بعد جمود دام أكثر من خمسة أسابيع، بدأت تعرف أزمة المغاربة مزدوجي الجنسية العالقين داخل التراب الوطني، انفراجا تدريجيا منذ بداية الأسبوع الجاري؛ فبعد مغادرة رحلتين للمغاربة الهولنديين إلى بلاد الأراضي المنخفضة مساء يوم الأحد الماضي، ظهرت نقطة ضوء أخرى في عتمة نفق هذه الأزمة تخص المغاربة حاملي الجنسيتين الإسبانية والبلجيكية، والذين يرتقب أن تبدأ عمليات ترحيلهم عبر أفواج. في هذا الصدد، دعت السفارة الإسبانية بالرباط المغاربة العالقين والعالقات بالمغرب والحاملين للجنسية المزدوجة، والمهاجرين الذين يتوفرون على بطاقة الإقامة في الديار الإسبانية، إلى ملء استمارة وإرسالها إلى البريد الإلكتروني للقنصلية الإسبانية التابعة لمدينة الإقامة في المغرب، حيث ينتظر أن تبدأ السلطات تنظيم رحلات العودة في غضون الأسبوع الأول من شهر ماي المقبل، أي بالتزامن مع بداية رفع حالة الطوارئ تدريجيا في إسبانيا، ويرتقب أن تنظم رحلات الترحيل بواسطة شركة إبيريا للطيران. من جانبهم، تلقى مغاربة بلجيكا أخبارا سارة، أول أمس الاثنين، فقد أعلن وزير الخارجية البلجيكي فيليب جوفين، أن بلاده توصلت إلى اتفاق مع وزارة الخارجية المغربية، من أجل الشروع في تنظيم عملية عودة المغاربة مزدوجي الجنسية، على متن رحلات ستديرها الخطوط الجوية البلجيكية، ستنطلق من مطارات المسيرة بأكادير، المنارة بمدينة مراكش، ومحمد الخامس بالدارالبيضاء. وحسب ما صرح به وزير الخارجية البلجيكي في جلسة برلمانية بالعاصمة بروكسيل، ردا على استجواب النائب صموئيل كوغولاتي، فإن أولى رحلات النقل الجماعي لنحو 1700 مواطن مزدوج الجنسية، ستقلع طائرتها يوم الجمعة المقبل من مطار محمد الخامس، حيث ستوفر السفارة البلجيكية للقاطنين في مدن الناظور والحسيمة حافلات تقلهم إلى مطار الدارالبيضاء. هذا وبحسب مصادر متتبعة لموضوع المهاجرين المغاربة العالقين بالداخل، فإنه يوجد نحو 18 ألف مواطن مغربي مزدوج الجنسية أو يحملون بطائق الإقامة في بلدان أوروبا، بينهم نحو 3 آلاف من مغاربة هولندا، وحوالي 2000 من بلجيكا، فيما تتوزع النسبة المتبقية بين إسبانيا وفرنسا وإيطاليا بعدد أقل. وكان موضوع ترحيل العالقين بالداخل أثار الكثير من الجدل، وتسبب في اصطدام دبلوماسي بين وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونظيره الهولندي والبلجيكي أيضا، بعد اتهام حكومة أمستردام خلال مروره في اجتماع برلماني يوم الخميس الماضي، بأنها قامت بالتمييز بين الهولنديين الأصليين وبين ذوي الأصول المغربية، على حد قوله. في حين كان وزير الخارجية البلجيكي أكثر تفهما لموقف المغرب بخصوص تشديد قيود السفر وتعليق الرحلات الخارجية، بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث كان صرح بأن تعثر مسألة تنظيم عودة المواطنين المغاربة المزدوجي الجنسية أو المقيمين في بلجيكا، مرتبط بسياق أزمة ذات طابع دولي، مقترنة بتفشي وباء “كوفيد 19”. لكن قضية غلق حركة السفر في وجه المغاربة بالداخل والخارج، لم تخل من تداعيات أليمة بالنسبة للبعض، فقد وقفت “أخبار اليوم” على شهادات مواطنين جاؤوا إلى المغرب في زيارات عائلية أو لقضاء أغراض مهنية ضرورية، ثم أغلقت الحدود في وجههم، بينما ينتظر بعضهم متابعة المراقبة الطبية كما هو حال مواطنة مغربية من بلجيكا كانت أجرت عملية على زرع القرنية، وعادت للمغرب لإحضار أطفالها الصغار، لكن تأخير العودة إلى بلجيكا جعلها مهددة بفقدان حاسة البصر. ومن بين القصص المؤثرة للمغاربة المتضررين من قرار إغلاق الحدود، مواطنة مغربية مقيمة بمدينة طنجة تحمل الجنسية الإسبانية، جاءت مع أفراد أسرتها في رحلة إلى المغرب لتقديم واجب العزاء في وفاة أحد أقاربها، في حين قررت العودة في أسرع وقت لمتابعة حصص علاج ابنتها التي اكتشفت إصابتها بنوع من سرطان الدم، وكانت صدمتها أكبر حينما أخبروها في مستشفى الأنكولوجيا بطنجة أنهم لا يتوفرون على دواء العلاج، وحرروا لها شهادة تثبت أن حالة ابنتها مستعجلة نظرا لخطورة الداء، ويستوجب متابعة حصص العلاج المتوفر في إسبانيا. ولحسن الحظ أن صرخة هذه المرأة وصلت إلى المسؤولين في الوزارة المنتدبة المكلفة بمغاربة الخارج، فقد علمت “أخبار اليوم” أن مسؤولين في ديوان الوزيرة نزهة الوافي ربطوا الاتصال بالمعنية بالأمر قصد ترتيب التنسيق مع السفارة الإسبانية بالرباط، من أجل منحها حق الأسبقية في رحلات العودة المرتقب تنظيمها خلال بداية شهر ماي المقبل.