بعد إعلان نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، بأن المشاورات حول تعديل القوانين الانتخابية، تجري "حسبما تريده وزارة الداخلية"، أكد رشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، أن وزارة الداخلية محايدة ولم تقترح شيئا على الأحزاب، موضحا، خلال ندوة "المنظومة الانتخابية من زاوية قضايا الساعة"، التي نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بمقرها بسلا، أول أمس الاثنين 26 أكتوبر، أن وزير الداخلية "لم يتقدم للأحزاب بأي مقترح"، بل بالعكس، فقد قال بأنه كان "مجرد كاتب للأحزاب السياسية". وتابع الطالبي أن الداخلية "ليست طرفا"، وأن الأحزاب "وصلت درجة من النضج لتقرر وحدها دون أن يملي عليها أحد شيئا". كما كشف أنه جرى الاتفاق بين الأحزاب على جميع النقط المتعلقة بالانتخابات التشريعية باستثناء نقطتين: الأولى، القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، والثانية، رفع عدد مقاعد مجلس النواب. وبخصوص القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، اعتبر العلمي أن المعني بذلك هي انتخابات 2021، رافضا التحليلات التي ذهبت إلى أن هذا القاسم سينقص من مقاعد حزب معين، لأنه "لا يمكن أن نتنبأ من الآن، من هي الأحزاب التي ستفقد أكبر عدد من المقاعد بسبب هذه الطريقة في احتساب القاسم". العلمي: إما التوافق أو سيأتي حل يتجاوزنا من المبررات التي قدمها العلمي، للدفاع عن احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، أن انتخابات 2016 عرفت إقصاء مليون و182 ألف صوت تحت العتبة، فحزب الأصالة والمعاصرة فاز ب 102 مقعد وحصل على مليون و200 ألف صوت، وهذا يعني، حسب العلمي، أن "حوالي 100 مقعد برلماني جرى إقصاؤها". كما أن هناك حوالي 864 ألف صوت من الأصوات الملغاة التي لا تحتسب في القاسم الانتخابي. وتساءل العلمي "هؤلاء ذهبوا للتصويت ولم يؤخذ صوتهم بعين الاعتبار، فأين سيذهبون؟ "إلى الفيسبوك لأنهم ليس لديهم امتداد في البرلمان". وتحدث العلمي عن فيدرالية اليسار، الممثلة بمقعدين في مجلس النواب فقط، قائلا: "رغم قلتهم لهم صوت مؤثر، فلنتخيل حين يصبحون أكثر عددا". واعتبر العلمي، أن حساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، سيمكن من التعرف على القاسم مسبقا قبل إجراء الانتخابات، وليس بعد إجرائها. وبخصوص من يعتبر أن لوائح المسجلين غير منقحة وتتضمن الأموات، تساءل "كم نسبة الخطأ الموجودة، وهل بسبب ذلك سنتوقف؟"، مضيفا: "قد تكون النسبة 3 أو 5 في المائة، وهذا عادي وسيأتي وقت تنقيح اللوائح". ورغم الخلاف القائم حول القاسم الانتخابي، إلا أن العلمي أكد أن الأحزاب "ستصل إلى توافق إذا حصلت تنازلات"، وتوقع التوصل إلى حل، قائلا: "لا نريد حلا يتجاوزنا، لهذا نبحث عن مخرج دون أن نضع أحدا في حرج". وقال: "بعيدا عن نظرية المؤامرة"، فإن المهم هو "الحد من التباعد بين عدد الأصوات والمقاعد المحصل عليها"، وأنه من الممكن تعزيز التمثلية والمشاركة، للوصول إلى برلمان توجد به ما بين 8 و10 فرق برلمانية و6 مجموعات برلمانية. مكاوي: المغرب مبني على التعددية من جهته، أشار رحال المكاوي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، إلى وجود أزمة ثقة، تفسر عزوف الشباب عن السياسة وعن التصويت، وما يزكي ذلك هو "ضبابية المشهد السياسي"، وصراعات الحكومة. وأشار إلى مقترحات أحزاب المعارضة الثلاثة ومنها حزب الاستقلال التي تستهدف "تشجيع المشاركة وتقوي الأحزاب". وبخصوص الجدل حول القاسم الانتخابي، انتقد طريقة تعامل حزب العدالة والتنمية الذي "يدعي أن هذه الطريقة في احتساب القاسم موجهة ضده"، ويصف القاسم المقترح بأنه "غير دستوري وغير ديمقراطي". وشدد مكاوي على أن المغرب مبني على التعددية، متسائلا: "كيف يسهر رئيس الحكومة على تحضير الانتخابات ويقول هذا الكلام". وحسب المكاوي، فإن حزب الاستقلال "ليس جامدا على مقترحاته"، وأن مقترحه في المذكرة لاحتساب القاسم الانتخابي على أساس الأصوات المعبر عنها، "تغير خلال النقاش، لصالح اعتماد المسجلين". روكبان: لا يمكن الهيمنة على الحقل السياسي من جهته، أكد رشيد روكبان، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن المغرب بحاجة إلى حكومة قوية وبرلمان قوي، وأن الدستور المغربي ينص على التعددية، وبالتالي، "لا يمكن الهيمنة على الحقل السياسي". وقال إن حزبه دافع عن توحيد العتبة، لأنها محددة في 3 في المائة في الانتخابات التشريعية، و6 في المائة في الجماعية، و5 في المائة كعتبة مالية للحصول على دعم الدولة. وقال إنه كلما ارتفعت العتبة الانتخابية، كلما جرى إقصاء عدد أكبر من الأصوات. وبخصوص القاسم الانتخابي، قال إن حزب التقدم والاشتراكية يعرف نقاشا حوله، وأنه منفتح على كل وجهات النظر ويسعى إلى تغليب التوافق. وأشار إلى أن رأي الحزب مضمن في مذكرة أحزاب المعارضة، وينص على احتساب القاسم بناء على الأصوات المعبر عنها، لكنه يناقش الأفكار الأخرى المعبر عنها، ولم ينتقد روكبان مقترح احتساب القاسم بناء على المسجلين. طبيح: المغرب لم يتغير بعد دستور 2011 من جانبه، لاحظ عبدالكبير طبيح، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، بأن المواطن لم يشعر بالفرق بين مرحلة ما بعد دستور2011، وما قبله. فعادة عندما يتم تغيير الدستور في بلد ما، فإنه "يتغير النشاط السياسي، وأدوار الدولة والأحزاب"، لكن الدستور الجديد لم يغير شيئا داخل الأحزاب والدولة ولدى الشعب، وتساءل "ما الفرق اليوم بين حكومة ما قبل 2011 وحكومة ما بعدها". حسب طبيح، فإن "من طبق الدستور هو فقط جلالة الملك"، ففي انتخابات 2011 طبق الفصل 47 وعين رئيس الحكومة من الحزب الأول في الانتخابات، وفي 2016 أعاد تعيين رئيس الحكومة من نفس الحزب الفائز، وحتى عندما فشل رئيس الحكومة في تشكيل أغلبية عين الملك رئيس حكومة آخر من الحزب نفسه، رغم أن دولا مثل إسبانيا إلى الحزب الثاني بعد فشل الحزب الأول. كما أنه منذ 2011، لم تعد القوانين تصدر عبارة عن ظهائر. وبخصوص القوانين الانتخابية، اعتبر أنها سلطة للحكومة وليس للمعارضة، وأن رئيس الحكومة يملك الوسائل لتمرير القوانين، لأن رئاسة الحكومة في دستور 2011، هي مؤسسة قائمة، "فالملك يمكنه إعفاء الوزراء ولا يمكنه إعفاء رئيس الحكومة"، وبالتالي، "يمكن لرئيس الحكومة أن يمرر القانون لأن لديه أغلبية إلا إذا فقد أغلبيته". وبخصوص القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، اعتبر طبيح أنه "إيجابي"، لأنه يضمن التمثيلية، وبخصوص القول بأنه لا توجد دولة واحدة في العالم تعتمده، رد طبيح، بأن "المغرب له خصوصية، فهو البلد الوحيد في العالم الذي فيه استثناءات، فالمغرب الوحيد الذي لم يدخله الإسلام بالسيف، ولم يستمر فيه الاستعمار مدة طويلة، ولم يحتله العثمانيون". وبرر طبيح دفاعه عن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بكون التصويت حق شخصي، وأن "الجلوس في البيت هو مقاطعة وتعبير عن موقف"، وأنه "يجب أن يشعر الناس بأهمية أصواتهم، ويجب أن نهتم بهم وهم في منازلهم لندفعهم للانخراط في الشأن العام". برحو: رسائل سلبية للمواطن من جهته، تساءل عبداللطيف برحو، برلماني العدالة والتنمية، عن الرسائل، التي تبعثها الأحزاب للمواطن من وراء التعديلات المقترحة وخاصة "القاسم الانتخابي"، متسائلا كيف يتم مساواة من ذهب للتصويت ومن لم يذهب؟ فالدستور ينص على أن التصويت واجب وطني، فكيف يستقيم ذلك حين نقرر أنه سواء صوّت المواطن أم لا، فهو يقرر في القاسم الانتخابي؟ واعتبر أن هذه الطريقة في احتساب القاسم "غير موجودة في أي دولة في العالم"، وأنه من الممكن تغيير نمط الاقتراع، والعودة إلى الاقتراع الفردي، بدل اختراع طريقة جديدة يتم فيها توزيع المقاعد جزافيا على اللوائح، في حدود مقعد لكل لائحة حسب ما هو متوفر من مقاعد. وشدد على أن اعتراض حزبه "منهجي ومبدئي"، منتقدا من يرفع شعار الخصوصية المغربية لتبرير القاسم الانتخابي. وحذر من أن توجه معظم الأحزاب إلى تبني هذه الطريقة في حساب القاسم الانتخابي، يفهم منه الرأي العام، بأنه توجه "يستهدف حزب العدالة والتنمية"، معتبرا بأن هذا "يضر بالعملية الانتخابية".