اضطرت السلطات الصحية في طنجة إلى نقل بعض المصابين بفيروس كورونا، الذين تدهورت حالتهم الصحية، إلى مستشفى سانية الرمل بتطوان، لامتصاص أعداد الحالات التي تحتاج إلى التنفس الاصطناعي، وإنعاش الوظائف الحيوية للمرضى، وذلك في وقت انفجر فيه الوضع الوبائي ليبلغ مستوى غير مسبوق، حيث أحصت وزارة الصحة 455 إصابة مؤكدة في جهة طنجة، وهو الرقم الأكبر منذ بداية ارتفاع منحنى تفشي العدوى الوبائية في الأشهر الماضية. وأوضحت مصادر طبية ل«أخبار اليوم» أن الضغط المتزايد بشكل أكثر من المتوقع دفع السلطات الصحية، أيضا، إلى ترحيل مجموعة من الحالات المسجلة أخيرا، إلى المستشفى الميداني في إقليم بنسليمان والمخصص للعزل الصحي للحالات المستقرة، وذلك بعدما تخطى المشفى الميداني في الغابة الدبلوماسية بطنجة 900 حالة نشطة مازالت بحاجة إلى وقت للتماثل للعلاج. وأضاف المصدر نفسه أن إجمالي المرضى الحاملين لفيروس كورونا، والذين مازالوا يتلقون العلاج في مختلف مستشفيات ومراكز التكفل بمرضى كوفيد19، في عاصمة البوغاز، يتجاوز 1240 شخصا، مع احتمال ارتفاع الحصيلة خلال الأيام المقبلة، مع ما قد ينجم عنه من تدهور في وضعية الأشخاص في وضعية صحية هشة، والمسنين، والمصابين بأمراض مزمنة، والذين ضاقت بهم غرف المستشفيات. وأمام هذه التطورات المتسارعة في حصيلة الوضعية الوبائية، يسود امتعاض شديد وسط سكان مدينة طنجة من تخبط الحكومة والسلطات في التعامل مع جائحة فيروس كورونا، ويؤاخذ المواطنون المسؤولين باكتفائهم بإعلان اتخاذ تدابير مشددة، دون تقديم أي شروحات وتفسيرات لطمأنة الرأي العام القلق، ودون إجراءات مواكبة للتداعيات الاجتماعية التي تخلفها تلك التدابير المشددة. في السياق نفسه، ورغم الدعم الطبي الخاص والعسكري للمنظومة الصحية في طنجة، مازالت شكاوى المواطنين تتوالى عن سوء تدبير وتنظيم استقبال الحالات الحاملة لأعراض فيروس كورونا، وتأخر إدراجها في مسار العلاج، فقد تحدثت شهادات استمعت إليها «أخبار اليوم» عن إعادتها عدة مرات من بوابة مستشفى محمد السادس، من لدن قائدة المنطقة وأعوان السلطة، رغم توفرهم على توصية من الأطباء بضرورة إجراء الفحوصات المخبرية في أقرب وقت، لكنهم لم ينجحوا في ذلك إلا بعد خمسة أو ستة أيام، بعدما انتقلت العدوى إلى جل أفراد أسرهم. ولا يعد عموم المواطنين وحدهم ضحايا المنظومة الصحية المتهرئة في طنجة، بل كذلك الأطر الصحية العاملة في المستشفيات، والتي وجدت نفسها ضحية تأخر التدخل العلاجي، وفق ما كشفه الإطار النقابي مصطفى جعا، الذي أوضح أن إطارا صحيا ترك هو وبناته مدة ثلاثة أيام دون علاج، متهما المديرة الجهوية، والمندوب الإقليمي للصحة، بإهمال زميلهم وأفراد أسرته المصابين بالفيروس. كما أوضح مصطفى جعا أن حالة الإطار الصحي وأفراد أسرته عينة مصغرة من صورة التخبط والارتباك التي تمر منها المنظومة الصحية في طنجة في عز حالة الطوارئ الصحية، حيث أكد أنه ظل يتصل بعدد من المسؤولين في القطاع الصحي بالإقليم من أجل التدخل لعلاج زميلهم، لكن لا أحد منهم كان يجيب، وتحجج آخرون بأنهم في اجتماعات متواصلة، وأنه يتعذر عليهم تتبع الموضوع. وفي السياق ذاته، وجه وديع الشحواطي، الكاتب الإقليمي لنقابة الصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، انتقادات إلى المسؤولين الجهويين والإقليميين عن قطاع الصحة، متهما إياهم بالتقاعس حتى استفحلت الجائحة بمدينة طنجة، رغم أن القانون يتيح لهم صلاحيات تعزيز الموارد البشرية، التي كانت ستجنب المدينة وضعيتها المنكوبة حاليا، خاصة أن مدينة طنجة تعاني خصاصا شديدا في أطباء التخدير والإنعاش، وهي التخصصات المطلوبة للتغلب على الحالات الحرجة والخطيرة. واستنكر الإطار النقابي بشدة إصرار وزير الصحة على تعيين مسؤولين يسيئون إلى طنجة بعدد إعفائهم من مناصب المسؤولية، في إشارة إلى المسؤول الإقليمي الجديد الذي سبق إعفاؤه من إدارة مستشفى محمد الخامس بطنجة، ومن مندوبية الصحة بإقليمتاونات، متسائلا: «هل عجز المغرب عن صنع مسؤولين في حجم طنجة وانتظاراتها؟». لكن، يبدو أن الجواب عن هذا السؤال سيبقى معلقا إلى وقت آخر، لأن وزير الصحة منشغل بإحصاء تزايد أعداد المصابين، والتي بلغت مستويات مرعبة في رقعة جغرافية تؤدي اليوم فاتورة سنوات من إهمال قطاع الصحة العمومية وإضعاف بنيتها التحتية.