أحيت قضية الطفل عدنان، ضحية جريمة الاختطاف والقتل العمد المقرون بهتك العرض، مطالب الهيئات المدنية المعنية بالشأن الطفولي والتربوي بسن استراتيجية وطنية ذات نجاعة أكبر في حماية الأطفال القاصرين من كل أشكال الاعتداء والعنف الذي يستهدف براءة الطفولة، مطالبين أيضا ببلورة سياسة جنائية قادرة على مجابهة خطر البيدوفيليا المتوحشة. في هذا الصدد، أدانت جمعية الشعلة للتربية والثقافة، والرسالة للتربية والتخييم، الجريمة التي راح ضحيتها الطفل عدنان بوشوف، وأبدتا قلقهما البالغ إزاء تفاقم الاعتداءات الجنسية على الأطفال والمقرونة بالاغتصاب وهتك الأعراض تحت العنف والتهديد، من لدن أشخاص راشدين يعانون انحرافات سلوكية وجنسية شاذة، ودعت الجمعيتان الحكومة والأجهزة التشريعية إلى مراجعة القوانين المتساهلة مع الجناة المتورطين في تعريض الأحداث لهذه الجرائم المشينة. ودعا المكتب التنفيذي لجمعية الشعلة، إحدى أكبر التنظيمات المهتمة بالمجال الطفولي على الصعيد الوطني، إلى تطوير سياسة عدالة الأحداث، وتضمين القانون حالات الاغتصاب المتعددة للأطفال، وتدقيق جزاءاتها الواضحة، وتفعيل القوانين الجاري بها العمل، والحرص على دعم الثقة في العدالة قصد توفير كل أسباب الحماية القانونية والاجتماعية والأسرية من كل أشكال العنف التي تستهدف الطفولة في حريتها الجسدية والنفسية. كما اقترحت جمعية الشعلة، في البلاغ الذي تلقت «أخبار اليوم» نسخة منه، ضرورة إدماج التربية الجنسية في المناهج التربوية والمقررات الدراسية دعما للمعرفة العلمية وتنويرا للفكر بصيغ بيداغوجية معبرة تناسب أعمار الأطفال، فضلا عن ذلك ترى الشعلة أن وسائل الإعلام العمومية المرئية مدعوة إلى أداء واجبها التربوي والتوعوي تجاه الأطفال وأسرهم، وذلك عبر آليات تنبه إلى مخاطر العنف التي يحتمل أن يكون الأطفال عرضة لها، وتذهب في اتجاه تعزيز سبل الوقاية وحماية أنفسهم من محاولات التغرير بهم بممارسات تمس حريتهم الجسدية والنفسية. من ناحية أخرى، لم تفت الهيئة المدنية الناشطة في مجال الطفولة دعوة المؤسسات الحكومية والهيئات الحقوقية إلى إيلاء الأولوية للقضايا ذات الصلة بحماية الطفولة في كل جوانبها النفسية والجسدية والاجتماعية والتربوية والأمنية، كما دعت إلى تنظيم ملتقى وطني حول ظاهرة اغتصاب الأطفال، في أفق بلورة استراتيجية وطنية مندمجة لحمالة الأطفال من كل أشكال الاعتداءات والعنف الجنسي. وبينما يستمر السجال الحقوقي بشأن عقوبة الإعدام في مثل هذه القضايا الخطيرة على الأمن العام، طالبت جمعية الرسالة للتربية والتخييم العدالة بمعاقبة الجاني بأشد العقوبات حتى يكون عبرة لغيره ممن تسول له نفسه الاعتداء على براءة الأطفال، كما أكدت ضرورة «سن قوانين زجرية صارمة تضع حدا لجرائم مماثلة». ومافتئت جمعية الرسالة للتربية والتخييم، باعتبارها فاعلا مدنيا، تتبنى قضايا الطفولة والشباب، وتترافع عنها بكل الوسائل المشروعة، واعتبرت في بلاغ لها أن ما حدث لعدنان «يسائل جميع القوى الحية في المجتمع، ويدعوها إلى التصدي لمثل هذه الممارسات الإجرامية التي تنتهك حرمة الطفولة البريئة، وتعتدي على كرامتها وحقها في الحياة والذي تضمنه جميع المواثيق والقوانين الكونية». كما دعت الهيئة الجمعوية، المختصة في العمل الطفولي، فروعها إلى «الاستمرار في تنظيم مبادرات تحسيسية في صفوف الأطفال وأسرهم لإبراز سبل وقاية الأطفال وحمايتهم من الاعتداءات الجنسية، وكيفية التصدي لها». يذكر أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بطنجة أجل جلسة الاستنطاق التفصيلي للمتهم الرئيس وثلاثة من رفاقه في المسكن متابعين بجنحة عدم التبليغ عن وقوع جريمة، إلى الأسبوع ما بعد المقبل، في انتظار الاطلاع على محاضر الملف الجنائي، وإتاحة مهلة لوالد الضحية من أجل التقاط أنفاسه وتجاوز مرحلة هول الصدمة، حتى يتسنى لقاضي التحقيق مواجهته بالفاعل المشتبه به في ارتكاب واحدة من أفظع الجرائم في زمن كورونا.