إذا كان الوضع القائم في منطقة معبر الكركرات في الأقاليم الجنوبية لايزال كما هو إلى حدود منتصف يوم أمس الاثنين، فإن الأحداث في ما يخص البيانات الإخبارية والتوضيحية تعرف تسارعا كبيرا بعد الصفعة التي وجهها رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، ونظيره الإسباني، بيدرو سانشيز، عن بعد أمام الدورة ال75 للجمعية العام للأمم المتحدة يوم السبت الماضي، إلى جبهة البوليساريو. إذ سرعان ما خرجت الجبهة وبعض الجمعيات التابعة، أول أمس الأحد، لمهاجمة المغرب والدول الداعمة له، وإعلانها التصعيد، وتحدي الأممالمتحدة، وعقد العزم على إغلاق الكركرات. لكن الاستفزازات الأخيرة للبوليساريو تؤكد أن الجبهة في مأزق، وتحاول المناورة للعودة إلى الواجهة مع اقتراب مناقشة قضية الصحراء ومجلس الأمن، وصدور التقرير الأممي في شهر أكتوبر المقبل. غير أن رد الأممالمتحدة كان حازما، حيث طالب الأمين العام للأمم المتحدة، البرتغالي أنطونيو غوتيريس، في الساعات الماضية، انفصاليي البوليساريو بعدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارة المنتظمة بالمنطقة العازلة للكركرات. في هذا الإطار، أوضح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في تصريح للصحافة، إن منظمة الأممالمتحدة «على علم بدعوات» انفصاليي (البوليساريو) إلى القيام «بتظاهرات جديدة» بالكركرات بهدف عرقلة حركة السير المدنية والتجاري،. كما أكد ضرورة عدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارة المنتظمة، والامتناع عن أي إجراء قد يشكل تغييرا في «الوضع القائم في المنطقة العازلة» بالكركرات، كما جدد دعوة الأممالمتحدة إلى «التحلي بأقصى درجات ضبط النفس ونزع فتيل أي توتر» بالكركرات، مضيفا أن بعثة المينورسو «تراقب الوضع» بالمنطقة. في المقابل، أصدر ما يسمى «اللجنة الشعبية لغلق ثغرة الكركرات»، أول أمس الأحد، بيانا يقول فيه إن «الإرادة مازالت هي المضي قدما لغلق هذه الثغرة غير الشرعية، وأنه لن ولم يثنينا عن ذلك شيء»، وتابعت اللجنة ذاتها قائلة: «نطالب الجميع بتكاثف الجهود وتوحيد التصورات والآراء والفعل المنظم الهادف إلى نيل الهدف المنشود، المتمثل في الاستقلال والحرية للشعب الصحراوي». ويبقى هذا الكلام موجها أكثر للاستهلاك الإعلامي، لأنه، في الواقع، يصطدم بتحذير الأممالمتحدة في 11 يناير الماضي، للجبهة، حيث كانت طلبت ب«السماح بمرور حركة مدنية وتجارية منتظمة» بالكركرات، داعية إلى «الامتناع عن أي إجراء قد يشكل تغييرا في الوضع القائم في المنطقة العازلة»، وذلك في إشارة منها إلى تهديدات واستفزازات البوليساريو الهادفة إلى عرقلة مسار رالي «أفريقيا إيكو ريس» الرابط بين المغرب وموريتانيا. وفي محاولة للخروج من عزلتها بعد تحذيرات المتحدث باسم الأممالمتحدة، هاجمت الجبهة المغرب، وحاولت تصوير تهديدات إغلاق المعبر كما لو أنها حركة مدنية نابعة من القاعدة، وليست خطة تدبرها القيادة العسكرية، إذ زعمت أن «المغرب يقيم الدنيا ولا يقعدها مدعيا أن جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية بصدد إثارة عدم الاستقرار وتهديد الأمن والسلم، بمجرد أن مواطنين صحراويين مدنيين مسالمين يحتجون مثلما فعلوا في السابق ومثلما سوف يفعلون ولن يتوقفوا عن فعله مادامت أرضهم محتلة، يحتجون -ومن حقهم أن يقوموا بذلك- على استمرار وجود ثغرة الكركرات غير القانونية، والتي تعتبر أكبر خرق لوقف إطلاق النار، وأفدح استفزاز ليس فقط للطرف الصحراوي، وإنما للمجتمع الدولي قاطبة وللأمم المتحدة وبعثتها لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، المينورسو». تجدر الإشارة إن البوليساريو أصدرت، أول أمس الأحد، ثلاثة بلاغات؛ الأول يهاجم خطاب سعد الدين العثماني، والثاني ينتقد ما سماها الحملة المغربية ضد الجبهة، والثالث من توقيع «اللجنة الشعبية لغلق ثغرة الكركرات»، والذي يؤكد أن مواصلة السعي إلى إغلاق المعبر هي قرار نابع من القاعدة وليس القيادة، رغم ولاء اللجنة للقيادة.