صادق المجلس الجماعي لمراكش، الجمعة المنصرم، على مقرّر قضى بالتمديد الاستثنائي لعقد استغلال مرفق النقل الحضري عبر الحافلات المبرم بين شركة "ألزا" الإسبانية، لمدة سنة إضافية تبتدئ من فاتح يوليوز المقبل إلى غاية 30 يونيو من السنة المقبلة، وهو المقرّر التي جرى التصويت عليه بإجماع أعضاء المجلس الحاضرين، بمن فيهم مستشارون منتمون للمعارضة، خلال دورة استثنائية، تعتبر أول دورة حضورية بعد إجراءات الحجر الصحي. وقد جاء إدراج التمديد للشركة الإسبانية كنقطة ضمن جدول أعمال الدورة المذكورة بطلب من والي الجهة/ عامل عمالة مراكش، كريم قاسي لحلو، وهو التمديد الثالث من نوعه، بعد تمديد عقد الامتياز لمدة 5 سنوات في عهد المجلس السابق، من تاريخ انتهاء مدة العقد الأصلي مع الشركة في فاتح يوليوز 2014 إلى 30 يونيو من السنة المنصرمة، وتمديد ثانٍ من طرف المجلس الحالي للعقد المذكور لمدة سنة واحدة، من فاتح يوليوز 2019 حتى يومه الثلاثاء (30 يونيو الجاري)، والذي جرى التصويت عليه خلال دورة فبراير 2019، التي التأمت بتاريخ 7 من الشهر نفسه. واستنادا إلى مصدر من المجلس الجماعي، فقد سبق لشركة التنمية المحلية "سيتي بيس المتجددة"، المكلفة بتدبير النقل الحضري بمراكش، أن أعلنت عن صفقة متعلقة باستغلال النقل الحضري عبر الحافلات، يصل مبلغ الاستثمار المتعلق بها إلى 50 مليار سنتيم، غير أن والي الجهة طالب المجلس بالتراجع عن إبرام هذه الصفقة، معللا قراره بأن شركة "سيتي بيس المتجددة" ليست مخولة قانونيا لإطلاق الصفقة بحكم افتقادها للصلاحية القانونية لأن تكون هي صاحبة المشروع، على اعتبار بأن المجال الترابي للصفقة، ليس مقتصرا فقط، على مدينة مراكش، بل يمتد إلى باقي الجماعات التابعة للعمالة ولجهة مراكشآسفي. وتابع المصدر نفسه بأن ولاية الجهة بادرت إلى إحداث "مجموعة الجماعات الترابية للنقل الحضري وبين الحضري"، وقد انتدبت الجماعات ممثليها داخل مجلس هذه المجموعة، في انتظار انتخاب رئيسها، الذي انتهى أجل وضع طلب الترشيح لشغل منصبه، الجمعة الفارط. وحسب مصدرنا، فإن ولاية الجهة طلبت تمديد عقد الامتياز مع الشركة الإسبانية في انتظار إرساء هياكل المجموعة المحدثة، وفي انتظار أن تنتهي مدد العقود المبرمة بين العديد من الجماعات الترابية والشركة عينها، مضيفا بأنه جرى تكليف شركة "سيتي بيس المتجددة" بإطلاق صفقة لإنجاز دراسة متعلقة بالنقل الحضري وبين الحضري، وهي الدراسة التي فازت بها شركة إسبانية، التي يُفترض أن تستغرق أربعة أشهر تنتهي أواخر السنة الجارية. هذا، وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن كشف في أحد تقاريره الأخيرة عن وضعية صادمة لقطاع النقل الحضري بمراكش، فمن خلال افتحاص مالية "مجموعة ألزا للنقل"، المكلفة بالنقل الحضري بالمدينة، تبين بأنها تركز على العمليات المالية وتهمل النهوض بجودة خدماتها، إذ إنها استثمرت في الأوراق المالية على الصعيد الوطني من خلال شراء فروع لشركتها الأم (ألزا أكَادير، ألزا طنجة، وألزا خريبكَة)، كما منحت قروضا لفروع أخرى، وذلك على حساب الاستثمار في جودة الخدمات النقل العمومي، الذي أشار المجلس إلى أنه يعاني من تقادم أسطول الحافلات، وعدم كفاية الاستثمار في شراء أخرى جديدة. وكشفت المهمة الرقابية التي قام بها المجلس الجهوي للحسابات بمراكش بأن الشركة تمكنت من تمديد عقد الامتياز لمدة 5 سنوات (من تاريخ انتهاء مدة العقد الأصلي في فاتح يوليوز 2014 إلى 30 يونيو من 2019)، بناءً على طلب وجّهه مدير الشركة إلى العمدة السابقة للمدينة، بتاريخ 10 ماي من سنة 2010، التزم فها بتجديد أسطول النقل من خلال شراء 81 حافلة جديدة، وهو الطلب الذي أحالته العمدة على المجلس، الذي صادق بالإجماع، خلال دورته العادية المنعقدة في أكتوبر من السنة نفسها،على تمديد العقد مقابل مقتضيات غير واضحة، وهي "تعزيز وتجديد أسطول الحافلات" دون إعطاء تفاصيل عدد الحافلات التي يجب تجديدها سنويا، قبل أن تتنصل الشركة من التزاماتها،وتكتفي باقتناء 30 حافلة بين 2012 و2015. وإذا كان عمر الحافلة مؤشرا مهما لقياس جودة خدمة النقل، فالأمر مختلف تماما عند "ألزا"، التي بلغ متوسط عمر حافلاتها 11 سنة، حتى نهاية ماي من 2016، مما يدل على "قدم وتهالك الحافلات" يؤكد التقرير، الذي أوضح بأن 72 حافلة، من أصل 125، يتجاوز عمرها 10 سنوات، فيما لا يتعدى عدد الحافلات التي يقل عمرها عن أربع سنوات 24 حافلة. وعلى إثر معاينة ميدانية أجراها قضاة المجلس ل 15 حافلة، تبين بأن الشركة لا تحترم معايير جودة خدمة النقل في بعض هذه الحافلات، التي لا تلائم حاجيات الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتفتقد لصناديق الإسعاف الأولية، وتتجاوز طاقتها الاستيعابية، مما يتسبب في تأخيرات توقيت الوقوف. ومن خلال تحليل معطيات تطور أسطول الشركة، سجل المجلس انخفاضا وعدم كفاية الاستثمارات المتعلقة بتجديد الحافلات، إذ بلغ المعدل أقل من حافلة واحدة في السنة بين 2010 و2013. أعطاب أخرى عرّتها المهمة الرقابة، التي كشفت بأن مصاريف صيانة وإصلاح الحافلات تعادل في المتوسط شراء 16 حافلة سنويا، فقد أبرمت "ألزا للنقل" عقدا مع شركة من فروع الشركة الأم تتولى بموجبه عمليات الصيانة وإصلاح الحافلات وتؤدي لها المستحقات شهريا، وقد بلغت هذه المصاريف خلال 6 سنوات، بين 2010 و2015، 135.930.883 درهما (أكثر من 13 مليارا و590 مليون سنتيم) شهريا، وهو ما يعادل شراء 99 حافلة، على اعتبار بأن متوسط ثمن شراء حافلة واحدة، خلال الفترة نفسها،يصل إلى 135 مليون سنتيم. واستنادا إلى التقرير عينه، فقد خرقت الشركة، أيضا، الالتزامات المتعلقة بسلامة المسافرين الواردة في المادة 13 من دفتر التحملات، والتي تشدد على أن السائقين يجب أن تتوفر فيهم خبرة مهنية في مجال النقل لا تقل عن 5 سنوات، فيما كشف افتحاص لسيرهم الذاتية بأن 58 في المائة منهم لديهم أقل من 5 سنوات من الخبرة، بل إن 73 في المائة من هؤلاء لديهم فقط، سنة واحدة أو أقل من الخبرة، كما أن معدل عمر السائقين لا يتجاوز 23 سنة. المهمة الرقابية الثانية من نوعها التي خضعت لها الشركة، بعد مراقبتها في سنة 2008، أكدت بأن الشركة الإسبانية استفادت من المال العام، من خلال منح بلغ مجموعها 24349820 درهما (أكثر من ملياري و340 مليون سنتيم)، خلال أربع سنوات، تسلمتها من وزارة الداخلية، في بداية كل سنة دراسية، في إطار دعمها لصندوق إصلاح النقل الحضري، وإذا كانت الشركة التزمت بتوظيف المنح في اقتناء حافلات جديدة، إلا أنها لم ترسل للسلطات المحلية الإحصائيات الشهرية المتعلقة بعدد التذاكر المخفّضة والبطاقات المباعة، خارقة بذلك مقتضيات المادة 5 من الاتفاقية، كما أحدثت تغييرات على مستوى تركيبة رأسمالها دون أن موفقة مسبقة من الجهة المانحة للامتياز. النقل شبه الحضري ليس أفضل حالا، فقد أورد التقرير العديد من الاختلالات التي تشوبه، من قبيل عدم كفاية الاستثمارات المتعلقة بتجديد الحافلات، عدم تطبيق الأسعار المنصوص عليها في المراجعات، غياب دفاتر التحملات في بعض الأقاليم (إقليمالحوز نموذجا)، والتناقض بين دفاتر التحملات والاتفاقيات الخاصة بعقود الامتياز. يذكر بأنه جرى منح حق الامتياز الخاص بالنقل العمومي الحضري وشبه الحضري بمراكش لشركة مجموعة "ألزا"، التي تسيره عبر شركيتها الفرعيتين: "ألزا للنقل" التي تأسست في 1999، والشركة المغربية لنقل المسافرين المكلفة بالنقل شبه الحضري، المحدثة في يونيو من 2001، بعدما أبرمت المجموعة أربع اتفاقيات، واحدة مع إقليمالحوز، بتاريخ 27 فبراير من 2001، لربط جماعات الإقليم بالمدينة، واثنتان، بتاريخ 25 يوليوز من السنة عينها، مع العمالتين السابقتين "المنارة" و"سيدي يوسف بنعلي"، والرابعة مبرمة مع إقليمشيشاوة في 2004، لاستغلال خط للنقل شبه الحضري بين شيشاوةومراكش.