أكثر من خمس ساعات استغرقتها، أول أمس الثلاثاء، مسطرة التقديم أمام النيابة العامة وجلسة الاستنطاق الابتدائي أمام قاضي التحقيق بابتدائية مراكش لرئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان، محمد المديمي، قبل أن يتقرّر إيداعه سجن"الأوداية"، مساء اليوم نفسه، على ذمة التحقيق الإعدادي الجاري معه بناءً على ملتمس من النيابة العامة بشأن الاشتباه في ارتكابه لجنح متعلقة ب"محاولة النصب والابتزاز، إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم، الوشاية الكاذبة، إهانة هيئة منظمة، بث وتوزيع وقائع كاذبة، والتشهير"، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 263،265 ، 445، 540، 538، 546، والفقرة الثانية من الفصل 447 من القانون الجنائي. ففي حدود الساعة العاشرة من أول أمس أجرت له الشرطة القضائية مسطرة التقديم، في حالة سراح، أمام النائب الأول لوكيل الملك لدى ابتدائية مراكش، القاضي مصطفى لمعاطلة، الذي استنطق المديمي في شأن شكايات في مواجهته من طرف كل من: عبدالوافي لفتيت، وزير الداخلية، ويونس البطحاوي، العامل الأسبق لإقليم الحوز، وعبداللطيف ميراوي، الرئيس السابق لجامعة القاضي عياض بمراكش، ولحسن كبدي، رئيس مجلس بلدية أمزميز، وعبدالجليل قربال، رئيس مجلس جماعة تمصلوحت، وموظف مكلف بملف الجمعيات بولاية جهة مراكشآسفي، ومدير مصحة خاصة، وموثقة بمراكش، وشقيقها الناشط السياسي والإعلامي بالمدينة نفسها. وقد استمرت مسطرة التقديم حتى حدود الواحدة زوالا،قبل أن يقرر النائب الأول لوكيل الملك إحالة المديمي، الذي كان مؤازرا بالمحامين محمد العجيد، إدريس أقشمير، وطارق الغرفي، من هيئة مراكش، على غرفة التحقيق الثالثة بالابتدائية عينها، ملتمسا من قاضي التحقيق، محمد صابري، إجراء تحقيق إعدادي في مواجهة المديمي بشأن الاشتباه في ارتكابه للجنح الست المذكورة، مع متابعته في حالة اعتقال احتياطي. من جهته، استهلّ القاضي صابري جلسة الاستنطاق الابتدائي للمديمي، ابتداءً من الساعة الرابعة زوالا، قبل أن تنتهي، في حدود السادسة والنصف مساءً، ليقرر، في ختامها، تأييد ملتمس النيابة العامة بمتابعة الناشط الحقوقي في حالة اعتقال، محرّرا أمرا مكتوبا بإيداعه سجن "الأوداية"، ضواحي المدينة، ومحددا الأربعاء 14 يوليوز الجاري تاريخا لجلسة الاستنطاق التفصيلي. وعلمت "أخبار اليوم" بأن دفاع المديمي تقدم بملتمسات أمام قاضي التحقيق في شأن انتفاء حالة التلبس، وغياب السند الواقعي لبعض التهم الواردة في ملتمس النيابة العامة، فضلا عن أن تهما أخرى تتعلق بقضايا الصحافة والنشر، مذكّرا بمصادقة المغرب على اتفاقيات وبروتوكولات دولية لحماية نشطاء حقوق الإنسان، قبل أن يتقدم محاموه بملتمس لمتابعته في حالة سراح، معللين ذلك بكونه عديم السوابق القضائية. وقد طعن دفاع الحقوقي المعتقل، صباح أمس الأربعاء، ضد قرار قاضي التحقيق بوضعه تحت الاعتقال الاحتياطي، وهو الطعن الذي تقدم به أمام الغرفة الجنحية باستئنافية مراكش، باعتبارها الهيئة القضائية الموكول إليها قانونيا الفصل في الاستئنافات المرفوعة ضد أوامر قضاة التحقيق. هذا، وسبق لأحد نواب الوكيل العام بمراكش أن استمع إلى المديمي، بتاريخ 11 دجنبر المنصرم، في شأن شكاية تقدم بها ضده وزير الداخلية، عبدالوافي لفتيت، طالب فيها بالتحقيق معه حول كلمة ألقاها خلال تنظيم جمعيته لوقفة احتجاجية بمراكش، بتاريخ 30 أكتوبر الماضي، اتهم فيها العامل الأسبق لإقليم الحوز، يونس البطحاوي، ب"الفساد المالي". واعتبر لفتيت، في الشكاية التي أحالها على وزير العدل،الذي أحالها، من جهته، على رئيس النيابة العامة، (اعتبر) بأن هذه "الادعاءات والأقوال نالت من شرف وكرامة العامل السابق"، مطالبا بالاستماع إلى المديمي، للإدلاء بالوثائق والأدلة المفترضة حول "الاختلالات المالية المزعومة" التي قد يكون ارتكبها العامل السابق، والادعاءات حول "اغتنائه غير المشروع". في المقابل، تقدم المركز الوطني لحقوق الإنسان، أياما قليلة بعد ذلك، بشكاية أمام الوكيل العام بمراكش، طالب فيها بالتحقيق في شأن، ما اعتبره "اغتناءً غير مشروع واستغلال للنفوذ وارتكاب لجناية تبديد ونهب المال العام"، ملتمسا الاستماع إلى العديد من المسؤولين البارزين في الإدارة الترابية بإقليم الحوز، بينهم العامل الأسبق البطحاوي، وهي الشكاية التي أكد مصدر مطلع بأن النيابة العامة أصدرت في شأنها قرارا بالحفظ. وقد أصدر المكتب التنفيذي للمركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب بيانا، مساء أول أمس، طالب فيه بإطلاق سراح رئيسه، محمد المديمي، الذي وصف توقيفه ب"الاعتقال التعسفي غير المبرر"، وبأنه "ذو طبيعة انتقامية"، داعيا إلى الإفراج عنه بدون أي قيد أو شرط مع رد الاعتبار إليه، وإطلاق سراح كافة المعتقلين النقابيين والحقوقيين والصحافيين، كما طالب الدولة المغربية بالوفاء بالتزاماتها في مجال تخليق الحياة العامة ومجابهة رموز النهب والفساد والاستبداد ومتابعتهم ومحاكمتهم واسترداد الأموال المنهوبة من طرفهم وسن قانون الإثراء غير المشروع، وهي القضايا التي قال إنها "تشكل خطرا على السلم الاجتماعي وليس معاقبة الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان".