على إثر الجدل الذي أثاره شريط فيديو أعادت نشره الصحافة الإسبانية حول حادثة مقتل الشاب المغربي إلياس الطاهري قبل سنة في مركز لإيواء القاصرين بألميريا، والذي يظهر تعرضه لمعاملة قاسية ولاإنسانية من لدن عناصر شرطة إسبان، وجه النائب البرلماني، محمد بنجلول، عن فريق حزب العدالة والتنمية سؤالا كتابيا إلى وزير الخارجية، ناصر بوريطة، حول ما تقوم به السلطات المغربية بشأن قضية الطاهري، والدعم القنصلي والقانوني الذي من المفترض أن تقدمه لأسرة الفقيد، بعدما أربك الشريط الأخير عناصر الرواية التي قدمها الأمن الإسباني عشية الحادث في بداية يوليوز من السنة الماضية. «إن هذه الواقعة الأليمة تعيد إلى الواجهة المعاملات التي تحمل طابع الكراهية والعنصرية التي يتعرض لها مغاربة العالم، الشيء الذي يفرض على الحكومة المغربية تبني سياسة تجاه مغاربة العالم تدفع عنهم هذا الحيف والتمييز»، يقول بنجلول في سؤاله الكتابي الموجه إلى وزير الخارجية، مطالبا إياه بكشف «التدابير» التي ستتخذها الوزارة من أجل «تقديم الدعم القضائي والقنصلي لذوي حقوق الضحية إلياس الطاهري، حتى يتسنى إحقاق العدالة في هذه القضية»، مسائلا بوريطة كذلك عن الإجراءات الدبلوماسية التي سيتخذها المغرب «مع السلطات الإسبانية حتى تأخذ هذه القضية مجراها الصحيح أمام العدالة الإسبانية»، وعن «السياسة المزمع اتباعها لحماية مغاربة العالم من المعاملات التي تحمل طابع الكراهية والعنصرية». وجاء في معرض سؤال النائب البرلماني أن «المجتمع المغربي، ومن خلاله الرأي العام الوطني والدولي، يتابع قضية مقتل الشاب المغربي، إلياس الطاهري، في مركز احتجاز القاصرين بألميريا العام الماضي، كما تبين من شريط الفيديو المسرب، الذي يوضح أن الضحية تعرض لمعاملة لاإنسانية وقاسية أدت إلى موته اختناقا، وأن الأمر يتعلق بجريمة قتل عمد غذتها الكراهية والعنصرية وليست وفاة عرضية عنيفة، كما تشيعه التقارير الرسمية الإسبانية». وكانت الصحافة الإسبانية قد أعادت إلى الواجهة حادثة مقتل الطاهري على يد رجال شرطة إسبان بطريقة تشبه الحادث المأساوي الذي أثار موجة غضب واحتجاجات بالولايات المتحدةالأمريكية، والمتعلق بمقتل المواطن الأمريكي ذي الأصول الإفريقية، جورج فلويد، ذي الستة وأربعين عاما، على يد ضباط شرطة أمريكيين، حيث غزا شريط الفيديو الذي يوثق حادثة مقتل الشاب المغربي وسائل التواصل الاجتماعي، مع وسم «جورج فلويد المغربي"، ليسلط الضوء من جديد على حكايات العنصرية التي يتعرض لها بعض مغاربة العالم، وخطاب الكراهية ضد المهاجرين في عقر بلدان تعد في صف الدول الديمقراطية. الحادث الذي أثار موجة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي دفع برواد الفضاء الأزرق إلى مطالبة وزارة الخارجية بالضغط على السلطات الإسبانية من أجل إحقاق عدالة قضائية في الملف الذي سبق أن قضت فيه المحكمة بأن وفاة الطاهري كانت عرضية، وهو ما ذهب إليه مئات المواطنين المغاربة والإسبان، من خلال توقيع عريضة إلكترونية تطالب السلطات الإسبانية بإعادة فتح التحقيق، وسط استنكار لمظاهر العنصرية وما أظهره الشريط من معاملة لاإنسانية لشاب في ربيعه الثامن عشر. وردا على الانتقادات التي وُجهت إلى سلوك السفارة المغربية بمدريد بشأن الحادث، أفاد مصدر مطلع من وزارة الخارجية، في تصريح ل«أخبار اليوم»، بأن «القنصلية العامة للمملكة المغربية بألميريا كانت قد سارعت لمتابعة مجريات التحقيق وربط الاتصال بوالدة الهالك من أجل تقديم التعازي والمواساة وإرشادها لمتابعة ملابسات القضية بتوكيل محام»، وأن «السيد القنصل استقبلها وعبر لها عن استعداده لتقديم الدعم في القضية»، وأن «سفيرة المغرب بمدريد أثارت القضية مع المسؤولين الإسبان في أكثر من مناسبة». «حادثة مقتل الطاهري عرت ولاتزال ستعري واقعا مرا، لكنه لم يكن يصل إلينا، وهو واقع العنصرية الذي يعانيه مغاربة العالم»، يقول بنجلول في تصريح ل«أخبار اليوم»، مضيفا أنه «على السلطات المغربية اليوم أن تعمل على حفظ حقوقهم، وعليها اتخاذ سياسات صارمة بعد هذا الحادث، فكما هي حقوق الأجانب مكفولة دستوريا وحقوقيا ومجتمعيا في المغرب، والمغربي يفضل ربما الآخر على نفسه، وليست لدينا، دولة ومجتمعا، تلك النزعة العنصرية تجاه الأجانب، فإننا لا نقبل أن يتعرض مواطنونا في دول أخرى لممارسات بهذا الشكل. الفيديو صادم، فالشاب لم يظهر أي مقاومة، وأن يعامَل بتلك الطريقة فهذا لا يقبل به أي مغربي كيفما كان».