89 في المائة من المغاربة يرغبون في فتح الحدود المغربية الجزائرية، ذلك أن أغلبية مواطني المملكة يعتقدون أن الحسابات السياسية هي وراء جمود البناء المغاربي، كما يعتبرون المدخل الاقتصادي هو الأفضل من أجل إحياء هذا المشروع. النتائج التي كشفتها دراسة هي الأولى من نوعها، أنجزها المعهد المغربي لتحليل السياسات، توضح أن 95,5 في المائة من المغاربة الذين يفوق سنهم 50 عاما، يتمنون رؤية الحدود المغربية الجزائرية مفتوحة من جديد، في حين تنخفض هذه النسبة إلى نحو 85 في المائة من الفئة العمرية 18-24. الدراسة التي أنجزت بطريقة استطلاع رأي شمل عينة تمثيلية للمجتمع المغربي، قالت إن العديد من المغاربة يعتبرون أن التنافس السياسي ينبغي أن يستبدل بلغة المصالح الاقتصادية. حيث أكد عدد كبير من المستجوبين أن المصالح الاقتصادية يجب أن توضع فوق الاعتبارات السياسية. وفي السياق عينِه، يعتبر الأغلبية من المستجوبين أن إعطاء دينامية جديدة للاتحاد المغاربي ستتحقق من خلال تغليب لغة المصالح الاقتصادية. وعندما سُئلوا عن العوامل التي تحول دون مواصلة البناء المغاربي، وضع المستجوبون على رأي القائمة “الخلافات السياسية بين الدول المغاربية” بنسبة تصل إلى 48 في المائة، وجاء في الرتبة الثانية “رغبة بعض دول المنطقة في الهيمنة” بنسبة تصل إلى 23 في المائة وهو بدوره عامل سياسي، قال معدو الدراسة إنه قد يكون مفسرا لبعض الخلافات السياسية بين دول الاتحاد، “وهذا يؤكد أن المشاركين في الاستطلاع يرجعون فشل الاتحاد للعوامل السياسية بالدرجة الأولى. وبعد ذلك، يأتي في الدرجة الثالثة “الخوف من الانفتاح الاقتصادي” بنسبة 11.5 في المائة و”الصور النمطية حول شعوب المنطقة المغاربية” بنسبة 6 في المائة و”إقصاء الثقافة الأمازيغية في البلدان المغاربية” بنسبة 5 في المائة. الدراسة التي جرى الإعلان عن نتائجها، أمس، بمدينة الرباط، اعتمدت على تقنية البحث الكمي من خلال استعمال تقنية الاستمارة المملوءة بشكل ذاتي عبر الإنترنيت، من خلال استعمال برنامج Qualtrics المخصص للاستمارات عبر الإنترنيت. وقد جرى ملء الاستمارات من طرف المبحوثين خلال الفترة الممتدة ما بين 15 أكتوبر و30 دجنبر 2019، وشملت الدراسة عينة من 1200 شخص يمثلون السكان المغاربة الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر. وحرصا على تمثيلية شاملة للمجتمع المغربي، جرى اعتماد تقنية الحصص (الجنس والعمر والمنطقة الجغرافية) لضمان توازن العينة. كما أخذت الدراسة بعين الاعتبار المعطيات الأساسية التي يوفرها الإحصاء العام للسكان المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط عام 2014. وحسب نتائج الدراسة، هناك روابط اجتماعية قوية تربط المغاربة مع الدول المغاربية، حيث عبر نحو نصف المشاركين في هذا الاستطلاع عن أن لديهم علاقة اجتماعية مع أحد المواطنين من المنطقة المغاربية (الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا)، رغم أن نوعية هذه العلاقة وعمقها يختلف. نحو 47 في المائة من المستجوبين قالوا إن لديهم، فعلا، علاقة قرابة مع مواطنين مغاربيين، ولا تختلف نسبة النساء عن الرجال كثيرا على هذا المستوى، حيث أجاب نحو 45 في المائة من الذكور ونحو 47 في المائة من النساء بأن لديهم علاقات مع مواطنين من الدول المغاربية. وحظيت كل من الجزائروتونس بصدارة الدول المغاربية التي يقول المستجوبون بأن لديهم علاقات عائلية معهم، بنسبة تساوي 45 و34 في المائة على التوالي، وهذا ما يعكس العلاقات التاريخية بين المغرب والجزائروتونس، باعتبارها دول ترتبط بعلاقات تاريخية وثقافية قريبة من المغرب. أما حركة تنقل الأشخاص في المجال المغاربي، فتبين أنها ضئيلة، ذلك أن 16 في المائة فقط، من مجموع المستجوبين سبق لهم السفر إلى أحد البلدان المغاربية، وتختلف هذه النسبة بين الجنسين، إذ عبر نحو 19 في المائة من الذكور بأنه سبق لهم السفر إلى أحد الدول المغاربية، في حين تنخفض النسبة لنحو 12 في المائة بالنسبة إلى الإناث. وقد تربعت تونس على قائمة البلدان التي جرت زيارتها من طرف المشاركين في الاستطلاع، بما يفوق نصف المستجوبين، ويرجع ذلك أساسا إلى اعتبار تونس وجهة سياحية دولية ومغاربية مقارنة بغيرها من البلدان الأخرى، وكذا بانفتاحها خلال السنوات الأخيرة، رغم بعض الصعوبات التي عرفها قطاعها السياحي نتيجة الأحداث الإرهابية التي عانى منها البلد. أما في المرتبة الثانية، فتأتي الجزائر بحكم الجوار والعلاقات العائلية التي تربط الأسر المغربية بالأسر الجزائرية. وبخصوص سؤال البلد المغاربي، الذي يفضلون العيش فيه إذا أتيحت للمستجوبين فرصة العيش في بلد آخر غير المغرب، فقد أبدى المستجوبون المغاربة أفضلية واضحة للعيش في تونس بنسبة تصل إلى 53 في المائة من مجموع المستجوبين. وبخصوص التنبؤ بمستقبل المنطقة المغاربية، كشفت نتائج الدراسة أن أغلب المواطنين المغاربة متفائلون بمستقبل المنطقة، حيث أبدى 58 في المائة من المستجوبين تفاؤلهم بمستقبل الاتحاد المغاربي، فيما قال 42 في المائة أنهم غير متفائلين. للإشارة، كان نحو نصف العينة المشاركة من الإناث. أما بالنسبة إلى السن، فقد كان متوسط العمر للعينة يساوي 30 سنة. وتشكل الفئة العمرية بين18 -24 نحو ثلث العينة، في حين تصل النسبة إلى 41 في المائة بالنسبة إلى الفئة بين 25 و35 سنة، و17 في المائة للفئة العمرية 36- 49، ثم 8 في المائة بالنسبة إلى الفئة العمرية الأكبر من 50 سنة.