بعد الجدل الذي أثير حول الدخول المدرسي، والذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أسابيع، والنموذج التربوي المعتمد من طرف الوزارة الذي قيل إنه سيكون حضوريا، إذ اعترى المقرر الوزاري الذي صدر نهاية الأسبوع غموض كبير، خرجت الوزارة لتقطع الشك باليقين، حيث اعتبرت أنه "خلافا لما يتم تداوله، فإن المقرر الوزاري الصادر في 6 غشت الجاري لم يحسم بشكل قاطع في النموذج التربوي الذي سيتم اعتماده في الدخول المدرسي المقبل، هل هو تعليم حضوري أو عن بعد أو هما معا. وفي الوقت الذي وجهت فيه انتقادات لاذعة واتهامات للمسؤولين عن قطاع التربية والتعليم بتواطئهم مع لوبي المدارس الخاصة والكتبيين لبيع المستلزمات المدرسية، قالت الوزارة في بلاغ لها إن المقتضيات يمكن أن تعدل أو تكيف عند الاقتضاء، سواء تعلق الأمر بمحطة الدخول المدرسي أو خلال السنة الدراسية، أخذا بعين الاعتبار تطور الوضعية الوبائية ببلادنا، وما تتطلبه من إجراءات احترازية ووقائية. وبينما تعرف بلادنا وضعا وبائيا غير مستقر، يذهب عدد من المختصين إلى أن الوزارة ستتخذ إجراءات استثنائية، إذ ستتوجه إلى التعليم عن بعد، مع بعض الدروس الحضورية. وفي هذا الشأن، قال عبدالغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، إن خيار التعليم الحضوري في ظل الظروف الوبائية، هو مغامرة ومجازفة، موضحا أن أصحاب المدارس الخصوصية ضغطوا في اجتماعهم مع رئيس الحكومة لكي يعلنوا أن الموسم الدراسي المقبل سيكون حضوريا حتى يشجع الآباء على تسجيل أبنائهم، وهو ما ذهبت إليه الوزارة، يقول الراقي، إذ تركت المقرر الوزاري غامضا ما يترك المجال للتأويل. واعتبر الراقي في حديثه ل"أخبار اليوم" أنهم كنقابات شجعوا التعليم الحضوري لكبح توجه الوزارة التي قال إنهم لاحظوا توجهها إلى اعتماد التعليم عن بعد حتى في الأوقات العادية، لاعتبارات أهمها الخصاص في الأساتذة وبنية الاستقبال، مؤكدا أن التعليم الحضوري لا يمكن تعويضه بالتعليم عن بعد. وشدد المتحدث ذاته على أنه يجب على الوزارة أن تذهب في اتجاه التناوب بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، في ظل الظروف الحالية، وأن يتم تعديله وفقا للحالة الوبائية. من جانبه، قال مصطفى التاج، الكاتب العام للشبيبة المدرسية، إنه أمام هذا الازدياد المهول في أعداد الإصابات وأمام خريطة انتشار الوباء التي تتغير باضطراد، يبدو أن الوزارة ستحاول المزاوجة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، خصوصا أمام حقيقة مُرّة لا يمكن القفز عليها تتجلى في ضعف بنيات الاستقبال، وكذلك قصور التعليم عن بعد واستحالة الاعتماد عليه لوحده لتعويض التعليم الحضوري أو تلقين التلاميذ الدروس بالشكل المطلوب. وأوضح التاج في حديثه ل"أخبار اليوم" أن المزاوجة بين المسلكين أمر محتوم، خصوصاً وأن الفصل الدراسي لا يمكنه أن يسع أكثر من أستاذ و10 أشخاص في هذا الوضعي الوبائي، أما فيما يخص المدن التي تعرف أعداداً عالية من الإصابات، وتم سن تدابير خاصة بها، فمتوقع أن تتخذ الوزارة عبر مديرياتها تدابير خاصة كذلك، قد تصل إلى تعليق الدراسة بها إما إجمالا وإما نسبياً بالمؤسسات التعليمية، التي تقع في محيط نسبة الإصابات به مرتفعة، وقد تتغير القرارات والتدابير حسب تغير الوضعية الوبائية. وإذا كانت الوزارة قد أقرت بالأعطاب التي شابت عملية التعليم عن بعد، يرى التاج أنه عليها تدارك بعض المطبات التي سقطت فيها في النصف الثاني من السنة التعليمية الماضية، وهي المرتبطة بتعبئة الموارد البشرية اللازمة وتوفير الحاجيات التقنية والضرورات الرقمية، وتمكين عموم التلاميذ من المستلزمات، وسن سياسة تواصلية دائمة ومستمرة مع الآباء والأمهات وأولياء أمور التلاميذ، وإشراك الفرقاء الاجتماعيين وجمعيات المجتمع المدني في النهوض بأوضاع التعليم والمساعدة على تجاوز هذه الأزمة المجتمعية. أما بخصوص التعليم الخصوصي، شدد التاج على أنه يجب على الحكومة التنبه إلى المشاكل التي وقعت والمحتمل أن تقع مرة أخرى في منظومة التعليم الخصوصي، إذ يجب على الحكومة أن تستبق الأمر وأن تنظم بقانون العلاقة التعاقدية بين أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصي وزبنائهم، ممن يسجلون أبناءهم للاستفادة من التعليم الذي يقدمونه، بما لا يحقق الضرر لأي طرف، وبما يمنع من حدوث الاحتقان في هذا القطاع الاجتماعي الحساس. وبخصوص ما أثير حول ربط التعليم الحضوري بلوبيات الكتب المدرسية، فاعتبر التاج أنه "يجب فتح تحقيق في الأمر لأنه لا يعقل أن يبقى التعليم مجالا للمضاربات والجشع بين اللوبيات، في الوقت الذي يجب أن يكون أساس إجماع وطني على دعمه وتجويده وإبعاد التنافس المالي في نطاقه"، يقول المتحدث ذاته. هذا، وعلى غرار الموسم الدراسي 2019 -2020، قالت الوزارة إنها سوف تتخذ كافة التدابير اللازمة من أجل تأمين الحق في التمدرس لجميع المتمدرسات والمتمدرسين بجميع المستويات الدراسية، في احترام تام لشروط ومعايير السلامة الصحية المقررة من طرف السلطات المختصة. وأشارت الوزارة إلى أنها ستواصل العمل على التحضير الجيد للدخول المدرسي المقبل، بتنسيق تام مع السلطات العمومية المختصة، وذلك حرصا منها على الحفاظ على صحة المتمدرسين والأطر التربوية والإدارية وستعمل على اطلاع الرأي العام الوطني على أي مستجد بهذا الخصوص في حينه.