في 12 مارس الفائت، التقت، بشكل رسمي، قيادتا كل من حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. كانت النقطة الرئيسة في جدول الأعمال هي مشاريع القوانين الموجودة في حوزة وزير العدل، محمد بنعبد القادر، وقد كان حاضرا. كان عزيز أخنوش يملك رؤية واضحة حول ما يجب أن يفعله بنعبد القادر. وفي تلك المرحلة، كان وزير العدل منتشيا بانتصاره المحدود في جعل مقتضيات الإثراء غير المشروع مجرد سراب. كانت تلك حربا خاضها التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي في البرلمان لجعل الأشخاص ينجحون في تكوين ثروات من مناصبهم العمومية محصنين إزاء أي ملاحقة. لكن، يتعين القيام بالمزيد، وقد مُنح بنعبد القادر الضوء الأخضر، على ما يبدو؛ حزمة مشاريع القوانين المتبقية على سكة مسطرة إقرارها. بلاغ صدر عقب الاجتماع أكد «الدعم التام» للحزبين لوزير العدل «في سعيه إلى تسريع وتيرة إصلاح منظومة العدالة». أسبوعا بعد ذلك، كان مشروع قانون 22.20 قد عثر على طريقه إلى المجلس الحكومي، وهو لم يكن في جدول أعماله من قبل، بل أدرجته فجأة الأمانة العامة للحكومة عشية اجتماع مجلسها. لم يلق مشروع القانون أي معارضة من وزراء الحزبين معا. إذا كانت مواده تزج في السجن بأي شخص دعا إلى مقاطعة بضاعة معينة، فإن رجال الأعمال المتضررين من حملة مقاطعة 2018 سيكونون سعيدين دون شك. كانت البلاد قد اتخذت في ذلك اليوم قرارها بفرض قانون الطوارئ لمواجهة جائحة «كورونا»، وتلك فرصة مذهلة لدفع أي شيء إلى الأمام، فيما يسعى الجميع إلى وضع حاجز صلب بين ما تفعله السلطات وبين أي حس نقدي. إن الدعوى الرئيسية في هذه المقالة هي هذه: إن التجمع الوطني للأحرار أراد أن يكون الاتحاد الاشتراكي وسيلة لإضعاف الديمقراطية في البلاد. قناع وجه مناسب. هذه حقيقة بالنسبة إلى تجمع رجال أعمال لديهم حساسية مفرطة إزاء الحريات والحقوق، بمقدورهم، بدلا عن المواجهة المباشرة -وغالبا ما تكون خاسرة بالنسبة إليهم- أن يستخدموا صكا تجاريا لعنوان سياسي كل رأسماله هو الفذلكة، أي مثل القول بأن للاتحاد الاشتراكي قيما. من الضروري، إذن، أن ننتبه إلى أن مشروع قانون 22.20 لم يكن سوى لبنة في سلسلة أعمال تبذل، منذ 2016، لجعل السياسة مجرد بورصة للقيم لا غير. هذه الأعمال نفسها كانت باكورة عمليات مشتركة بشكل أساسي بين الحزبين المذكورين آنفا. مباشرة، بعدما نجح بنعبد القادر في مهمته، أي دفع مشروع «إغلاق البث المفتوح» على عجلة المصادقة، شرع رئيسه في الحزب، إدريس لشكر، في الدعاية لمشروع أكبر؛ حكومة وحدة وطنية. وفقا لما تبدو عليه المظاهر، فإن رأيا مثل ذلك يستحق أن يخضع للتشريح. لكن، ما الذي يحتمل التشريح في قول صادر عن مسؤول سياسي بالكاد يملك وزيرا وحيدا في الحكومة، وفريقا صغيرا في مجلس النواب؟ أو لنغير الصيغة قليلا: هل دعوته إلى حكومة وحدة وطنية هي بالفعل من صميم آرائه هو؟ لنقل إن الهدف الخفي وراء حكومة وطنية هو تأجيل الانتخابات المقررة في عام 2021. من الواضح أن الكثير من الهيئات السياسية ليست مستعدة لقبول جدول نتائج ثابت كما كان عليه الحال في 2016. كذلك، ليس لدى لشكر أي تأمين على قدرة حزبه على أن يحافظ على فريقه الصغير في البرلمان إذا أجريت الانتخابات بعد عام من الآن. لكن ما هو مهم بالنسبة إلى الاتحاد الاشتراكي ليس حجمه الانتخابي، وإنما الوسيلة التي تجعله يتخطى القواعد الصلبة للرياضيات، ويمر دون أي خسائر. في 2016، نجحت خطته بطريقة واحدة: كان يدا ضاربة للتجمع الوطني للأحرار لإعاقة رئيس الحكومة المعين، ثم رميه من الباب بعد ذلك. سيكون من الحماقة أن يتكرر ذلك للمرة الثانية في 2021. وجب، إذن، البحث عن خطة بديلة. وبالنسبة إلى شخص يميل إلى المناورة مثل لشكر، يصعب تصديق أن ما يهمه هو بالفعل ما يعلن أنه مهم بالنسبة إليه. في 2009، كان يدعو إلى جبهة وطنية تتصدى لحزب الأصالة والمعاصرة. بعدها بنصف عام، رمى بتلك القمامة السياسية وهو يقتعد كرسيه في حكومة عباس الفاسي لعامين. يملك لشكر قدرة على الحذلقة، على كل حال. يجب الاعتراف بذلك. وحكومة وحدته الوطنية واحدة من أعمال الحذلقة هذه، وقد لقيت حتى الآن معارضة شديدة حتى من المعارضين الأكثر قوة، كحزب الأصالة والمعاصرة. ومن الواضح أن ما يعزز مشاعر القلق من هذه الحكومة هو أن نواياها قد تكون شريرة. لدينا الآن وضع مختلف، لكنه ليس تراجيديا. كان بالإمكان قبول فكرة حكومة وحدة وطنية لو كنا في حالة حرب أو حصار، لكننا إزاء طوارئ صحية فحسب. يمكن تشجيع تقارب أكبر بين الحكومة والمعارضة، لكن من الغريب أن يُدعى إلى تفكيك المؤسسات بالكامل دونما حاجة إلى ذلك. إن لشكر نفسه، وهو يدافع عن حكومة وحدته، يعترف بأن السلطات المركزية في تدبير الطوارئ لم يمسسها أي إزعاج. إن إجماعا سياسيا هائلا يقف وراءها. وكل ذلك لا يهم على كل حال، فمفاهيم مثل تعزيز الإجماع، ومحاصرة الحسابات السياسية في هذه الظروف، تبدو وكأنه جرى اختراعها على مضض لقول إن كل ما يجب فعله هو ألا يسمح لهذه الحكومة بأن تستمر في عملها. لا شيء آخر يهم. في حكومة وحدة وطنية، يجب أن يترك كل شيء للتقنوقراط الذين يُظهرون ليونة تامة إزاء مصالح رجال الأعمال، خصوصا المختبئين وراء كتل سياسية معينة. وصندوق جائحة كورونا، وقد تراكمت فيه الأموال (قد تصل إلى 10 ملايير دولار)، مسيل للعاب الكثيرين. إن تقييد السياسيين إزاء ترتيبات صرف هذه الأموال سيمنح الغلبة دون شك لتكتل الشركات. وستكون حكومة دون أي تأثير سياسي، الوسيلة المثالية لتوزيع الغنيمة دون جلبة. مهلا، قد تحدث جلبة بين الناس رغم ذلك. لا عليكم، إن قانونا يضع الحد لأي مقاومة مدنية -خصوصا على الأنترنت- بصدد إقراره. لقد فكروا، على ما يبدو، في كل شيء.