مع وقفات احتجاجية داخل مدارسهم، إذ رفعوا شعارات مناوئة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي اتهموها بإغراق الجهات بشكل عشوائي، كما يقولون، بمدارس وطنية جديدة للعلوم التطبيقية، هذا في الوقت الذي تعاني فيه المدرسة المحدثة سابقا من خصاص في أبسط الشروط والضوابط الأساسية لتكوين مهندس الغد، القادر على ولوج سوق الشغل ومواكبة التحديات الاقتصادية الوطنية والعالمية، فيما انتقدت بقية الشعارات قرارات وزارة أمزازي الأخيرة؛ منها الرفع من عدد المقاعد المفتوحة في وجه الطلبة الجدد برسم سنة 2020-2021، حيث طالبوا الوزارة بعودة اعتماد الاختبار الكتابي للولوج، بعدما حذفته الوزارة مكتفية بالاختبار الشفوي، غير أن هذا المطلب تسبب، بحسب مصادر "أخبار اليوم"، في ردود أفعال متباينة داخل طلبة المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية، بين مؤيد ومعارض، إذ اتجه رأي غالبيتهم إلى أهمية الاختبارات الشفوية في فرز الطلبة الذين يستحقون ولوج مدارس العلوم التطبيقية. وطالبت "التنسيقية الوطنية لطلبة مدارس العلوم التطبيقية بالمغرب"، في بلاغها الذي سبق احتجاجاتهم التي انطلقت منتصف الأسبوع الأخير، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإشراكها في بلورة استراتيجية حقيقية، كفيلة بالنهوض بالتكوين الهندسي في المغرب بصفة عامة، وفي المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بصفة خاصة، كما عبرت، في البلاغ عينه، عن "رفضها التام والقاطع للإنشاء العشوائي وغير المدروس لأي مدرسة جديدة تضاف إلى لائحة المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية الموجودة ب13 مدينة بمختلف جهات المغرب"، حيث طالب بخصوصها الطلبة المهندسون وزارة أمزازي بتوجيه الميزانية المرصودة لإحداث مدارس جديدة إلى الرفع من جودة التكوين بالمدارس الحالية، وتجهيزها بكل متطلباتها العلمية والتكنولوجية، وحجتهم على ذلك عدم توفر بعض المدارس المفتوحة مؤخرا، خصوصا في بني ملال وبرشيد، على مقرات خاصة بها، حيث تم إدماج المدرستين بمقر المدرسية العليا للتكنولوجيا، وهو ما أدى، بحسب بلاغ التنسيقية، إلى إدماج الدبلوم الجامعي للتكنولوجيا "DUT" مع دبلوم مهندس دولة، الذي تصدره المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ENSA، وهو الإدماج الذي سبق للطبلة المهندسين أن خاضوا حوله معارك لإسقاط مرسوم في عهد وزير التعليم العالي السابق لحسن الداودي، الذي تم التراجع عنه تحت ضغط الاحتجاجات في نونبر 2016، بعدما قضى بدمج مدارسهم مع كليات العلوم والتقنيات والمدارس العليا للتكنولوجيا في مدارس موحدة تحمل اسم "البوليتكنيك"، يُورد مصدر من داخل التنسيقية الوطنية لطلبة مدارس العلوم التطبيقية بالمغرب. يُذكر أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي فتحت، خلال الموسم الجامعي الحالي 2020-2021، طبقا للمذكرة رقم 01-218 الصادرة بتاريخ 22 يونيو الماضي، في شأن ولوج المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية "إينسا"، (فتحت) ما مجموعه 4360 مقعدا جديدا وزعت على مدارس مدن فاس وطنجة وتطوان والقنيطرة وخريبكة والجديدة وبرشيد ومراكش وبني ملال وأكادير وآسفي والحسيمة، حيث خصصت لأقسام السنة الأولى 3510 مقاعد؛ حجزت منها نسبة 5 في المائة لفائدة الطلبة الأجانب غير المقيمين بالمغرب، فيما فتحت بالسنتين الثالثة والرابعة 850 مقعدا جديدا. كما اعتمدت الوزارة، لأول مرة في تدبير مسطرة التوجيه لولوج المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية، على منصة القبول الإلكتروني الموحد لحملة البكالوريا في المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المحدود.