بجلسات سريعة، وفي الظروف الاستثنائية التي يعيشها المغرب بإعلانه حالة الطوارئ الصحية في مواجهة فيروس كورونا المستجد، أدرجت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، ملف كولان أفيتان، أحد أخطر الإسرائيليين المطلوبين لدى منظمة الشرطة الدولية "الأنتربول"، والذي ارتكب جرائم خطيرة ضمنها استعمال الأسلحة النارية في حرب عصابات، وتفجير مطعم بتل أبيب، قبل القبض عليه ومعاودته الفرار من إسرائيل إلى المغرب إثر كسر سوار المراقبة الإلكتروني. وقضت غرفة الجنايات الابتدائية، برئاسة القاضي علي الطرشي بالقاعة 8 بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، في إطار المحاكمة عن بعد، بإدانة كولان أفيتان بالحبس سنتين نافذا، في حين قضت بمعاقبة زوجته ميري نوحماني بسنة ونصف حبسا نافذا، بعد تورطهما في قضية تتعلق بتزوير وثائق رسمية، قصد الحصول على الجنسية المغربية، عن طريق البطاقة الوطنية وجواز السفر المغربي، حيث جرت محاكمة المتهمين القابعين بالمركب السجني عكاشة دون مغادرتهما السجن نحو المحكمة، إذ جرى الاتصال بهما عن طريق تقنية "فيزيو كونفيرانص"، حسب التدابير الاحترازية والقرارات الجديدة التي اتخذتها منظومة العدالة لمنع تفشي الوباء في صفوف السجناء، حيث جرت مناقشة الملف الذي لقي اهتماما كبيرا من طرف الإعلام الأجنبي بسبب شخصية أفيتان، الذي له تاريخ مليء بالأحداث الدامية والقوية، وانتمائه السابق لجهاز الأمن الداخلي بإسرائيل المعروف اختصارا ب"شاباك"، وفق تقارير إعلامية دولية. وجاءت محاكمة أفيتان وزوجته في جلستين عبر تقنية التناظر عن بعد، بعد إصرارهما على إتمام المحاكمة، حيث استفسرهما الترجمان، الذي حضر المحاكمة بناء على طلب رئيس الجلسة، عن موافقتهما على طريقة المحاكمة عن بعد، وأكدا ذلك بالإيجاب، قبل أن تشرع المحكمة في مناقشة الملف الذي له ارتباط بملف شبكة تزوير الهوية والجنسية المغربية، والتي كان يتزعمها اليهودي المغربي ميمون بيريز، المتهم الرئيس المدان ب6 سنوات سجنا نافذا في الملف، الذي توبع فيه عدد من المسؤولين الإداريين ومواطنين إسرائيليين استفادوا من الجنسية المغربية عن طريق تزوير وثائق بمساعدة إداريين وموظفي شرطة. ويتابع كولان أفيتان إلى جانب زوجته ميري نوحماني، التي أصرت على الدخول إلى التراب المغربي قادمة من إسرائيل، رغم التحذيرات التي تلقتها بإمكانية اعتقالها، خاصة بعد اعتقال أفراد الشبكة والقبض على زوجها في كنيس بالدارالبيضاء، وهو ما اعتبره المحامي يوسف عبدالقوي حسن نية، ودليل براءة على أن لا علم لها بموضوع التزوير، موضحا أن المحكمة تابعت ميري بحصولها على الوثائق عن طريق التزوير، وليس عن أصولها المغربية. وأوضح المحامي يوسف عبدالقوي في اتصال مع "أخبار اليوم"، أن زوجة أفيتان المنحدرة من أم يهودية مغربية من مدينة مراكش، وأب يهودي مغربي من مدينة الدارالبيضاء، كانت ضحية لأعضاء الشبكة المدانين في الملف المتعلق بتزوير الهوية المغربية، وهما ميمون بيريز وإحسان جنانات، مؤكدا أن بيريز أكد خلال مواجهتهما أثناء التحقيق التفصيلي لدى قاضي التحقيق عبدالواحد مجيد، أنها لا تعرف شيئا عن تزوير الوثائق، وأنها سلمته وثائقها الأصلية للحصول على الجنسية المغربية، على اعتبار أنها من أصول مغربية وإن ولدت بإسرائيل، غير أنها لا تعلم المساطر التي اتبعت، والتي مكنتها من الحصول على هويتها المغربية. وجرت مناقشة الملف بحضور قاضي عبري في دور الترجمان، في جلسة واحدة، بعد جاهزية الملف، شملت جميع مراحل المحاكمة إلى النطق بالحكم، حيث أدين أفيتان بسنتين نافذة وغرامة مالية، كما جرت معاقبة زوجته بسنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية، في انتظار تحديد جلسة مقبلة لانطلاق المحاكمة في شقها الاستئنافي، وذلك بمعزل عن الملف الأصلي المتعلق بتزوير الهوية والجنسية المغربية الذي يتابع فيه أزيد من 20 متهما، بينهم مغاربة من إداريين وموظفي أمن، وإسرائيليين، ويهود مغاربة. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكنت من توقيف كولان أفيتان، الذي يحمل جواز سفر إسرائيلي، ويبلغ من العمر 52 سنة، للاشتباه في ارتباطه بالشبكة الإجرامية المتورطة في تزوير سندات الهوية وجوازات السفر المغربية، والتي جرى تفكيكها في شهر مارس 2019. وذكر بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني، أنه حسب المعلومات الأولية للبحث، فإن المشتبه فيه كان قد تمكن من الحصول على بطاقة تعريف وطنية وجواز سفر مغربي باستخدام وثائق مزورة، مستفيدا من المساطر الاحتيالية التي كانت تعتمدها الشبكة الإجرامية التي جرى تفكيكها، إذ مكنت عملية تنقيطه بقاعدة بيانات المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول، من اكتشاف أنه يشكل موضوع بحث دولي بموجب نشرة حمراء صادرة عن الأنتربول بتاريخ 17 يناير 2019، وذلك للاشتباه في تورطه في اقتراف جريمة قتل متعدد، ومحاولة القتل العمد في إطار تصفية الحسابات بين شبكات الإجرام المنظم.