مع قرب صدور تقرير مجلس المنافسة حول قطاع المحروقات، بدأت بعض الشركات تسعى إلى التنصل من مسؤولية ارتفاع أسعار المحروقات منذ تحرير القطاع في 2016 وعدم احترام قواعد المنافسة، وذلك بممارستها ضغوطات على أرباب وتجار ومسيري محطات التوزيع، لتوقيع التزامات بأثر رجعي تُفيد بأنهم مسؤولون عن تحديد الأسعار. ويتعلق الأمر بشركتين مارستا ضغوطات على المتعاقدين معها للتوقيع على هذه الالتزامات، ما دفع جمعية أرباب المحطات للانتفاض ووضع شكاية لدى مجلس المنافسة. وعلمت “أخبار اليوم” أن عددا من أرباب المحطات اضطروا مكرهين للتوقيع بعد تهديدهم بوقف تزويدهم إذا رفضوا. واستنكرت “الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب”، لجوء الشركتين إلى أسلوب الضغط على الموزعين، معلنة “رفض هذا القرار المجحف”، كما طلبت من جميع المهنيين عدم التوقيع على هذه الالتزامات “الغامضة والإذعانية”. بل أكثر من ذلك، لجأت إلى توجيه شكاية إلى مجلس المنافسة، تشكو فيها من هذه الضغوطات، وتطالبه بالتدخل بشكل “عاجل”، لمراجعة عقود الإذعان التي تربطها بهذه الشركات. ف”كل موزع مرتبط بشركة لا يمكنه تغييرها، وبالتالي، فهو خاضع لها”، يقول جمال زريكم، رئيس الجامعة، ل”أخبار اليوم”. وأشار زريكم، إلى أن الموزعين يطالبون بحقهم في تغيير الشركات التي يتعاملون معها ضمانا للمنافسة، مشيرا إلى أن هذا المشروع سبق الاشتغال عليه مع الوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، لكنه لم يتحقق. واعتبر زريكم أنه بعد تحرير قطاع المحروقات كان يجب مراجعة هذه العقود. فقبل التحرير كانت وزارة الطاقة والمعادن هي الوصية على محطات التوزيع، وبعد التحرير أصبحت علاقة الموزعين “مباشرة مع الشركات”. ولهذا تطالب الجامعة بمراجعة عقود الموزعين مع الشركات، لأن مشكل الأسعار، مرتبط بهذه العقود. وبخصوص هامش ربح محطات التوزيع، قال زريكم إن هذا الهامش محدد مسبقا، سواء ارتفعت الأسعار أو انخفضت، لأن ثمن الشراء تفرضه الشركات، وهامش ربح الموزع محدد في ما بين 35 و38 سنتيما للتر. وأفادت الجامعة في بلاغ صدر الخميس 12 مارس، أن أرباب ومسيري المحطات، فوجئوا بإجبارهم على توقيع التزامات “بأثر رجعي يفيد أنهم كانوا يتحملون مسؤولية تحديد أسعار المحروقات في المحطات، وبالتالي، يتحكمون في تحديد هامش الربح”. وفي هذا السياق، جرى توزيع هذه الالتزامات على بعد أسابيع قليلة من صدور التقرير السنوي لمجلس المنافسة لسنة 2019 الذي ينجزه المجلس كل سنة قبل 30 يونيو، والذي سيتضمن المنافسة في قطاع المحروقات، وسيُرفع للملك ويوجه لرئيس الحكومة. وجاء في البيان، الذي وقعه كل من جمال زريكم، رئيس الجامعة، ورضا النظيفي، كاتبها العام، أنه وبسبب التبعية الاقتصادية والقانونية لأرباب ومسيري محطات الوقود للشركات التي يحملون علامتها التجارية، فإن “ثمن البيع مفروض عليهم بطريقة غير مباشرة”، نظرا إلى خضوعهم “لعقود إذعان مع شركات المحروقات التي تجعلهم عرضة للضغوط”. وفي الشكاية الموجهة لمجلس المنافسة، تشير الجامعة إلى أن الضغط على الموزعين لتوقيع التزامات، والذي يفيد أنهم يتحملون مسؤولية تحديد أسعار المحروقات بالمحطات، وبالتالي، يتحكمون في تحديد الهامش الربحي، يعد “أمرا مخالفا للواقع”، بل اعتبرته الرسالة “تحايلا”، علما أن مسؤولي الجامعة سبق أن استعرضوا المشاكل المرتبطة بتحديد الأسعار والهامش الربحي الثابت، والعقود الإذعانية التي تربط المهنيين بالشركات الموزعة، في عدة لقاءات مع مجلس المنافسة. ويطلب الموزعون من مجلس المنافسة “التدخل العاجل” لمراجعة “العقود الإذعانية” التي تربطهم بهذه الشركات التي “تمكنها من ممارسة كل الضغوطات لخدمة مصالحها”، بحيث يجري إرغامهم على توقيع هذه الالتزامات “تحت طائلة التهديد بتوقيف تزويدهم بالمنتجات”، وبذلك، يكون صاحب المحطة تحت رحمة الشركة، وهو ما يتعارض مع مقتضيات المادة 61 من القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.