بعد خمسة شهور من الإغلاق الشامل للحدود البرية والجوية والبحرية منذ منتصف مارس الماضي، تجنبا لتفشي فيروس كورونا المستجد؛ اختارت السلطات المغربية أنصاف الحلول بخصوص إعادة فتح الحدود ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل عند منتصف الليل. واعتمدت الحكومة مقاربة التدرج، من خلال السماح فقط للمغاربة والمقيمين الأجانب بالدخول والخروج من المملكة، في المقابل استثنت المسافرين والسياح الأجانب. لكن المعطى البارز في القرار المغربي هو مواصلة الإغلاق الشامل للحدود البرية والبحرية مع إسبانيا، ما يعني رسميا إلغاء عملية "مرحبا"، وكذلك حرمان 3 ملايين مغربي يستعملون الموانئ الإسبانية من العودة إلى المملكة، بحيث سيكون عليهم العودة جوا، أو السفر إلى فرنسا أو إيطاليا للعودة بحرا إلى المغرب. ورغم أن محادثة افتراضية جمعت مساء الثلاثاء الماضي بين ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ونظيرته الإسبانية، آرانتشا غونثاليث، إلا أن قرار إعادة فتح الحدود لم يشمل إسبانيا. فيما أكدت الحكومة المغربية أنه يمكن للمواطنين المغاربة والمقيمين الأجانب بالمملكة وكذا عائلاتهم الولوج إلى التراب الوطني ابتداء من 14 يوليوز الجاري عند منتصف الليل، عبر نقط العبور الجوية والبحرية. وتابعت أن الخطوط الجوية الوطنية ستبرمج عددا كافيا من الرحلات الجوية لإنجاح هذه العملية، موضحة أنه يتعين على المسافرين تقديم قبل صعود الطائرة اختبار الكشف (PCR) لا تقل مدته عن 48 ساعة وكذا اختبار سيريولوجي، وهو اختبار يسمح بالتحقق من وجود أجسام مضادة للبكتيريا في الدم. كما قررت الحكومة برمجة بواخر لنقل المغاربة الراغبين في العودة إلى أرض الوطن، حصريا، من ميناءي سيت بفرنسا، وجنوى بإيطاليا، فيما استثنيت كل الموانئ الأخرى بما فيها ميناء الجزيرة الخضراء، الذي يعتبر المنصة الرئيسَة للمغاربة الذي يدخلون ويخرجون من أوروبا. ومن أجل ضمان سلامة مستعملي الرحلات البحرية عند الدخول، اشترط الحكومة على المسافرين بهذه البواخر تقديم اختبار (PCR) لا تقل مدته عن 48 ساعة، والتقيد بالتدابير الصحية الصارمة الموصى بها. كما يمكن إجراء اختبار كشف (PCR) خلال السفر. علاوة على ذلك، يمكن للمغاربة المقيمين بالخارج وكذا الأجانب المقيمين بالمغرب مغادرة المملكة عقب مدة إقامتهم بنفس الوسائل الجوية والبحرية. هذا ولم يحدد البلاغ إن كان المغاربة العائدون سيخضعون للحجر الصحي لمدة 9 أيام على الأقل أم أنهم سيعفون من هذا الإجراء. وفي الوقت الذي يتساءل فيه البعض عن إن كان القرار يعني فقط المغاربة العالقين أم حتى الجالية المقيمة بالخارج، يتضح بشكل جلي من مضمون وصياغة البلاغ الحكومي أن القرار يشمل الفئتين معا. مع ذلك، سألت الجريدة مصدرا مطلعا وأكد لها أن القرار يشمل، فعلا، العالقين والجالية المغربية المقيمة بالخارج. وبما أن المغرب أعاد إلى حدود الساعة 11 ألف عالق في الخارج، فإن القرار يسمح بعودة أكثر من 30 ألف مغربي لازالوا تقريبا عالقين بالخارج، من بينهم 8000 عالق بإسبانيا والثغرين المحتلين سبتة ومليلية. ولأن القرار لا يشمل إسبانيا، فإن العالقين بها، من بينهم 7150 عاملة مغربية وآلاف المهاجرين، سيكون عليهم إلى حدود الساعة الانتقال إلى فرنسا أو إيطاليا للعودة إلى المغرب. وزيرة الخارجية الإسبانية، آرانتشا غونثاليث، أكدت، صباح الأربعاء الماضي، أنها تواصلت هاتفيا، الثلاثاء الأخير، مع ناصر بوريطة، في إطار الاتصالات المنتظمة والدائمة بينهما، بهدف التواصل ومعرفة كيف تتطور الوضعية الوبائية في البلدين. وشددت على أن ما فهمته من خلال الحديث مع بوريطة أن "الحدود المغربية ستبقى مغلقة حتى يوم 10 يوليوز. وفي الوقت الراهن، لا يزال (المغرب) يفكر في ما يمكن القيام به بخصوص الحدود (مع إسبانيا): هل سيواصل إغلاقها لوقت طويل أم سيفتحها، وفي ظل أي شروط سيتم ذلك". وأردفت: "في كل الأحوال، سواء في علاقتنا مع المغرب أو أي بلد آخر، نحرص دوما على احترام القرارات التي تتخذها البلدان بخصوص حدودها". هكذا يتضح من خلال قرار الحكومة المغربية وتصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية أن البلدين، لم يستطيعا التوصل إلى صيغة لفتح الحدود على أساس "المعاملة بالمثل"، إذ ترغب إسبانيا في أن تتم إعادة فتح الحدود كليا وليس جزئيا، أي فتحه في وجه المسافرين والسياح والمسؤولين المغاربة والإسبان في الاتجاهين معا، بينما قرر المغرب فتحها في وجه المغاربة والأجانب المقيمين في المغرب. وسبق للحكومة الإسبانية والإيطالية بالدرجة الأولى أن تحفظتا على أحد بنود اتفاق لائحة ال15 دولة التي يمكن لمواطنيها الولوج إلى الاتحاد الأوروبي ابتداء من فاتح يوليوز الجاري، بحيث اشترطت إسبانيا أن يفتح المغرب حدوده، أيضا، في وجه الإسبان، فيما وضعت إيطاليا شروطا شبه تعجيزية. وتضم اللائحة الأوروبية المغرب. وإذا كان آلاف العالقين تنفسوا الصعداء بهذا القرار، ولو جاء متأخرا، فإن المغاربة المقيمين بالخارج لهم آراء متباينة. أسرة مغربية تواصلت مع الجريدة في برشلونة، أكدت أنها تريد العودة إلى المغرب لقضاء عيد الأضحى وعطلة الصيف مع العائلة، لكن استمرار الإغلاق الشامل للحدود البحرية مع إسبانيا "يجعل من المستحيل السفر". مهاجر آخر في الجنوب الإسباني قال ل"أخبار اليوم"، إنه يمكن السفر إلى فرنسا أو إيطاليا للعودة إلى المغرب، "لكن الخوف من موجة ثانية من الفيروس سواء في المغرب أو أوروبا يمنعني من السفر، لتوجسي من أن أبقى عالقا في المغرب". كما عبر مغاربة آخرون في فرنسا، مثلا، عن استعدادهم لزيارة المغرب مادامت الحكومة تضمن لهم العودة. كل هؤلاء أكدوا أن التكلفة المالية للعودة هذه السنة ستكون مرتفعة، نظرا إلى أن تذاكر الطائرات ستكون مرتفعة الثمن، علاوة على سعر اختبار كشف الفيروس.