يبدو أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد جعل من استفزاز المغرب إحدى أولوياته منذ وصوله إلى الرئاسة فيالجزائر، اعتقادا منه، ربما، أن التعبير عن العداء للمغرب قد يوجه أنظار الجزائريين بعيدا عن الأزمة التي تتخبط فيهابلادهم منذ عام كامل. آخر استفزازات تبون وردت في تصريحاته لجريدة “لوفيغارو” الفرنسية، أول أمس، حيث حمّلاللوبي المغربي في فرنسا مسؤولية تدهور العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجزائر وباريس. تبون برّر فشل بلاده في التوصل إلى حل مع فرنسا في موضوع الذاكرة الاستعمارية بدور اللوبي المغربي، واعتبر أنالرئيس الفرنسي ماكرون لديه الاستعداد لإيجاد حل، والاعتراف بمسؤولية بلاده، لكنه يتعرض لهجمات تقوم بها جماعاتضغط قوية“، متهما اللوبي المغربي– الفرنسي ب“السعي إلى ضرب العلاقات مع فرنسا، وكذا التدخل في ما تقوم بهالجزائر“. ووصف تبون هذا اللوبي بأن له “صلات اقتصادية واجتماعية قوية، ويخاف من الجزائر“. والدليل على ذلك، يقول تبونإنه عندما “تتدخل الجزائر لاقتراح حلول لبعض الأزمات، فإنه يتدخل بحجة أنه مهتم، أيضا، بهذه النزاعات“، مشيرا إلىالأزمة الليبية، التي تسعى الجزائر إلى لعب دور فيها، واتهم تبون اللوبي المغربي بأنه يتدخل لعرقلة دورها مرة أخرى. وعاد تبون في الحوار عينه إلى استفزاز المغرب مرة ثالثة، بتعليق فشل بلاده في استقطاب الاستثمارات الفرنسية علىاللوبي المغربي الفرنسي، حين عبّر عن عدم رضاه عن نوعية الاستثمارات الفرنسية في بلاده مقارنة بالمغرب، حيث قارنبين مصنع رونو في وهران ومصنع الشركة نفسها في طنجة، مؤكدا أنه “لا مجال للمقارنة بينهما“. وليست هذه المرة الأولى التي يتعمد فيها الرئيس الجزائري استفزاز المغرب، ففي حملته الانتخابية للرئاسة الجزائرية في24 نونبر الماضي، طالب المغرب بالاعتذار عن فرضه التأشيرة على الجزائريين عقب هجمات فندق أطلس أسني سنة1994، وبرّر غلق الحدود مع المغرب من قبل بلاده مجرد ردّ فعل على القرار المغربي بفرض التأشيرة. وفي مرة ثانية عقبانتخابه رئيسا، وفي يوم أدائه اليمين الدستورية رئيسا للجزائر بتاريخ 20 دجنبر الماضي، تعمّد تبون مرة ثانية استفزازالمغرب في أول خطاب رسمي له، قائلا إن نزاع الصحراء “مسألة تصفية استعمار، وهي قضية بيد الأمم المتحدةوالاتحاد الإفريقي“، وهو تصريح وُصف ب“العدائي“. سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بفاس، يرى أن “خطاب الرئيس الجزائري المعادي للمغرب، قد يتعزز فيالسنوات العشر المقبلة، فهو يشير إلى محاولة من قبل بعض النخب الجزائرية المعادية للمغرب إحياء الخطاب التخويفيمن المغرب، لتبرير الإخفاقات السياسية والاقتصادية في الجزائر“، وأضاف الصديقي أن “الرئيس تبون يعتقد خطأ أنالشعب الجزائري لم يتغير، وقد لاحظنا كيف أن الحراك الجزائري تبنى خطابا تصالحيا مع المغرب، على خلاف الخطابالمعادي للرئيس تبون، الذي يظن أنه من السهل الاستمرار في توظيف الخطاب التخويفي لتعزيز شرعيته الناقصة“. ويلاحظ أنه منذ بداية الحراك الجزائري قبل عام من الآن، وبعد الانتخابات الرئاسية التي حملت تبون إلى السلطة،التزمت الدولة المغربية الصمت إزاء كل التطورات الجارية في هذا البلد، بل تجنبت لحد الآن، الرد على استفزازات تبونسواء حول الصحراء أو الحدود المغلقة بقرار جزائري، على خلاف ما يدّعي الرئيس الجديد، ولا يبدو أنه سينجر لأي ردآخر حول الاتهامات الموجهة إلى اللوبي المغربي الفرنسي. ويبدو أن الهدف من وراء ذلك، عدم منح أي ورقة للسلطةالجديدة في الجزائر لتبرير فشلها في امتصاص غضب الشارع، أو لترميم شرعية الرئيس تبون الناقصة، إذ لا يعترفالحَراك الجزائري بنتائج الانتخابات الرئاسية، ويطالب لحد اليوم، بإسقاط رجال نظام بوتفليقة، والذي يعتبر تبونأحدهم.