امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب        الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    التكوين في مجال الرقمنة.. 20 ألف مستفيد في أفق سنة 2026    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    هولندا.. توقيف 62 شخصا في أحداث الشغب الإسرائيلي بأمستردام    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    الشرطة الهولندية توقف 62 شخصاً بعد اشتباكات حادة في شوارع أمستردام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    محامو المغرب: "لا عودة عن الإضراب حتى تحقيق المطالب"    مؤسسة وسيط المملكة تعلن نجاح مبادرة التسوية بين طلبة الطب والصيدلة والإدارة    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز        بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    الشبري نائبا لرئيس الجمع العام السنوي لإيكوموس في البرازيل    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النيابة العامة في مرآة كورونا.. تغوّلت في ظل حالة الطوارئ أم قامت بتنزيل قوانين تُغلّب الزجر على الحقوق؟
نشر في اليوم 24 يوم 14 - 06 - 2020

أعادت جائحة كورونا مؤسسة النيابة العامة لتتصدر النقاش العمومي بسبب دورها في تنفيذ سياسة الدولة في هذه الفترة. ففي حواره الأخير مع "أخبار اليوم" الأسبوع الماضي، قال محمد الطوزي، أستاذ العلوم السياسية، إن "التصور الذي لدى النيابة العامة للصرامة هو تصور إلى حد ما يتعارض كليا مع السياسة الحالية لتدبير الجائحة".
في التحليل الذي قدّمه محمد الطوزي، فإن القضية تتجاوز المنطق القانوني، الذي يحتمي بالاختصاصات الموكول إلى كل جهاز أو قطاع، بل يتعلق بميزان القوى داخل الدولة، الذي يتقلب على مستوى الزمن، وينم عن وجود تنافس بين الأجهزة والمؤسسات إن لم يكن صراع بينها. وهو واقع يعكس توجها تسلطيا في الجواب عن السؤال: كيف نحكم؟ وما هي حدود الصرامة؟ الذي تنتج عنه تناقضات في التصور بين الأجهزة، وتظهر على شكل تعارضات في الواقع، حيث تبدو النيابة العامة وكأنها تقصد نسف جهود وزارة الصحة أو أي قطاع حكومي آخر.
الطوزي اعتبر أن هناك مستويين من التدبير؛ الأول استراتيجي: "وهو واضح وبسيط، حيث يؤكد على صحة المواطن أولا، والثاني يقع على مستوى تدبير ذلك الخطاب الاستراتيجي، حيث تبقى الحكومة هي المسؤولة. "طبعا، ليس هناك تنسيق لتدبير الخطاب الاستراتيجي أو "شاف أوركسترا" الذي يمكن أن يمنح التناغم، لذلك نجد من يقول ب"الصرامة" وقام باعتقال 65 ألفا، وظهر أن ما يقوم به وزير الصحة تنسفه النيابة العامة"، يقول الطوزي دائما.
لقد برّرت النيابة العامة قرار الوضع رهن اعتقال في حق كل من يخرق إجراءات حالة الطوارئ الصحية، بكونه كان، أساسا، بسبب اقترانه مع جرائم أخرى ارتكبوها، مثل الاعتداء على الأشخاص أو السرقة أو الاتجار في المخدرات أو العنف ضد الموظفين العاملين على إنفاذ القانون أو غيرها من جرائم الحق العام، في حين كانت تلجأ إلى قرار المتابعة في حالة سراح في حق من يخرق إجراءات الحجر الصحي.
لكن وجهة النظر هاته لم تقنع أي من العاملين في مجال حقوق الإنسان، وفي هذا الصدد، يرى عبداللطيف رفوع، رئيس المرصد المغربي للسجون، أن "المحالين على السجون في حالة اعتقال، غالبا ما تُضاف إليهم تهمة ثانية تتعلق بإهانة الضابطة القضائية"، واعتبر رفوع أن هذا التوجه من قبل النيابة العامة لا يراعي واقعا جديدا يتمثل في أن "المواطنين لازالوا تحت صدمة فيروس كورونا".
هي ليست المرة الأولى التي تجد فيها النيابة العامة نفسها في قلب الجدل والانتقادات، وإذا كان الحقوقيون فسروا تجاوزات النيابة العامة ب"الصرامة" التي أوصى بها عبدالنبوي قضاة النيابة في التعامل مع المخالفين لإجراءات الحجر الصحي، فإن محمد الطوزي ذهب أبعد من ذلك حين ربط بين الصرامة وبين المنطق السلطوي في الحكم. فمنذ استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل في أكتوبر 2017، وبسبب المحاكمات التي تعرض لها معتقلو حراك الريف وجرادة، وكذا صحافيون بينهم حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين، وصولا إلى سليمان الريسوني، جرى دائما التوكيد على خطورة "تغول" النيابة العامة.
وفي الوقت الذي يدفع فيه البعض بكون النيابة العامة مقيدة بالمقتضيات القانونية الخاصة بتدير فترة الطوارئ الصحية، قال الحقوقي خالد البكاري، إن الحرص على تضمين عقوبات سالبة للحرية في المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية "في اعتقادي خطأ، كان يجب تصحيحه برلمانيا، لكن للأسف جرى تمريره بسرعة وبالإجماع في سياق يغلب عليه الإذعان التام لكل ما يصدر عن السلطة التنفيذية، وأساسا عن وزارة الداخلية، التي تحولت إلى المدبر الرئيس لهذه المرحلة". وأضاف البكاري أن مؤسسة النيابة العامة "لازالت تتحكم فيها مرجعية تغلب المسطري على روح القانون، مؤسسة تشتغل وكأنها نائبة عن الدولة والنظام أكثر من نيابتها عن المجتمع، مؤسسة تُغيّب الأدوار البيداغوجية للقانون، وتعلي من الوظائف الزجرية".
في المقابل اعتبر الأستاذ الجامعي عبد الحفيظ أدمينو، أن الأرقام التي كانت تعلن عنها النيابة العامة بكيفية متواترة أظهرت أن نسبة المتابعة بناء على التوقيفات التي جرت في حالة الطوارئ الصحية كانت لا تتعدى ما يقارب 5 في المائة، "وحتى ضمن هذه النسبة، فالمتابعة لا ترتبط فقط، بخرق لحالة الطوارئ الصحية أو للحجر الصحي، بل إن الخرق مرفوق بجرائم أخرى مرتبطة إما باغتصاب أو سكر علني أو سرقة، أو غيرها من الأفعال المُجرّمة بمقتضى القانون الجنائي".
وأضاف أدمينو أن مرونة كبيرة جرى إظهارها في تدبير هذا الملف، "حيث كان يجري إطلاق سراح الموقوفين، خاصة الموقوفين بسبب خرق الطوارئ الصحية". وعن اختيار الردع بواسطة العقوبة الحبسية بدل الغرامات والعقوبات البديلة، قال أدمينو إن المواطنين الذين كان يجري توقيفهم "لا أظن أن لهم من الإمكانيات ما يمكنهم من أداء غرامات مالية كبيرة، وبالتالي، فالمشرع حاول أن يبين الطابع الردعي للعقوبات من جهة، ولكن دون أن يجعلها عقوبات غير قابلة للتطبيق".
النيابة العامة في مرآة كورونا
عادت النيابة العامة لتتصدر النقاش العمومي بسبب تصورها وأدائها في تنفيذ سياسة الدولة في تنفيذ جائحة كورونا. فهذا الجهاز الذي أثار لدى إقرار استقلاليته عن الحكومة في 2017 جدلا واسعا، بين الرفض والتأييد، غالبا ما أثارت أعماله انتقادات واعتراضات، بسبب ارتهانها لمراكز القرار داخل الدولة، حسب ادعاءات بعض الحقوقيين.
آخر الانتقادات القوية صدرت عن محمد الطوزي، أستاذ العلوم السياسية، إذ اعتبر في حوار له مع "أخبار اليوم"، أن "التصور الذي لدى النيابة العامة للصرامة، هو تصور إلى حد ما يتعارض كليا مع السياسة الحالية لتدبير الجائحة". وهي عبارة قوية تؤكد ما ذهبت إليه العديد من الهيئات والمنظمات الحقوقية التي انتقدت دور النيابة العامة في تدبير جائحة كورونا، بشكل تبدو معه وكأنها موجودة لنسف جهود قطاعات حكومية، مثل وزارة الصحة.
هذا، وسبق للائتلاف المغربي لحقوق الإنسان، المكون من جل الجمعيات الحقوقية المغربية، أن نبّه في رسالة مفتوحة موجهة لرئاسة النيابة العامة إلى خطورة حجم الاعتقالات في صفوف من يخرقون الحجر الصحي، والتي وصلت إلى عشرات الآلاف، مؤكدا في الرسالة أن "محاربة الجريمة مهما كانت خطورتها، تفرض التقيد بمنطق الموضوعية والحذر، وباحترام كامل للمقاربة الإنسانية والحقوقية، بعيدا عن النظرة الأمنية المتشددة، والتي ثبت بالتجربة أنها تسقط في براثن الانتهاكات المتعددة الأوصاف لحقوق الإنسان ولحقوق المعتقلين".
منذ استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل أثير جدل عمومي حول هذا الموضوع، فهناك من قال إن ذلك يعود إلى دورها المركزي في تنفيذ السياسة الجنائية للدولة، واستقلاليتها عن كل "تأثير سياسي أو إيديولوجي"، كما كان يحلو لرئيسها محمد عبدالنبوي، القول في دفاع عن هذا الرأي، لكن هناك من يرى أن السبب في ذلك يعود إلى "ضعف استقلاليتها عن مراكز القرار في الدولة". فما الذي يجعل النيابة العامة دائما في قلب العاصفة؟
تصور سلطوي
في التحليل الذي قدّمه محمد الطوزي، فإن القضية تتجاوز المنطق القانوني، الذي يحتمي بالاختصاصات الموكول إلى كل جهاز أو قطاع، بل يتعلق بميزان القوى داخل الدولة، الذي يتقلب على مستوى الزمن، وينم عن وجود تنافس بين الأجهزة والمؤسسات إن لم يكن صراع بينها. وهو واقع يعكس توجها تسلطيا في الجواب عن السؤال: كيف نحكم؟ وما هي حدود الصرامة؟ الذي تنتج عنه تناقضات في التصور بين الأجهزة، وتظهر على شكل تعارضات في الواقع، حيث تبدو النيابة العامة وكأنها تقصد نسف جهود وزارة الصحة أو أي قطاع حكومي آخر.
يقول الطوزي، في هذا السياق، إن "التصور الذي لدى النيابة العامة للصرامة هو تصور إلى حد ما يتعارض كليا مع السياسة الحالية لتدبير الجائحة، لأنه لا يمكن أن يجري فرض الحجر الصحي، وأحيانا قد يكسره بعض المواطنين، وهو أمر لاحظناه في العديد من الدول، ويجري توقيفهم من طرف السلطات، وأنا أتصور إذا كان 100 خرقوا الحجر، ف60 منهم يتفهم من يقومون بالمراقبة وضعهم، أما 40، فمن حق الدولة أن تتابعهم بالقانون، ولكن تنزيل هذا القانون على مستوى تدبير الجائحة يثير مشكلا، إذ لا يمكن تصور أن اعتقالهم أمر في صالح هذا التدبير"، ومضى الطوزي قائلا: "حين تقبض مثلا على هؤلاء 40 وتقدمهم في حالة اعتقال، هذا لم يعد صرامة، وليس فقط سلطوية، بل أكثر من ذلك يسير ضد سياسة الدولة للتدبير، لأنك حينما تعتقل هاته الأعداد الهائلة وكأنها مؤشر على النجاعة والضرب بيد من حديد، فإن في ذلك تهديد لحياة الناس، إذ عمليا تجري عملية كسر استراتيجية التباعد والحماية، وهذا ليس بتدبير وهو أمر غير معقول".
لماذا هذا الوضع المتناقض؟ يجيب الطوزي قائلا: "هناك مستويان من التدبير؛ المستوى الاستراتيجي، وهو واضح وبسيط، حيث يؤكد على صحة المواطن أولا، وليس هناك أي اعتبار للحسابات الأخرى أمام أولوية صحة المواطن، فالخطاب الاستراتيجي الذي صدر عن أعلى سلطة في البلاد هو هذا. ولكن "كل واحد كيدير خدمتو". وعلى مستوى تدبير ذلك الخطاب الاستراتيجي تبقى الحكومة هي المسؤولة. طبعا، ليس هناك تنسيق لتدبير الخطاب الاستراتيجي أو "شاف أوركسترا" الذي يمكن أن يمنح التناغم، لذلك نجد من يقول ب"الصرامة" وقام باعتقال 65 ألفا، وظهر أن ما يقوم به وزير الصحة تنسفه النيابة العامة.
حجم الاعتقالات التي أشار إليها الطوزي كانت النيابة العامة من تعلن عنه قبل أن تكف عن ذلك، ففي آخر بلاغ لها أعلنت عن تحريك المتابعة القضائية في مواجهة ما مجموعه 65 ألفا و352 شخصا، بذريعة أنهم قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية، من بينهم 3106 شخصا أحيلوا على المحكمة في حالة اعتقال، فيما جرت متابعة الآخرين في حالة سراح، وهذا يعني أنهم مهددون إما بالحبس الموقوف التنفيذ أو الغرامات، أو هما معا.
وإذا كان الملك محمد السادس أفرج عن أزيد من 5654 ألف سجين في بداية مواجهة الجائحة، وفق مقاربة إنسانية وأخرى تنظيمية سعت إلى تخفيف الاكتظاظ في السجون، فإن النيابة العامة نسفت ذلك الجهد الملكي، حيث جرى اعتقال العدد نفسه تقريبا، ناهيك عن عشرات الآلاف الذين يتابعون في حالة سراح. وظهر حينها، أي في منتصف ماي الماضي، أن عدد المعتقلين يفوق بكثير عدد الذين أخضعوا للتحليلات الطبية من قبل مختبرات وزارة الصحة في سياق مواجهة تفشي وباء كورونا.
فبينما كانت وزارة الصحة والحكومة تعمل على تخفيض عدد المصابين، كانت النيابة العامة والشرطة القضائية على الجهة الأخرى منخرطتين في فرض وجهة نظر منافسة تتصور أن الصرامة هي اعتقال كل من يخرق إجراءات الحجر الصحي. وهو تصور جعل النيابة العامة والمديرية العامة للأمن الوطني في قلب الانتقادات، ما دفعهما إلى التراجع عن إصدار البلاغات التي كان يقدمها كل جهاز على حدة، وبانتظام للرأي العام، تكشف فيها عن عملياتها الأمنية لفرض حالة الطوارئ، وهو التراجع الذي اختفت معه الأرقام التي كانت تُنشر عن أعداد الأشخاص الموقوفين، وأعداد الذين أودعوا السجن تحت تدابير الحراسة النظرية لإحالتهم على النيابة العامة.
الائتلاف الحقوقي ينتفض
لقد برّرت النيابة العامة قرار الوضع رهن اعتقال في حق كل من يخرق إجراءات حالة الطوارئ الصحية، بكونه كان، أساسا، بسبب اقترانه مع جرائم أخرى ارتكبها من جرى اعتقالهم، مثل الاعتداء على الأشخاص أو السرقة أو الاتجار في المخدرات أو العنف ضد الموظفين العاملين على إنفاذ القانون، أو غيرها من جرائم الحق العام، في حين كانت تلجأ إلى قرار المتابعة في حالة سراح في حق من يخرق إجراءات الحجر الصحي.
لكن وجهة النظر هاته لم تقنع أي من العاملين في مجال حقوق الإنسان، وفي هذا الصدد، يرى عبداللطيف رفوع، رئيس المرصد المغربي للسجون، أن "المحالين على السجون في حالة اعتقال، غالبا ما تُضاف إليهم تهمة ثانية تتعلق بإهانة الضابطة القضائية"، معتبرا أن هذا التوجه من قبل النيابة العامة لا يراعي واقعا جديدا يتمثل في أن "المواطنين لازالوا تحت صدمة فيروس كورونا"، مؤكدا أن هذه الصدمة تقتضي تبني مقاربة تحسيسية وتوعوية وتأطيرية، بعيدا عن الزج بالناس في السجون، مسترسلا "لو استمرت الأمور هكذا، فإن النيابة العامة تهيئ ظروف انتشار الفيروس في المؤسسة السجنية".
ولاحظ المتحدث نفسه أن "النيابة العامة تتعامل مع المواطنين بقسوة وصرامة، إذ إن مقاربة قانون حالة الطوارئ هي مقاربة عقابية، أكثر من كونها قانونية، وهو ما يبين أزمة السياسة الجنائية". ومضى قائلا إن "مخافر الشرطة غير مؤهلة للقيام بالإجراءات الاحترازية والصحية لحماية الموقوفين من انتشار العدوى"، لأن "الضابطة القضائية تضع الموقوفين في الحراسة النظرية دون أن تعرف هل هم مصابون بالفيروس، خصوصا وأن الأعراض لا تظهر في حينها، وهو ما يجعل إمكانية انتشار الفيروس واردة، في ظل الاكتظاظ، وفي وغياب شروط السلامة الصحية".
الحل أمام تمدد التوجه السلطوي للنيابة العامة والشرطة القضائية، بحسب رفوع، يكمن في تعديل المادة 4 من قانون حالة الطوارئ الصحية، بعدما صار تطبيق هذا القانون ينطوي على ضرب مباشر لحقوق الإنسان.
لا خلاف بين الحقوقيين في أن النيابة العامة والشرطة القضائية تعاملت بسلطوية في تنفيذ قانون حالة الطوارئ الصحية. أحمد الهايج، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أوضح أن الدولة تعاملت مع المخالفين للحجر الصحي ب"منطق أمني"، يرتكز على "تعزيز البعد السلطوي"، وأضاف: "عوض التخفيف من الاكتظاظ في السجون التي من الممكن أن تشكل بؤرا لانتشار الفيروس، ذهبت الدولة في اتجاه التشدد في حق من يخرقون الحجر الصحي، والنتيجة هي أن الموقوفين والمتابعين يُعدون بالآلاف". وتابع: "ليست هناك استراتيجية واضحة تشتغل بها الدولة، إذ عوض الاعتقالات كان من الممكن أن تلجأ إلى العقوبات البديلة، مثل الغرامات والحبس موقوف التنفيذ"، مشيرا إلى أن "خرق الحجر لا يشكل خطورة ولا يمس بجوهر الحجر". واعتبر الهايج أن جزءا من المسؤولية يقع على النواب البرلمانيين الذين مرروا القانون بهذه العقوبات الزجرية، مردفا أن الدولة استغلت هذه الظرفية، والرّهاب الذي يعيشه المواطنون، والذي جعل الكل يقبل بكل شيء للحفاظ على الحياة.
وبالعودة إلى الرسالة التي بعث بها الائتلاف الحقوقي المغربي إلى رئيس النيابة العامة، فقد طالب بالإفراج عن كل الموقوفين الجدد، حتى لا يُحالوا على السجون ويصبحوا "رهائن للصرامة"، و"قرابين لوباء كورونا فيروس، وأجساما لترويج المرض بالسجون اليوم، وغدا وسط الأسر والمجتمع؛ وأن تجري متابعتهم ومحاكمتهم إن اقتضى الحال في حالة سراح بعد نهاية حالة الحجر الصحي، وبعد استعادة المحاكم لعافيتها والجلسات لسيرها العادي".
واعتبر الائتلاف أن "محاربة الجريمة مهما كانت خطورتها تفرض التقيد بمنطق الموضوعية والحذر، وباحترام كامل للمقاربة الإنسانية والحقوقية، بعيدا عن النظرة الأمنية المتشددة، والتي تؤكد التجربة أنها تسقط في براثن الانتهاكات المتعددة الأوصاف لحقوق الإنسان ولحقوق المعتقلين، من خلال الوضع تحت الحراسة النظرية، والتي ما هي سوى تدبير استثنائي كما تعرفون، يمكن تعويضها بتدابير الرقابة القضائية التي يتم غض الطرف عنها بكل الأسف، ومن خلال تحرير المحاضر وتكييف الأفعال مسبقا أحيانا، من قبل الضابطة القضائية دون حق".
وانتقد الائتلاف تعليمات رئاسة النيابة العامة التي دعت إلى "التعامل بالصرامة" مع المخالفين لإجراءات الحجر الصحي، لأنها قد "تُستَعمَل من أجل تبرير اتهام العديد منهم من قبل نياباتكم بالمحاكم بجنحة "إهانة موظف"، ويخشى أن تكون كلمة "الصرامة" بابا للاعتقالات العفوية وخارج المشروعية للآلاف من المواطنين والمواطنات عبر التراب المغربي.
الصرامة أم الارتهان لمراكز قوى
ليست المرة الأولى التي تجد فيها النيابة العامة نفسها في قلب الجدل والانتقادات، وإذا كان الحقوقيون فسروا تجاوزات النيابة العامة ب"الصرامة" التي أوصى بها عبدالنبوي قضاة النيابة في التعامل مع المخالفين لإجراءات الحجر الصحي، فإن محمد الطوزي ذهب أبعد من ذلك حين ربط بين الصرامة وبين المنطق السلطوي في الحكم. ويبدو أن هذا التحليل هو الذي يفسر لنا لماذا تجد النيابة العامة نفسها دائما في قلب الجدل والنقد؟
ذلك أنه منذ استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل في أكتوبر 2017، وبسبب المحاكمات السياسية التي تعرض لها معتقلو حراك الريف وجرادة، وكذا صحافيون من بينهم حميدالمهداوي وتوفيق بوعشرين، وصولا إلى سليمان الريسوني، جرى دائما التوكيد على تغول النيابة العامة. وإذا كان رئيس النيابة العامة قد احتفى مرارا باستقلال النيابة العامة عن الحكومة، فإن السؤال الذي سبق أن طرحه حقوقيون وباحثون، يدور حول مدى استقلالية النيابة العامة عن مراكز القرار الرئيسة، وبالضبط الأجهزة الأمنية.
الإشكال الثاني، الذي يُطرح، يتعلق بمدى إمكانية محاسبة النيابة العامة؟ ومن قبل من؟ خصوصا عندما تقع في مثل الوضعية التي نبّه إليها محمد الطوزي والحقوقيون. وعلى الرغم من أن محمد عبدالنبوي يرى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية هو من يقوم بمراقبة ومحاسبة النيابة العامة، كما يمكن للملك أن يقوم بذلك بصفته رئيسا للدولة، علاوة على أن إجراءات النيابة العامة تبقى خاضعة لمراقبة قضاة الأحكام، فإن عبداللطيف وهبي، المحامي والبرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، يعتبر أن "النيابة العامة، التي لا تعد سلطة دستورية، توسعت حديثا في استقلاليتها، إذ تحاول أن تفرض نوعا من الاستقلالية حتى على المجلس الأعلى للسلطة القضائية". ونبّه وهبي في تصريحات سابقة له إلى أن "سلوك النيابة العامة يعتبر نوعا من الانحراف القانوني والإداري، وفيه مساس خطير بدور رئيس الدولة، إضافة إلى هذا كله فيه تجاوز، كذلك، لدور البرلمان. مثل عقد رئيس النيابة العامة ندوة صحافية قدم فيها تقريره، وتصرف بحرية، ونشر التقرير للعموم، قبل أن يتوصل نواب الأمة بنسخة منه".
وإذا كان القانون قد أسندَ إلى النيابة العامة تنفيذ السياسة الجنائية، فيما أعطى البرلمان صلاحية إعداد ووضع تلك السياسة، إلا أن البرلمان لم يقم بأي شيء حتى الآن في هذا الشأن، فلا توجد حتى الآن أي وثيقة أو قانون يحدد السياسة الجنائية للدولة وتوجهاتها. وهو واقع يجعل سلوك وتوجهات النيابة العامة خارج أي مراقبة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحقوق والحريات، وبشكل أخص كلما تعلق الأمر بمعارضي السلطة ومنتقديها.
عبدالرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية، نبّه إلى هذا الاختلال قائلا: "النيابة العامة لم تتحرك عندما أكد تقرير برلماني أن شركات معينة جنت 17 مليار درهم من الأرباح، أي مارست الإثراء غير المشروع، كما أنها لا تتحرك في قضايا فساد تشغل الرأي العام والمجتمع، أو ضد استغلال السلطة، أو ضد تحقير مقررات القضاء، لكنها تتحرك بسرعة كلما تعلق الأمر بنشطاء حقوق الإنسان، وضد نشطاء حراك الريف، وضد الصحافيين المزعجين للسلطة".
في المقابل، رفض عبدالنبوي، الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، تهمة التغول التي صارت مقرونة بجهاز النيابة العامة، فحسب وجهة نظره، فإن "رئيس النيابة العامة أصبح دون أنياب، ولا مجال للحديث عن التغول"، إذ "لا يمكنه أن يعاقب القضاة أو يؤدبهم، لأن الوكيل العام لا يترأس المجلس، بل هو عضو فيه ضمن باقي الأعضاء، كما أن هناك ضمانات لاستقلالية القضاء وضعها المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، وفق تعبيره.
لكن إذا كان تصور عبدالنبوي سليما وواقعيا، فلماذا هذا الوضع؟ الراجح اليوم، بعد نحو ثلاث سنوات من حصولها على استقلاليتها عن الحكومة والبرلمان، هو أن النيابة العامة فشلت في فك الارتهان بأجهزة قرار أخرى داخل الدولة. إذ سبق للمحامي والحقوقي، عبدالعزيز النويضي، أن تساءل عن مدى استقلالية النيابة العامة عن مراكز القرار، مؤكدا بالقول: "إذا كان لا أحد يجادل في كفاءة ونزاهة عبدالنبوي، الذي يعتبر باحثا مجدا ومشرعا وقاضيا كفؤا، لكننا سنبقى نطرح السؤال حول استقلالية النيابة العامة عن مراكز القرار". وأضاف النويضي، في إشارة دالة، أن «إصلاح النيابة العامة لن يكتمل إلا بإصلاح جهاز الشرطة القضائية، بجعله تحت الإشراف الفعلي للنيابة العامة، وفك الارتباط بينه وبين الأجهزة الأمنية التي يعد تابعا لها إداريا ويتأثر بتوجهاتها، ويخضع لسلطاتها أكثر مما يخضع للنيابة العامة".
الدليل.. استهداف المعارضين
لعل أقوى دليل على ما ذهب إليه عبدالعزيز النويضي، هو الاستهداف المستمر للمعارضين للسلطة، حيث تبدو النيابة العامة والشرطة القضائية مجرد أدوات في يد السلطة، وليس مؤسسات دولة. ويظهر ذلك في حجم الخروقات القانونية والحقوقية التي تُرتكب في حق هذا الصحافي أو ذاك، خصوصا إذا كان من المزعجين لمراكز القرار في الدولة.
وإذا كانت الانتهاكات والتجاوزات في حق الصحافي توفيق بوعشرين باتت محط تأييد حقوقي دولي وأممي، فإن ما يتعرض له الصحافي سليمان الريسوني، من استهداف وتشهير، تحت أعين النيابة العامة، يؤكد مرة أخرى أن هذا الجهاز لا يتمتع بالاستقلالية اللازمة والكافية عن مراكز القرار في السلطة.
عزيز إدامين، حقوقي مغربي مقيم في فرنسا، أوضح عددا من التجاوزات التي توضح وجود استهداف سياسي للصحافي الريسوني، مؤكدا: "أن لحظة توقيف سليمان الريسوني بدأت بتصويره من قبل موقع إلكتروني، كما أنه ليس هناك أي عقل سليم يقتنع بمسألة صدفة وجود كاميرا في تلك اللحظة، بل المنطق يقتضي أن تتولد قناعة أن الملف بدأ بسوء نية من قبل الدولة، وأن التوقيف والاعتقال مُفكّر فيه قبل الاستماع إلى الصحافي سليمان". وأضاف إدامين أن النيابة العامة قررت متابعة الريسوني في حالة اعتقال، وفي هذا يمكن إبراز ثلاثة عناصر إزاء هذا القرار. العنصر الأول: هو أن الحركة الحقوقية تعتبر أن الحرية هي الأصل، وتقييدها هو استثنائي ويعتبر آخر إجراء يمكن اعتماده بعد استيفاء كافة الإجراءات والضمانات الأخرى. العنصر الثاني: أن المتابعة في حالة اعتقال، جاء في سياق مطالب الحركة الحقوقية العالمية والوطنية بتخفيف الاكتظاظ داخل السجون في زمن كوفيد 19، سواء بترشيد الاعتقال الاحتياطي، أو بإطلاق سراح عدد ممن ارتكبوا جرائم وصدرت في حقهم عقوبات حبسية من نساء حوامل وكبار السن وأطفال..، وهو ما تأتى بالعفو الملكي عن 5656 سجينا بسبب كورونا بتاريخ 5 أبريل. العنصر الثالث: أن القانون الجنائي المغربي يجعل المتابعة في حالة اعتقال في حالات محددة، وهي التلبس وهو غير متوفر في هذه القضية، أو خطورة الجريمة المرتكبة. وبخصوص هذا التكييف، فإن الشاب آدم تحدث عن جريمة مفترضة وقعت سنة 2018. ومن سنة 2018 إلى 2020، أي بعد مرور سنتين، لم تسجل أي شكاية أو تهمة الاغتصاب ضد سليمان الريسوني، وبالتالي، فهو ليس خطيرا على المجتمع لمتابعته في حالة اعتقال". وخلص إدامين إلى أن أقل ما يمكن قوله إزاء توجه النيابة العامة، هو "انعدام التوازن القانوني بين طرفي القضية. طرف حر ويتحرك من أجل التحضير والإعداد لملفه، وهو حق له، وطرف آخر محروم من حريته، رغم توفره على كافة الضمانات للمتابعة في حالة سراح".
التعليق على التوجه السلطوي للنيابة العامة في تدبير قضية الريسوني صدر، أيضا، عن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الذي اعتبر أن قرار فتح بحث تمهيدي مع الصحافي سليمان الريسوني، "بناء على تدوينة منشورة على حساب شخص بهوية غير حقيقية، دون أن يحدد المعني بها، مكان وحيثيات الواقعة المدعاة، مما يستحيل معه تحديد جهة الادعاء المختصة مكانيا، يثير الشكوك بخصوص استهداف الصحافي سليمان الريسوني". ونبه المنتدى إلى أن الريسوني "بريء بمقتضى الدستور والقانون، رغم القرار بفتح البحث التمهيدي، مما كان يجب معه استدعاؤه لإجراء البحث، دون الحاجة إلى إيقافه ووضعه تحت تدابير الحراسة النظرية، كما أن الإحالة من أجل إجراء التحقيق الإعدادي، نظرا إلى غياب الأدلة الكافية، والذي لا يعني توجيه الاتهام، يقتضي تمتيعه بحقه الدستوري والقانوني في الحرية، حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه وهو في حالة سراح". مستنكرا بالموازاة مع ذلك "الحملة التشهيرية المنسقة التي تعرض لها الريسوني قبل توقيفه"، واستغرب كيف أن أحد المواقع الإلكترونية تنبأ باعتقاله قبل بداية القضية، رغم أنها "مشمولة بالسرية إلى حدود يومه، كما نشر مقطعا مصورا لعملية التوقيف والاقتياد، وهي الوقائع التي تمس سرية المسطرة وتستعدي فتح بحث قضائي في الواقعة وإعلان نتائجه وترتيب الآثار القانونية".
أمام كل هذه الحيثيات دعا منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إلى تمتيع سليمان الريسوني بحقه في المحاكمة في حالة سراح، وتمكينه من تحقيق عادل قد يفضي إلى عدم المتابعة، "كما قد يفضي إلى المتابعة، وفقا للمعايير الحقوقية الدولية".
هكذا يبدو إذن، أن النيابة العامة ليست مجرد جهاز قادر على إرباك عمل الحكومة في ظل مواجهة جائحة كورونا، كما سجّل ذلك الطوزي والحقوقيون، ليس بسبب فهم ضيق للصرامة كما يبدو، لكن بسبب المنطق السلطوي الذي يسكنها، والذي يجعلها رهينة لأجهزة غير قضائية، تبدو فاقدة معها استقلاليتها التي تتغنى بها كلما تعلق الأمر بالحاجة إلى مراقبتها من قبل الحكومة والبرلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.