في الناظور، كما في كثير من الأمكنة، نواجه أزمات تنبض بالهموم، البطالة التي تطارد شبابنا، البنية التحتية المتهالكة التي تسلخ جلودنا، وسوء التدبير الذي يختنق به المستقبل. نعم، هذه معضلات تثقل كاهل المدينة، لكنها ليست الأخطر، هنالك ما هو أعمق، أشد فتكًا، داء يتسلل إلى قلوبنا وعقولنا، "نحتقر ونحسد بعضنا البعض"، هذا هو الوباء الذي يعيث فسادًا في أعماقنا، ويقف عائقًا أمام تقدمنا. نحن خبراء في فن هدم النجاح، أكثر من مهارتنا في بنائه، إذا رأينا أحدًا يرتقي، لا نتساءل، كيف وصل إلى هنا؟ كيف يمكننا أن نسير على خطاه؟ لا، بل نغوص في تساؤلات تهكمية، "من وراءه؟"، "لمن يلمّع صورته؟"، "متى سيسقط؟"، وعندما يسقط هذا الشخص بعد أن نكون قد أعددنا له جميع فخاخ السقوط نبكي عليه، نندب حظه، ونرفع شعارات مزخرفة عن التضامن، كما لو أننا لم نكن نحن من دفعناه نحو السقوط! الحقيقة التي يجب أن نواجهها بجرأة، وإن كانت مُرّة كالقهوة بلا سكر، هي أن أزمة الإقليم ليست مجرد أزمة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، إنها أزمة فكرية، عقلية سامة تجذرت في سلوكياتنا. لو استطعنا أن نحرر أنفسنا من هذا الفكر الذي يلهث وراء الحسد والتدمير الذاتي، لبدأنا فعلاً في رسم ملامح طريق الإنقاذ الجماعي. لكننا بكل أسف نحترف الخداع، نخرج للاحتجاج ضد التهميش، بينما نمارس التهميش بأبشع صوره على بعضنا البعض. خذوا مثالًا بسيطًا من واقعنا، صحفي يرفع سقف المهنية؟ نقول إنه "مُأجَّر"، جمعية تحقق إنجازًا؟ نهمس في الآذان بأنها "تبحث عن الدعم الخارجي"، سياسي أو رجل أعمال يحقق نجاحًا؟ نبدأ في البحث في شجرة عائلته عن أي غصن يمكننا كسره.