بعد احتجاج عدد من النقابات على قرار الحكومة القاضي بالاقتطاع المباشر “الإجباري” لأجرة 3 أيام من العمل على مدى 3 أشهر من رواتب جميع موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية، للمساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، تراجعت هذه الأخيرة عن قرارها، حيث أعلن وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، أن الاقتطاع من أجور الموظفين لن يكون إجباريا. وأوضح أمكراز في تصريح ل”وكالة المغرب العربي للأنباء” أن كل موظف لا يرغب في الاقتطاع من راتبه الشهري مطالب بتقديم طلب إعفاء، مردفا أن هناك منصة يشتغل عليها وزير المالية وإصلاح الإدارة لتفعيل هذا القرار، مشيرا إلى أن مقترح جعل هذا الاقتطاع اختياريا كانت قد تقدمت به المركزيات النقابية في اجتماع سابق معها. في هذا الشأن قال عبدالقادر الزاير، الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي عارضت بشدة قرار الحكومة السابق، إن هذا القرار كان يجب أن تتخذه الحكومة منذ البداية، موضحا أنه خلال الاجتماع الذي جمعهم بباقي المركزيات النقابية كانوا قد اتفقوا أنهم لن يوقعوا على بيان الاقتطاع إلا بعد العودة لأجهزتهم، غير أنهم تفاجؤوا أن خمس نقابات وقعت على البيان، مشيرا إلى أنهم ليسوا إدارة لتحمل الاقتطاعات من الموظفين. وبخصوص المنصة التي يجري إعدادها لتقديم طلب الإعفاء قال الزاير إنه “لا يجب إجبار الموظفين على كتابة طلب من أجل عدم الاقتطاع من أجورهم”، وتابع: “سبق أن دعوناهم إلى المساهمة بشكل تطوعي والكثير منهم لبوا النداء”. وأضاف الكاتب العام للكونفدرالية: “كنا نتمنى من الحكومة في الاتصالات الأولى أن تُشركنا في اتخاذ القرارات الاجتماعية التي تتطلبها التعبئة لمحاربة هذه الجائحة، من قبيل الاقتطاع من الأجور والتعويضات المخصصة للذين فقدوا مناصب الشغل، لكن الحكومة غضت الطرف على دعوة النقابات”. وتعود قصة البيان الذي نشر، والذي تقترح فيه النقابات الاقتطاع من أجور الموظفين لفائدة صندوق كورونا واعتمده رئيس الحكومة في منشور الاقتطاع الإجباري، إلى أن البيان جرى تسريبه قبل التوقيع عليه من قبل المركزيات النقابية، وهو ما جعلها في موقف محرج اضطرت بعض النقابات إلى تبنيه، وذلك وفقا لمصدر نقابي. وحسب المصدر ذاته، فإن فكرة الاقتطاع التي جرى اقتراحها خلال لجنة المالية بمجلس المستشارين خلال المصادقة على قانون الطوارئ، كانت إجماعا بين الأغلبية والمعارضة على دعم الحكومة، وهو الاجتماع الذي كان قد حضره كل من عبدالحق حيسان عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وعبدالحميد فاتحي عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وعبدالسلام اللبار عن الاتحاد العام للشغل، وعزالدين زكرى عن الاتحاد المغربي للشغل، وعلي العسري عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حيث طلب وزير المالية محمد بنشعبون من البرلمانيين الحاضرين قرارا يبني عليه المساهمات، وهو ما جعل النقابات تعمل على صياغة البيان الذي جرى تسريبه قبل المصادقة عليه. وأكد المصدر نفسه أن رئيس الحكومة أصدر المنشور الخاص بالاقتطاع الإجباري دون الرجوع إلى المركزيات النقابية، إذ إن جميع النقابات كانت تتبنى مبدأ التطوع وليس مبدأ الإجبارية، مشيرا إلى أن النقابات كانت قد جهزت بيانا ثانيا تؤكد فيه على مبدأ التطوع الاختياري، غير أنه في آخر لحظة رفضت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التوقيع عليه، وهو ما أفشل إصدار بيان مشترك بين النقابات. هذا، وكان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قد أعلن في 14 أبريل الجاري أنه تقرر أن يساهم موظفو وأعوان الدولة والجماعات الترابية ومستخدمو المؤسسات العمومية، بأجرة ثلاثة أيام من العمل على مدى 3 أشهر (أجرة يوم عمل عن كل من أشهر أبريل وماي ويونيو) في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19). وأوضح رئيس الحكومة في منشور موجه إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام، أن هذا القرار يأتي تجسيدا لروح التضامن التي عبر عنها الشعب المغربي في مناسبات عديدة، وتنزيلا لأحكام الفصل 40 من الدستور الذي ينص على أنه “على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”.