يخطو قياديون سابقون في حزب الأصالة والمعاصرة، نحو تأسيس حزب سياسي جديد، بينما ينظر القادة الحاليون للحزب، باستخفاف إلى المسعى القائم للجماعة التي كانت تحيط بالأمين العام السابق للحزب، حكيم بنشماش. ووفق معلومات حصل عليها “اليوم 24″، فإن دائرة محدودة العدد، من مسؤولين سابقين بالحزب، قد بدأت بالفعل في تنفيذ أعمال تأسيس حزب جديد، وطرحت وثيقة تأسيسية عنوانها “المبادرة”، اطلع عليها “اليوم 24″، وتحتوي على مواقف كاتبيها على طول عشر صفحات، من التحولات الجارية في البلاد، دون أن تتضمن ما يشير إلى أن أصحاب “المبادرة” هم أعضاء من حزب الأصالة والمعاصرة. الوثيقة شددت على أن إطلاق “المبادرة”، “ليس عملا ذاتيا أو رد فعل ظرفي أو عاطفي، بل هي من صميم متطلبات المرحلة مع ما تعنيه من رهانات جديدة تسائل كل فاعل سياسي بغية تقديم عرض جديد”. وهي صيغة توحي بأن للمعنيين مسعى لأن يضم مشروعهم أفرادا آخرين من خارج حزبهم الأصلي. الوثيقة حررها بداية عبد المطلب أعميار، وهو واحد من أبرز المدافعين عن بنشماش، ثم عرضت لاحقا على الأمين العام السابق، قبل أن توجه إلى عدد محدود من المسؤولين السابقين في الحزب، مثل حسن التايقي وجمال شيشاوي، ومحمد الشيخ بيد الله، وكذلك العربي المحرشي، ثم على دائرة أوسع من الأفراد المناهضين لتولي وهبي زمام حزب “البام”. وهذه “المبادرة” لا تشمل سمير بلفقيه الذي يبدو ساعيا إلى مشروع خاص به. قيادي في هذا التيار ممن عملوا على وثيقة “المبادرة”، قال ل”اليوم 24″، إن جماعته تلقت حتى الآن، “تأييدا من أعداد متزايدة من أعضاء الحزب الذين يرون بأن مشروع “البام” قد انتهى”، مضيفا: “لم تعد المسألة محصورة في استحالة العمل مع وهبي وجماعته، بل وأيضا لانعدام الشرط السياسي لاستمرار العمل بالأسس التي شكلت مشروع البام منذ 2009.. إننا نرى أن تلك الأسس لم تعد ذات صلة بالواقع الحالي، وينبغي بناء مشروع سياسي جديد وعرضه على المواطنين”. ويحاول أعضاء “البام” الذين يُظهرون اقتناعا بضرورة الانفصال عن البام، حيث قضوا عشر سنوات على الأقل، أن يكون لمشروعهم السياسي جاذبية لدى أطراف أخرى. ويؤكد القيادي المذكور بأن “حزب التجمع الوطني للأحرار توجه إليهم بطلب قصد مناقشة تصورهم حول الطريقة التي ينبغي أن يخرجوا بها من “البام”، إلا أن قيادة تيار “المبادرة” قررت إرجاء النظر في أي عرض تقدمه هيئات قائمة”. ولقد طُرحت أفكار حول إمكانيات الانخراط في حزب قائم، مثل حزب التقدم والاشتراكية، لكن جرى صرف النظر عنها سريعا بسبب معارضة أغلبية أولئك القادة، لفكرة الاستمرار في العمل السياسي تحت غطاء هيئة قائمة”. ويتعزز هذا التريث بموقف العربي المحارشي، القيادي سابقا في الحزب، قبل أن يجري إبعاده من كافة مناصبه المركزية. المحارشي طلب من قيادة هذا التيار “التريث قليلا حتى تلقي إشارات توحي بالاستجابة إلى مطلب تأسيس مشروع سياسي جديد”، كما يقول مصدر “اليوم 24″، بيد أن قادة التيار يرفضون ذك بدعوى أن “المشروع الجديد لا يجب أن يبدأ عمله بالاستسلام مجددا للتعليمات والإشارات الصادرة عن جهات في السلطة”. المحارشي، يبدو أكثر تأييدا لتشكيل حزب على خليط من هيئات سياسية صغيرة. هذا المشروع كانت قد تحدث عنه “اليوم 24” في مادة سابقة، ويهم أربعة أحزاب هي: البيئة والتنمية المستدامة، واليسار الأخضر، وجبهة القوى الديمقراطية، والحركة الديمقراطية الاجتماعية. ويعول بعض قادة تيار “المبادرة” على المحارشي وصلاته لتشكيل ذراع انتخابية للحزب بواسطة الأعيان. لكن حتى هذه الفكرة يرفضها قادة آخرون ممن يمتلكون مخاوف كبيرة من أن يعيد ذلك الخلافات نفسها بين الأعيان ونخب اليسار كما حدثت داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وهي الخلافات التي أدت في نهاية المطاف إلى سيطرة الأعيان على الحزب على حد زعمهم. ولئن كانت يبدو أن قادة تيار “المبادرة” جديون في هذا المشروع، إلا أن قيادة حزب الأصالة والمعاصرة لا ترى في ذلك سوى “ضغوطا من الأفراد الذين خرجوا خاسرين من المؤتمر الرابع للحزب بهدف تحسين شروط التفاوض على المناصب السياسية التي سيجري توزيعها لاحقا”. وتعتقد القيادة حسب تصريحات مستمدة من بعضهم، أن المحارشي على الخصوص، مسنودا بالشيخ محمد بيد الله، “يرفضون التأقلم مع فكرة أنهم قد أصبحوا مجرد أعضاء عاديين في الحزب”. مضيفا أن “هؤلاء أنفسهم هم من ينشرون بيانات ضد قيادة الحزب، لا تحمل أي توقيع، ولكنها تنتحل اسم الحزب”.