في الوقت الذي تحاول الحكومة الإسبانية جاهدة احتواء كل مظاهر الخلافات مع نظيراتها المغربية، حفاظا على المصالح المشتركة بين الجانبين، طفا على سطح الأحداث هجوم مزارعين إسبان على شاحنات محملة بالخضروات المغربية، والمتجهة نحو بلدان الاتحاد الأوروبي عبر الطريق السيار في إسبانيا. وأفاد مهنيو النقل الدولي للسلع والبضائع، أن شاحنتين على الأقل تعرضتا لهجوم مزارعين إسبان، وإرغام سائقيها على التوقف في الطريق السيار «أ 4»، الرابط بين الجزيرة الخضراء وشمال إسبانيا، ثم قاموا بإفراغ حمولتها ورميها في الطريق، رافعين شعارات عنصرية وعدائية تجاه المنتوجات الفلاحية المغربية. وحسب نفس المصادر، فقد وقع الحادث الأول ضواحي مدينة «خاين» في إقليم الأندس، واستهدف شاحنة ذات ترقيم مدينة طنجة، وكانت محملة بخضر متنوعة من أحد الحقول الفلاحية ضواحي مدينة أكادير، أما الحادث الثاني فوقع على مشارف العاصمة مدريد، لكن الشاحنة الثانية سلمت من إتلاف حمولتها بعد تدخل الشرطة الإسبانية، وتفريق المزارعين الغاضبين الذين كان غالبيتهم يرتدي السترات الصفراء، ويحملون العلم الإسباني. وحسب مصادر متتبعة للشأن الاقتصادي الإسباني، فإن الأمر يتعلق باحتجاجات الفلاحين الإسبان تصاعدت حدتها في السنتين الأخيرتين، وتتمثل شكاواهم في انخفاض أسعار إنتاج المواد الفلاحية والذي تأثر بعوامل مناخية وتنافسية المنتوج المغربي، وهو ما نتج عنه تراجع عائداته بشكل ملحوظ. وأضافت المصادر أن المزارعين الإسبان يطالبون حكومة مدريد بمساعدة العاملين في القطاع الفلاحي، بعد قرارها رفع الحد الأدنى لكتلة الأجور، وهو ما جعل أرباب العمل في الحقول الفلاحية يتوقعون خسائر متزايدة بالنظر إلى أنهم يبيعون منتوجاتهم بسعر أقل من تكاليف الإنتاج. وفي أولى ردود الفعل على إتلاف المزارعين الإسبان لمحتويات شاحنة مغربية، استنكرت جمعيات النقل الدولي للسلع والبضائع، الحادث الذي من شأنه أن يؤدي إلى عرقلة الصادرات الفلاحية المغربية المتجهة صوب أوروبا، مطالبين الحكومة المغربية بإبلاغ نظيراتها الإسبانية بشأن المضايقات التي أصبحت تلاحق الشاحنات المغربية في التراب الإسباني. من جهة أخرى، تزامن هذا الحادث مع تصريحات عدائية متزايدة لحزب فوكس اليميني المتطرف تجاه المهاجرين المغاربة ونعتهم بأوصاف عنصرية، وأيضا الخرجات المتحمسة لبعض قيادات بوديموس المساندة للجبهة الانفصالية «بوليساريو»، ما جعل العلاقة بين الجارين تمر من امتحان صعب، يمكن أن يفسد الثقة التي وطدتها الرباطومدريد في السنوات الأخيرة.