بعدما أصبحت أماكن مطهرة لفترة قصيرة جدا، عاد وباء كورونا ليضرب من جديد المناطق الصناعية بطنجة؛ فقد أعلنت ثلاث شركات كبرى عن تعليق الإنتاج لمدة أسبوع كامل، بعد ظهور بؤر وبائية مصغرة في كل واحدة منها، ويتعلق الأمر بمصنع لإنتاج قطع غيار السيارات في المنطقة الحرة باكزناية، ومصنعين للنسيج والخياطة في منطقة العوامة، ينتج عمالهما هذه الأيام الكمامات الواقية التي توجه للتوزيع في السوق الوطنية. وفي الوقت الذي كشف فيه مسؤولون من الشركات المذكورة أن البؤر المسجلة في الوحدات الصناعية المذكورة صغيرة جدا ولم تتعد حالة مؤكدة في كل مصنع، إلا أن مصادر طبية أوضحت أن الأمر يتعلق بالحالات التي ظهرت عليها أعراض سريرية بادية، وهي التي جاءت نتائج تحاليل من عيناتها إيجابية، في حين هناك مخالطون آخرون ينتظرون نتائج الفحوصات المخبرية التي يتوقع أن تظهر خلال الساعات القليلة المقبلة. وتفجرت البؤر الوبائية في المناطق الصناعية والمهنية مجددا، في الوقت الذي كانت جمعية مصنعي النسيج والألبسة تعد الشركات المتوسطة والصغيرة بعودة عجلة الإنتاج للدوران، خلال الأسبوع الجاري، وبالتالي تجنيبها مزيدا من النزيف الاقتصادي، حيث تم حرمانها من إنتاج الكمامات الموجهة للسوق الداخلية، إذ اشتكى فاعلون اقتصاديون من استفراد كبار الباطرونا بهذا الامتياز دون احترام قواعد المنافسة، وهو ما انطبق عليه المثل القائل: “زادو الشحمة فظهر المعلوف”. وفور تأكد الإصابات المذكورة في الوحدات الصناعية الثلاث، والتي من بينها معمل للخياطة يملكه منعش عقاري معروف، والآخر يملكه رئيس تجمع مهنيي النسيج والألبسة، استنفرت لجنة اليقظة الوبائية تحت إشراف مديرية وزارة الصحة، جهودها لتعقب المخالطين ومخالطي المخالطين في التجمعات العائلية، خاصة بعدما أظهرت التحريات أن الحالات المؤكدة في البؤر الصناعية انتقلت إليهم العدوى من مخالطتهم مصابين في وحدات صناعية أخرى قبل أسبوعين. وخلفت البؤر الصناعية الجديدة ذعرا في أوساط العائلات التي اتصلت بهم فرق اليقظة الوبائية من أجل أخذ عينات لهم، ودعوتهم الالتزام بالحجر المنزلي تحت المراقبة الصحية، خشية وقوع انفجارات محتملة جديدة في التجمعات العائلية. في نفس السياق، يسود تكتم شديد حول صحة معطيات توصلت بها “أخبار اليوم” من مصادر مهنية، عن تسجيل إصابتين في شركة كبيرة لصناعة السيارات، على الرغم من تشديد مراقبتها على تدابير السلامة والوقاية في أماكن العمل، لكن الجريدة لم يتسن لها تأكيد أو نفي هذه المعطيات المتداولة على نطاق واسع فيما بين العاملين. كما علمت الجريدة من مصادر حسنة الاطلاع أن المجموعة الفرنسية “رونو” المستوطنة في المنطقة الصناعية ملوسة، وضعت بعض الأحياء في الخانة الصحية السوداء، مثل “حومة الشوك” و حي “بير الشيفا”، إذ اعتبرتها مناطق سكنية موبوءة، وشددت تعليماتها لرؤساء الوحدات الإنتاجية بمنع استقبال العمال القاطنين بالأحياء المذكورة، ومنعت شركة النقل المتعاقدة معها من جلب مستخدمي تلك الأحياء. وفي ظل هذا التخبط الذي دخلت فيه الوضعية الوبائية في جهة الشمال ومدينة طنجة بشكل أخص، والذي أربك مخطط اليقظة والرصد الوبائي المعتمد من قبل وزارة الصحة، عادت الإصابات اليومية إلى الارتفاع من جديد، لتتجاوز أكثر من 40 حالة مؤكدة في اليوم، خلال الثلاثة أيام الأخيرة، في وقت صمتت المديرية الجهوية لوزارة الصحة بجهة طنجةتطوانالحسيمة، وتكتمت عن الأرقام المتجددة كل يوم على صفحتها الرسمية عبر موقع فايسبوك. لكن الدكتور محمد الحسني، مدير المستشفى الجهوي محمد الخمس بطنجة، كشف عن معطيات صادمة بشأن الوضعية الوبائية بعمالة طنجةأصيلة وحدها، والتي ارتفع عدد المصابين بها إلى 509 حالات مؤكدة، منها 422 حالة لا تعالج في المستشفيات العمومية ومراكز التكفل الميدانية للقطاع الخاص، فيما يوجد 11 شخصا في حالة حرجة يخضعون للعناية المركزة بمستشفى محمد السادس، في حين تعافى 75 شخصا وغادروا المستشفيات، بينما فتك الفيروس ب 12 شخصا. وفسر الدكتور محمد الحسني، في تصريح لقناة “ميدي آن” مساء الأحد، ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة بمرض “كوفيد-19″، إلى وقوع تراخ في سلوك المواطنين الذين بدؤوا يتهاونون في الالتزام بقواعد الحجر الصحي والإجراءات الاحترازية المطلوبة، ويستهترون بالإرشادات الموصى بها من لدن السلطات الصحية، محذرا من استمرار مظاهر التهاون المسجلة خلال الأيام الأخيرة في الشوارع والأسواق والمراكز التجارية الكبرى. وعلى صعيد آخر، أفادت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن حصيلة الموظفين والسجناء الذين جاءت نتائج فحوصاتهم المخبرية إيجابية، لتؤكد إصابتهم بفيروس كورونا، ارتفعت إلى 23 حالة جديدة مؤكدة، ويتعلق الأمر، حسب بلاغ للمندوبية تلقت “أخبار اليوم” نسخة منه، بمجموعة من سجناء السجن المحلي طنجة 1 جاءت نتائج حالتين منهم إيجابية. وفيما يخص الموظفين، فبالإضافة إلى الحالتين اللتين أعلن عنهما سابقا من مجموعة مكونة من سبعة موظفين، فقد أجريت تحاليل أخرى على 75 موظفا جاءت نتائج ثمانية منهم إيجابية. كما ظهرت أعراض الإصابة بفيروس كورونا على تسعة من المخالطين للموظفين المصابين، حيث خضعوا للتحاليل بتنسيق مع المصالح الصحية المختصة، ليتم التأكد من إصابة أربعة منهم بالفيروس المذكور. من جانب آخر، استبعدت إدارة السجون أن يكون النزيل المتوفى بالمستشفى الإقليمي محمد السادس، والذي يستقبل الحالات الحرجة لمرضى كورونا، فارق الحياة نتيجة إصابته بفيروس كورونا، مشيرا إلى أن السجين المسمى قيد حياته (م – ز) لم يكن يتقاسم الغرفة مع أي من النزلاء الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس، وأنه سبق أن تقدم بتاريخ 2 ماي إلى مصحة المؤسسة لإحساسه بأعراض مرضية مرتبطة بإصابته بداء السكري الذي كان يعاني منه الهالك.