المصائب لا تأتي فرادى، فبعد الحكم عليه ابتدائيا بعشر سنوات سجنا نافذا وغرامة نافذة قدرها مليون درهم (100 مليون سنتيم)؛ شرعت الدولة الفرنسية في إجراءات إسقاط جنسيتها عن المدير السابق للوكالة الحضرية بمراكش، "خ.و" (51 سنة). فقد بلّغه مسؤول دبلوماسي رفيع بقنصليتها في مراكش، مؤخرا، رسالة مكتوبة بسجن "الأوداية"، تمنحه أجلا لا يتجاوز شهرا لإبداء ردّه القانوني على البدء في مسطرة سحب الجنسية الفرنسية منه لإدانته بجناية "الارتشاء"، على خلفية توقيفه في كمين أمني متلبسا بحيازة رشوة مفترضة، عبارة عن شيك بقيمة 886 مليون سنتيم، ومبلغ نقدي ب 50 مليون سنتيم. واستنادا إلى مصدر مطلع، فقد كلفت عائلة المسؤول المعتقل، الحامل لجنسية مزدوجة مغربية فرنسية، محاميا بالطعن في هذه الإجراءات أمام السلطات الفرنسية من أجل وقف قرار تجريده من جنسيتها، على أساس بأن يعلله بأن القضاء المغربي لا يزال لم يصدر ضده، بعد، أي حكم نهائي ضده حائز على قوة الشيء المقضي به. ورجّح المصدر عينه بأن يكون تقديم ملتمسات بتأخير المحاكمة الاستئنافية لإعداد الدفاع من طرف محاميي المتهم الرئيس وزوجته، "ص.ب" (38 سنة)، وصديقه المهندس المعماري "سمير.م.ل" (51 سنة)، المحكوم عليهما في الملف نفسه بخمس سنوات نافذة لكل منهما لإدانتهما بجناية "المشاركة في الارتشاء"، مرده إلى محاولة دفاعه إرجاء مناقشة الملف وإصدار الحكم الاستئنافي في شأنه، إلى حين بت السلطات الفرنسية في الطعن الذي تقدم به أمامها محامي "خ.و". في غضون ذلك، من المقرر أن تعقد غرفة الجنايات الاستئنافية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش، صباح الخميس المقبل، الجلسة الثالثة من المحاكمة الاستئنافية للمتهمين الثلاثة، بعدما كانت رفضت، خلال الجلستين السابقتين، الملتئمتين بتاريخي 23 يوليوز و17 شتنبر المنصرمين، ملتمسين تقدم بهما دفاع المتهم الأول، من أجل إخلاء سبيله ومحاكمته في حالة سراح مؤقت. وكان المتهم الرئيس أُحضر من السجن للجلسة الأولى من المحاكمة الاستئنافية، كما حضرتها زوجته، الموضوعة تحت المراقبة القضائية، بمقتضى الحكم الابتدائي، الذي قضى ضدها أيضا بغرامة نافذة قدرها مليون درهم. وإذا كان المتهم الثالث في الملف تغيب عن أولى جلسات المحاكمة الاستئنافية، ويتعلق الأمر بالرئيس المستقيل من المجلس الجهوي للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالرباط، الموضوع بدوره تحت المراقبة القضائية، بناءً على الحكم الابتدائي، الذي قضى ضده بدوره بغرامة نافذة قدرها مليون درهم، لتكلف المحكمة دفاعه، المحامي حسن السملالي، من هيئة القنيطرة، بإحضاره للجلسة الثانية، فقد تقدم محام جديد يؤازره، خلال الجلسة الثانية، بملتمس بالتأخير للإطلاع على وثائق الملف وإعداد الدفاع. وقررت الغرفة، خلال الجلسة الأولى، استدعاء باقي فريق دفاع المتهم الرئيس وزوجته، ممثلا في النقيب السابق لهيئة المحامين بمراكش، مولاي عبد اللطيف احتيتش، ومحمد كرّوط، من هيئة الرباط، لحضور الجلسة الثانية، بالإضافة إلى المحامي أحمد أبادرين، من هيئة مراكش، الذي ينوب عن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبرانسي المغرب"، التي انتصبت طرفا مدنيا في الملف، وقُضي ابتدائيا لفائدتها بتعويض قدره درهم واحد رمزي يؤديه المتهمون الثلاثة تضامنا بينهم. هذا وكانت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش نطقت، حوالي العاشرة والنصف من ليلة الأربعاء الخميس/ 5 6 فبراير الماضي، بالحكم الابتدائي بعد محاكمة استغرقت سبع جلسات، واستمرت شهرين ونصف الشهر، إذ انعقدت الجلسة الأولى بتاريخ 21 نونبر الماضي، وقضت برفض ملتمس للنيابة العامة بتطبيق مقتضيات الفصل 431 من قانون المسطرة الجنائية ضد زوجة المتهم الرئيس وصديقه المهندس المعماري، والمتعلق باعتقالهما خلال جلسة صدور الحكم، مستعيضة عن ذلك بالاستمرار في وضعهما تحت تدابير المراقبة القضائية، بسحب جوازي سفرهما وإغلاق الحدود في وجهيهما، رافضة ملتمسا لدفاعهما بإرجاع جوازي سفرهما والسماح لهما بمغادرة التراب الوطني، كما رفضت ملتمسا آخر برفع الحجز عن الحسابات البنكية لزوجة المتهم الأول. هذا عن الدعوى العمومية، أما في الدعوى المدنية التابعة، فقد قضى الحكم الابتدائي بعدم قبول المقال الذي كان تقدم به دفاع زوجة المدير لإدخال المشتكي في الدعوى، متهمة إياه فيه ب"الادعاء الكيدي"، ومطالبة بتعويض ضده لفائدتها قدره مليوني درهم (200 مليون سنتيم)، وهو "مقال الإدخال" الذي رفضته المحكمة وقضت بإبقاء صائره على رافعته. وقد رفضت المحكمة، ابتدائيا، المطالب المدنية المقدمة من طرف شركة "زمان بروموسيون"، التي تعود ملكيتها للمشتكي، وهو مستثمر عقاري وسياحي يتهم المدير السابق للوكالة الحضرية بمراكش بأنه ابتزّه وطلب منه رشوة بمليار و300 مليون سنتيم، مقابل الكفّ عن وضع العراقيل الإدارية في طريق إتمام بنائه لعمارة بمراكش، وتسهيل حصوله على الوثائق الخاصة بمشروع سكني آخر بالمدينة نفسها، فيما حكمت على المتهمين الثلاثة بأدائهم على وجه التضامن تعويضا مدنيا قدره 300 ألف درهم (30 مليون سنتيم) لفائدة شركة أخرى، تُدعى DR PROMOTION، يعتبر المشتكي مسؤولا قانونيا عنها.