عبر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان عن اندهاشه الشديد من الحملات التي تقوم بها مختلف الأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على عشرات الآلاف من الأشخاص، وإحالة عدد كبير منهم في حالة اعتقال أمام المحاكم بتهم منها إهانة موظف. وأشار الائتلاف في مراسلة لرئيس النيابة العامة، أن إطلاق هذه الحملة، التي لم يعرف المغرب مثيلا لها منذ الاستقلال، جاء عقب توجيهات رئاسة النيابة العامة وأوامرها بالتعامل بصرامة مع المخالفين لقانون الحجر الصحي.
ولفت الائتلاف إلى أن محاربة الجريمة مهما كانت خطورتها، تفرض التقيد بمنطق الموضوعية والحذر، وباحترام كامل للمقاربة الإنسانية والحقوقية، والابتعاد عن النظرة الأمنية المتشددة التي توقع في انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان ولحقوق المعتقلين، من خلال الوضع تحت الحراسة النظرية والتي ما هي سوى تدبير استثنائي، يمكن تعويضه بتدابير الرقابة القضائية. وعبر الائتلاف عن قلقه الشديد من استعمال التعليمات الرسمية “بالتعامل بصرامة” مع المخالفين، من أجل تبرير اتهام العديد منهم من قبل النيابة العامة بالمحاكم بجنحة “إهانة موظف”، إضافة إلى جنح أخرى، وأن تتحول كلمة “الصرامة” إلى باب للاعتقالات العفوية وخارج المشروعية للآلاف من المواطنين والمواطنات عبر تراب المغرب. واعتبر الائتلاف أن بعض التخوفات التي نبهت لها المفوضة السامية لحقوق الإنسان، حول احترام دولة القانون، تنطبق على ما يقع بالمغرب، إذ لا يمكن القبول بملء السجون بالمعتقلين احتياطيا، ورفع الاكتظاظ القاتل حتى في الظروف العادية، فبالأحرى في ظل هجوم عدوى لا تذر ولا تبقي ولا ترحم. وأبلغ الائتلاف رئاسة النيابة العامة احتجاجه القوي على منطق المقاربات الأمنية والسجنية و”الصرامة” التي سمحت بالقبض واعتقال عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات، ومتابعة عدد كبير منهم بتهم ثقيلة، بما فيها تهمة إهانة موظف، والتي تسمح بالتأويل الاعتباطي لكلمة أو إشارة أو كتابة، واستخراج النوايا وإبعادها عن مقاصد أصحابها. كما أكد الائتلاف رفضه القاطع لتعامل بعض النيابات العامة مع الحرية بالكثير من اللامسؤولية في ظل أزمة انتشار الوباء بالمؤسسات السجنية، دون تقدير منها لحالة السجون ولتهديد الموظفين والنزلاء، ودون مراعاة لموقف مندوبية السجون التي أعلنت رفضها نقل المعتقلين للمحاكم بشكل غير قانوني، مما يعني أن المعتقلين الاحتياطيين سيجبرون على البقاء بالسجن دون محاكمة، ما سيجعل الاعتقال تعسفيا. وطالبت المراسلة بالقيام بكل الإجراءات لإطلاق سراح كل الموقوفين الجدد حتى لا يحالوا على السجون ويصبحوا “رهائن للصرامة”، وقرابين للوباء، وأن تتم متابعتهم ومحاكمتهم إن اقتضى الحال في حالة سراح بعد نهاية حالة الحجر الصحي، وبعد استعادة المحاكم لعافيتها والجلسات لسيرها العادي. وحمل الائتلاف في الأخير كامل المسؤولية المدنية للنيابة العامة وللدولة المغربية، عن تبعات كل الانتهاكات لحقوق المعتقلين في ظل مساطر الطوارئ وتبعات قرارات الاعتقال الجماعية، مؤكدا على ضرورة استعمال مسطرة العفو بمقاييس أكثر جدية للتخفيف من اكتظاظ السجون، وداعيا لمراجعة المادة 4 من قانون الطوارئ، وحذف العقوبة الحبسية منها والاكتفاء بالغرامة.