منعطف مثير تشهده قضية المواطن الكويتي المتهم باغتصاب وافتضاض بكارة طفلة، فبعد المزاعم عن تلقيهما 95 مليون سنتيم مقابل التنازل عن متابعة المغتصب المفترض لابنتهما، التي لا يتجاوز عمرها 14 سنة، أمر وكيل الملك لدى ابتدائية مراكش، مؤخرا، بفتح بحث قضائي تمهيدي مع والدي الضحية في شأن الشكاية التي تقدم بها ضدهما أحد أفراد عائلة المتهم، عن طريق أحد المحامين من هيئة مراكش، والمسجلة بتاريخ 30 دجنبر المنصرم، والتي يتهمهما فيها ب»النصب والابتزاز»، موضحا بأن عائلة المتهم سبق لها أن توصلت إلى اتفاق معهما، خلال مرحلة التحقيق الإعدادي، قضى بإدلاء أسرة الضحية لقاضي التحقيق باستئنافية مراكش بتنازل مكتوب عن متابعة المتهم قضائيا مقابل «قدر معين من المال جبرا للضرر الحاصل لهم»، قبل أن يرفض والد الطفلة التنازل مصرّا على المتابعة القضائية، رغم أن الشكاية تقول إنه هو من تسلم النقود وقام بعدّها بحضور مجموعة من الشهود أمام محكمة الاستئناف، خالصة إلى أن عائلة المتهم تعرّضت لعملية نصب من طرف المشتكى بهما، كما كانت عرضة للمساومة والابتزاز من أجل الحصول على مبالغ مالية إضافية، رغم تنازل الأم عن الشكاية بمقتضى وثيقة مكتوبة ومصادق على صحة إمضائها من طرف السلطات المحلية. ولم تتنازل عائلة المتهم الكويتي عن شكايتها، رغم أن أب الطفلة الضحية عاد ووقّع على تنازل مكتوب أدلى به دفاع المتهم، بتاريخ 11 فبراير الجاري، لغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، برئاسة القاضي عبد الحق سيف الإسلام، التي كانت قضت بالموافقة على منح السراح المؤقت للمتهم، خلال الجلسة الأولى من محاكمته، بتاريخ الثلاثاء 28 يناير الماضي، مكتفية بأدائه كفالة مالية قدرها 30 ألف درهم (3 ملايين سنتيم)، ودون أن تتخذ ضده باقي إجراءات المراقبة القضائية، من قبيل سحب جواز سفره وإغلاق الحدود في وجهه، ضمانا لحضوره لجلسات محاكمته. هذا، ويشير التطبيق الإلكتروني الخاص بتتبع مآل الشكايات والملفات المعروضة على المحاكم المغربية، إلى أن الشكاية المسجلة تحت عدد 10580 3101 2019، قد أحالتها النيابة العامة بابتدائية مراكش، بتاريخ 11 فبراير الحالي، على المصلحة الولائية للشرطة القضائية من أجل إجراء بحث تمهيدي في شأنها. في غضون ذلك، وجّه فرع «المنارة» للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، شكاية إلى محمد عبد النبوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض/ رئيس النيابة العامة، طالب فيها بفتح تحقيق في احتمال وقوع جناية تتعلق بالاتجار بالبشر في هذه القضية، وموضحا بأن التطورات المتسارعة للقضية أسفرت عن تنازل أم الضحية المصادق عليه بتاريخ 23 دجنبر المنصرم، وتنازل الأب لاحقا، وإقدام عائلة المتهم على وضع شكاية تتهم فيها والدي الطفلة ب»النصب والابتزاز»، ناهيك عن تدخل السفارة الكويتية بشكل مباشر في القضية عبر ضمانتها المكتوبة بإحضار المتهم لجلسات محاكمته، وهو ما قالت الشكاية إنه يقوّي شكوك الجمعية حول وجود مساومات وابتزاز، واحتمال وجود شبهة «الاتجار بالبشر»، وهي الجناية المجرّمة بمقتضى القانون رقم 14.27 المتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. وأشارت الشكاية إلى أن الجمعية سبق لها أن تلقت اتصالا هاتفيا من السفير الكويتي، بتاريخ 8 فبراير الجاري، علل فيه تدخل سفارة الكويت في القضية ب»قضاء المتهم أكثر من 50 يوما تحت الاعتقال الاحتياطي»، وهي المدة التي اعتبرها طويلة، فضلا عن حديث السفير عن تعرّض المتهم للمساومة والابتزاز من طرف عدة أشخاص، في مقدمتهم أسرة الضحية. وطالبت الجمعية الحقوقية بفتح تحقيق شامل ومعمق يشمل كل من وردت أسماؤهم في محضر الضابطة القضائية المتعلق بالملف نفسه، بمن فيهم أصحاب الملاهى الليلية التي التقت فيها الطفلة بالمتهم، ومالك الفيلا الكائنة بالحي الراقي «النخيل»، التي كانت مسرحا للاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى أسرة الضحية، وشددت الجمعية على متابعة ومحاكمة كل من ثبت تورطهم في القضية وترتيب الجزاءات القانونية الضرورية ضدهم، حرصا على سيادة سلطة القانون وعدم الإفلات من العقاب. واستدلت الشكاية بحالة أخرى سابقة بمراكش أحيلت على ابتدائية المدينة، في دجنبر 2014، تتعلق بالاعتداء الجنسي على طفلين شقيقين من طرف مواطن فرنسي توبع في حالة اعتقال، لافتة إلى أن أب الطفلين تنازل عن الشكاية في مواجهة المتهم الفرنسي، لكن وبعد الحديث عن تلقيه مقابلا ماليا مقابل التنازل عن شكايته والضغط على ابنيه من أجل التراجع خلال إدلائهما بشهادتيهما أمام المحكمة عن تصريحاتهما في محضر الضابطة القضائية حول تعرضهما للاعتداء الجنسي من طرف المتهم الفرنسي، تدخلت النيابة العامة وفتحت تحقيقا أسفر عن متابعة الأب قضائيا بجنحتي «إعطاء القدوة السيئة، وإجبار طفلين على الإدلاء ببلاغات كاذبة أمام هيئة المحكمة»، المنصوص عليهما وعلى عقوبتهما في الفصلين 373 و482 من القانون الجنائي، قبل أن يدان بأربعة أشهر حبسا نافذا، بينما أدين المتهم الفرنسي بسنتين حبسا نافذا.