مع اقتراب عيد الأضحى واستمرار الأوضاع الصحية والاجتماعية التي خلفتها جائحة كورونا، أُثير النقاش حول إمكانية إلغاء هذه الشعيرة بعدما تقدم حزب يساري مغربي بطلب إلغاء طقس الأضحية لهذه السنة، في لقاء جمع قيادته برئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، نهاية الأسبوع. حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، وهو أحد المكونات الثلاثة لفدرالية اليسار، استند في مطلبه إلى سابقة إلغاء المغرب شعيرة عيد الأضحى خلال سنوات تميزت بالجفاف، وأيضا بسبب الوضع الوبائي الذي أشار الحزب إلى كونه خلق وضعية اجتماعية قد لا تمكن الفئات المتضررة من إمكانية اقتناء كبش العيد، مدافعا عن مقترحه بالقول: “نراه وجيها وسبق للمغرب أن طبقه في سنوات الجفاف والحرب في بداية الثمانينات، لأن أغلبية المواطنين لن تكون قادرة على اقتناء الأكباش. وحتى بالنسبة للقادرين على ذلك، من الأفضل المساهمة بمبلغها لصندوق الدعم”. ويرى رشيد أوراز، الباحث في “المعهد المغربي لتحليل السياسات”، أن الذي سيتحكم “في إلغاء عيد الأضحى من عدمه هو تطور وباء كورونا محليا وعالميا، فإذا لم يختف الفيروس خلال الشهرين المقبلين، أو اختفى وعادت موجة جديدة، فلا شك أن عيد الأضحى لن سيتم إحياؤه كما لم يتم إحياء عيد الفطر، وبالتالي ستُلغى طقوس ذبح الأضحية وتنقل العائلات وغيرها. أما في الحالة العادية، فلا أعتقد أن العيد سيتم إلغاؤه”. وأردف الخبير الاقتصادي في تصريحه ل”أخبار اليوم”، أنه “من الناحية الاقتصادية سيتضرر قطاع تربية الأضاحي بشكل كبير، ولا شك في ذلك. وسيزيد ذلك من تأثيرات الجفاف وتضرر النشاط الاقتصادي خلال الشهرين الأخيرين على القطاع الفلاحي ككل، وتربية المواشي بشكل خاص”. دعوة حزب الطليعة لإلغاء شعيرة عيد الأضحى هذه السنة بسبب تداعيات وباء كورونا، اعتبرها الناشط الحقوقي اليساري، خالد البكاري، “تتسم بنوع من التسرع”، على اعتبار أنه لا يزال يفصلنا حوالي شهر ونصف عن تصاعد وتيرة الاستعداد لهذا الطقس، يقول البكاري مضيفا في حديثه مع “أخبار اليوم” أن “الإلغاء يقتضي تدخل الدولة لدعم مجموعة من الفلاحين والكسابة ومتدخلين كثر في عمليات بيع وتسويق الأضاحي ومستلزمات العيد، ممن هم أصلا متضررون سواء من طول مدة حالة الطوارئ الصحية، وكذا من نتائج سنة فلاحية موسومة بالجفاف”. ورغم أن الحزب استدرك بدعوة الدولة لدعم الفلاحين الفقراء، فالبكاري يرى أن أي دعم مهما كان لا يمكنه أن يعوض خسائر جميع المتدخلين في سلسلة بيع الأضاحي، وأغلبهم يشتغلون في القطاع غير المهيكل الهش، على حد تعبيره، دون أن يغفل الإشارة إلى المخاوف من أن تكون بعض الأسواق سببا في ظهور بؤر وبائية، كما أن “القدرة الشرائية لأغلب المواطنين متضررة، ولا قدرة لها على تكاليف عيد الأضحى الذي يتزامن في السنوات الأخيرة مع الدخول المدرسي، لكن لا يجب أن يكون الحل على حساب فئات كثيرة هي الأكثر تضررا أصلا، وفي اعتقادي أن الدولة مطالبة باتخاذ إجراءات احترازية في نقط البيع، والتفكير في صيغ لدعم قدرة المواطنين على اقتناء الأضحية عبر محاربة سلاسل الوسطاء والشناقة، وتدخل المجالس العلمية لحث المواطنين غير القادرين على اقتناء الأضحية على تشارك أسرتين أو ثلاث لشراء أضحية واحدة، في صيغ تضامنية، لتقليل الخسائر، سواء على المواطنين أو صغار الفلاحين والكسابة والمهن الهشة المرتبطة بالعيد”