خلال لقاء للجنة الملكية المكلفة بالنموذج التنموي مع نبيل بنعبد لله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أمس بالرباط، تساءل شكيب بنموسى، رئيس اللجنة، عن الموقع الذي ستحتله وثيقة النموذج التنموي، التي ستصادق عليها اللجنة وتقدمها أمام الملك في يناير المقبل، وقال إن هذا السؤال مطروح على اللجنة وتريد معرفة رأي الأحزاب السياسية، مقدما التساؤلات التالية: ما موقع النموذج التنموي في المؤسسات؟ أي أنه إذا جرى الاتفاق على النموذج التنموي، "فهل يمكن اعتماده كمرجع". وكيف يمكن أن يجري ذلك؟ وكيف يمكن التوفيق بين دور الأحزاب التي لها دورها ويجب ضمان استمرار تنافسيتها السياسية، ولكن في الوقت عينه الاتفاق على الأمور الأساسية؟ ورد نبيل بنعبد لله، على هذا التساؤلات قائلا، إن "المرجع موجود.. هو الدستور"، لكننا "بعيدون عن تطبيق مبادئ الدستور"، داعيا إلى احترام المؤسسات وأن تمارس عملها واختصاصاتها. وحول وثيقة النموذج التنموي تساءل بنعبد لله "هل إذا صدرت الوثيقة يجب على الجميع أن يلتزم بها"، معتبرا أنه إذا حصل ذلك، فإنه يعني أنه لا توجد تعددية في البلد". وفي هذا الصدد، اقترح بنعبدلله لتحقيق "توافق حول الوثيقة"، أن يتم الاكتفاء بوضع توصيات وتوجهات عامة، قد تكون متعلقة بالإصلاحات الدستورية أو إصدار القوانين أو توجهات تخص التنمية، وتابع أنه ليكون لعمل اللجنة أثر في الواقع، يجب "تحقيق توافق وطني" حول التوجهات الكبرى في مجالات مثل التعليم والتنمية ومعالجة التفاوتات وتعزيز الديمقراطية والحكامة، وشدد على أنه إذا كانت هناك توجهات "متفق عليها، فيمكن أن يكون هناك التزام معنوي تجاهها". من جهة أخرى، طرح بنموسى أسئلة أخرى جرت إثارتها داخل اللجنة، من قبيل "كيف يمكن خلق جو من الثقة لبعث ظروف مناسبة للوصول إلى نتائج إيجابية وفعالية للنموذج التنموي"، معتبرا أنه "لا بد من خلق جو الثقة في المؤسسات وبين الأفراد من أجل تحرير الطاقات، وإطلاق دينامية جديدة، خاصة في ظل تحديات كوفيد19". وأضاف بنموسى أن الاستماع إلى الأحزاب أساسي لمعرفة رأيها في هذه القضايا وغيرها، من قبيل إشكالية تفعيل الدستور، وسير الحكومة وهيكلتها وكيفية عملها والحكامة محليًا ومركزيًا، وكيفية ضمان فعالية التنمية والديمقراطية التمثيلية والمشاركين. مشيرا إلى أن المنهجية التي اعتمدتها اللجنة منذ البداية تقوم على أساس مقاربة "تشاركية" للحصول على "معطيات ميدانية"، سواء من القوى الحية في البلاد أو من المواطنين، وأن اللجنة ستعمل على وضع الأفكار التي جمعتها ضمن "هيكلة متكاملة" وإعطائها بعدا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وهي أفكار تدور حول عدة إشكاليات وتحديات، من قبيل مشكل التشغيل والتفاوت بين الجهات، وخلق الثروة وتوزيعها وضمان تكافؤ الفرص والتنمية الترابية والبيئية، وهي مواضيع اعتبر بنموسى أن حولها "إجماع"، لكن هناك "اختلافات حول طرق تحقيقها"، موضحا أن التحولات داخل المجتمع وعلى المستوى الدولي تجعل أن "التغيير ضروريا وليس اختياريا". وكانت اللجنة الملكية المكلفة بصياغة نموذج تنموي قد شرعت في عقدت لقاءات مع الأحزاب السياسية للمرة الثانية، من أجل الاستماع إلى رأيها حول الأوضاع بعد أزمة كورونا وتصورها للخروج من الأزمة. بدأت اللجنة بعقد لقاء مع نزار البركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، قبل أن تلتقي بنبيل بنعبدالله، الذي كان مرفوقا بأعضاء من المكتب السياسي، وينتظر عقد لقاء قريبا مع حزب العدالة والتنمية. وحسب شكيب بنموسى، فإن المغرب دخل وضعا جديدا في ظل أزمة كوفيد 19، التي خلقت تحديات جديدة داخليا ودوليا وخلخلة التوازنات السياسية كما خلقت تحولات دولية أثرت على المغرب، معتبرا أن من الضروري أخذ هذه التحولات الجديدة بعين الاعتبار.