في وقت يتواصل الكشف عن حصيلة الخسائر المسجلة في عدد من القطاعات الإنتاجية بسبب الضرر الذي سببه استمرار الحجر الصحي، يطرح سؤال حول مصير آلاف المقاولات التي تعيش في أزمة حتى قبل تفشي فيروس كورونا، ما قد يكون سببا في زيادة عدد المقاولات التي ستعلن إفلاسها وتنسحب من الدورة الاقتصادية. تقرير صادر شهر يناير الماضي عن “Euler Hermès” كشف أن 8439 شركة أعلنت إفلاسها في المغرب في عام 2019، بزيادة معدلها 5 في المائة مقارنة مع سنة 2018. مشيرا إلى أن عدد حالات الإفلاس المعلنة السنة الماضية تضاعف مرتين ونصف في غضون عشر سنوات، وعزا ذلك إلى تدهور الوضع الاقتصادي وعدم القدرة على سداد الديون، فضلا عن طول آجال الأداء التي تختلف باختلاف القطاعات. المعطيات الصادرة عن مؤسسة الائتمان الفرنسية، كانت أكثر تشاؤما بالنسبة إلى السنة الجارية، حيث توقعت أن يرتفع عدد إعلانات الإفلاس إلى قرابة 9000، وهو الرقم الذي يجب وضعه موضع تساؤل في ظل الوضعية الحالية التي يعيشها الاقتصاد الوطني المتضرر من فيروس كورونا، خاصة أن البيانات الرسمية الصادرة عن قطاعات حكومية تشير إلى تسجيل زيادة مضطردة في أعداد المقاولات التي تعلن توقفها الجزئي أو الكلي عن العمل منذ الأيام الأولى لإعلان سريان الحجر الصحي الشامل. بهذا الخصوص كشف وزير التشغيل بالبرلمان أن ما مجموعه 131 ألفا و955 مقاولة، من أصل 216 ألف مقاولة، تضررت من تداعيات فيروس كورونا، ما يمثل زهاء 61 في المائة من النسيج الإنتاجي الوطني. وهي الأرقام التي لا توضح بشكل جلي هل يتعلق الأمر بتوقف جزئي أم أن الأمر أعمق من هذا، وقد يكون مقدمة لاندثار مئات المقاولات المتضررة. وتشير بيانات مندوبية التخطيط إلى أن ما يُقارب 142 ألف مقاولة، أي ما يعادل 57 في المائة من مجموع المقاولات، صرحت أنها أوقفت نشاطها بشكل مؤقت أو دائم، حيث أن أزيد من 135 ألف مقاولة اضطرت إلى تعليق أنشطتها مؤقتا، بينما أقفلت 6300 مقاولة بصفة نهائية. حسب الفئة، فإن نسبة المقاولات التي أوقفت نشاطها بصفة مؤقتة أو دائمة تشمل 72 في المائة من المقاولات الصغيرة جدا، و26 في المائة من المقاولات الصغرى والمتوسطة، و2 في المائة من المقاولات الكبرى. على صعيد متصل تطرح وضعية الأزمة الحالية تساؤلات أخرى بشأن عدد من المبادرات الحكومية والبرنامج التي انطلقت أسابيع قليلة قبل إعلان تطبيق الحجر الصحي الشامل، ومن ضمن هذه المبادرات ما يهم تقليص آجال الأداء سواء بالنسبة إلى المؤسسات العمومية أو بالنسبة إلى القطاع الخاص، ومنها على الخصوص إطلاق البوابة الإلكترونية “آجال” المخصصة لاستقبال ومعالجة الشكايات، فضلا عن الرفع من نسبة الفائدة التي تؤدى عن التأخر في الأداء، حيث أصبحت 5.25 في المائة في سنتي 2019 و2020، و6.25 في المائة ابتداء من يناير 2021. وإلى جانب تدابير تقليص آجال الأداء يحوم الغموض حول مصير برنامج تمويل المقاولات “انطلاقة”، الذي يُراد منه تقديم جيل جديد من منتجات الضمان والتمويل لفائدة المقاولات الصغيرة جدا، والشباب حاملي المشاريع والعالم القروي والقطاع غير المنظم والمقاولات المصدرة، لكنه توقف اضطراريا شهرا واحدا بعد انطلاقه بتعليمات ملكية. وتكشف حصيلة البرنامج أن عدد المستفيدين من القروض بلغ إلى حدود 28 فبراير الماضي، 914 مستفيدا. في وقت بلغ مجموع المبالغ التي جرت الموافقة عليها 125.7 مليون درهم بضمان من صندوق الضمان المركزي وصل إلى 100.5 مليون، بمتوسط قرض لكل مستفيد بلغ 137.500 درهم. أما على صعيد المستفيدين من قروض “انطلاق المستثمر القروي”، فتشير البيانات إلى 162 مستفيدا، بغلاف مالي وصل 17.5 مليون درهم، بضمان من صندوق الضمان المركزي وصل حتى 14 مليون درهم، ما يعني أن متوسط القروض لكل مستفيد وصل 108.000 درهم. أما في ما يخص القروض الموجهة إلى المقاولات الصغيرة جدا، فقد جرى تسجيل 14 مستفيدا من مبلغ مالي قدره 483.400 درهم، بمتوسط قروض لكل مستفيد بلغ 34.500 درهم.