رغم طمأنة وزارة الصحة المغاربة، بخصوص منظومة المراقبة الوبائية في المغرب، واستنفارها على كافة الأصعدة لرصد فيروس “كورونا” الجديد، مع التوكيد على توفرها على آخر التجهيزات في مجال التشخيص المسبق للفيروس، إلا أن منظمة الصحة العالمية في المقابل، قالت إن المغرب، إلى جانب 9 دول أخرى في الشرق الأوسط، “يفتقر لهذه الإمكانيات من أجل الكشف عن هذا الوباء القاتل، الأمر الذي زاد من حدة الارتباك لدى الرأي العام”. وكانت منظمة الصحة العالمية، وبالموازاة مع خبر إجلاء 167 مغربيا من الصين إلى المغرب ووضعهم تحت مجهر الحظر الطبي في كل من مكناس والرباط، قد أعلنت أن أربع دول فقط في الشرق الأوسط لديها إمكانيات مختبرية للكشف عن فيروس كورونا، لافتة إلى أنه سيتم تزويد 10 دول أخرى، من بينها المغرب، بتلك الإمكانيات قريبًا. وجاء على لسان رئيس وحدة التأهب لمخاطر العدوى بمكتب منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، عبدالناصر أبو بكر، بهذا الخصوص في تصريحه لوكالة “سبوتنيك”، على هامش المؤتمر الذي عقده المكتب الإقليمي للمنظمة في القاهرة، أن من بين الدول التي لا تتوفر على الإمكانيات المختبرية، والتي ستزودها المنظمة بها قريبا هي: “مصر، وإيران، والأردن، ولبنان، وسوريا، والسودان، والمغرب، وتونس”. أمام هذا التصريح الذي أدلى به المسؤول في من منظمة الصحة العالمية، ساد نوع من الارتباك في صفوف المغاربة، خاصة مع انتشار عناوين تفيد ب”افتقار المغرب لإمكانيات رصد هذا الوباء القاتل”، وهو ما كذبه مدير مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة، محمد اليوبي، جملة وتفصيلا. اليوبي، وفي تصريحه ل”أخبار اليوم”، قال إن ما جاء على لسان المسؤول في منظمة الصحة، جرى “تأويله بشكل مجانب للصواب بسبب ضعف الترجمة”، إذ إن المقصود من تصريح المنظمة هو “التفاعلات أو les reactifs” التي تستعمل في التحليلات المخبرية، والتي في الحقيقة المغرب يتوفر عليها، فبها نجري التحاليل على أي حالة مشكوك في إصابتها بالفيروس، بمن فيهم ال167 مغربيا، الذين جرى إجلاؤهم من الصين يوم الأحد” الفائت. وشدد المتحدث على أن المغرب يتوفر على جميع التجهيزات والإمكانيات من أجل رصد الوباء، وما حدث فعلا هو أن المغرب طلب من منظمة الصحة العالمية مزيدا من تلك التفاعلات، أو المواد المستخدمة في التحليلات المخبرية، من أجل أن يكون مستعدا في حالة ما إذا جرى رصد الفيروس، أو في حالة تكاثر الحالات المحتملة التي تستدعي إجراء التحاليل من أجل التيقن من الإصابة في غضون الخمسة الأشهر المقبلة، في حالة استمرار الأزمة، وهذا لا يعني أن المملكة تفتقر للإمكانيات”، مضيفا: “لقد جرى تأويل كلام المسؤول في المنظمة، ربما، بسبب الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، لأن المقصود ب materials بالإنجليزية، هو هذه التفاعلات وليس التجهيزات والمعدات التي يتوفر المغرب على آخر التكنولوجيا الطبية بخصوص رصد الأوبئة”. وبخصوص ما إذا كانت الأجهزة والمعدات التي وضعتها منظومة المراقبة الوبائية على مستوى مداخل المملكة الجوية البحرية والبرية، كافية لرصد الفيروس، خاصة وأن أعراضه لا تظهر إلا بعد أيام، قال اليوبي: “لا، تلك الأجهزة للأسف مهمتها محدودة، إذ إنها موضوعة من أجل قياس الحرارة، التي هي واحدة من أعراض الإصابة بهذا الوباء، وفي حالة رصدها للحرارة المرتفعة يكون تقييم طبي للحالة المحتملة في عين المكان، لتشخيصها، فإذا كان الشخص قادما من المنطقة حيث يتفشى المرض، نبدأ الإجراءات اللازمة عن طريق عزله ونأخذه من أجل التحليل المختبري..”. مضيفا: “قد يمر شخص مصاب فعلا ولا يرصده الجهاز الذي يرصد الحرارة، لأن هذه الأعراض تظهر فيما بعد، ولهذا نعمل، أيضا، على التحسيس والتوعية في منافذ المملكة كنوع من التأهب، إذ نعطي المسافرين كُتيبا صغيرا نعرفهم بالمرض ونوضح لهم أعراضه، بما في ذلك الحرارة السعال وضيق التنفس، ونعطيهم الرقم الهاتفي الخاص الذي وجب الاتصال به والإجراءات الوقائية التي وجب التقيد بها، في انتظار التشخيص المخبري”. من جانبها، كشفت الحكومة، على لسان وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، أن المنظومة الوطنية للرصد والمراقبة الوبائية في المغرب، التقطت خمسة إشعارات تتعلق بفيروس كورونا. الرميد، الذي كان بصدد الرد على أسئلة الفرق البرلمانية في نهاية جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس النواب، مساء أول أمس الاثنين، أوضح أن “جميع هذه الحالات جرى فحصها والتحقق منها ليتبين استبعادها لعدم مطابقتها لتعريف فيروس كورونا”، مشيرا إلى أن “ثلاث حالات من ضمن الحالات الخمس ثبت أنها تتعلق بأنفلونزا موسمية وليس بوباء كورونا، وبالتالي، لم يسجل المغرب أي حالة إصابة بهذا الفيروس”. وعاد وزير الدولة، ليشدد على أن المغرب متأهب على جميع الأصعدة وقد اتخذ “كل التدابير الوقائية والاحترازية ضد خطر انتشار فيروس كورونا بتعليمات ملكية سامية، من أجل رصد وتتبع جميع الإشعارات المتعلقة بالوباء”، مشيرا إلى أنه جرى تكوين لجنة مشتركة تضم وزارة الصحة، والدرك الملكي، ومصالح الطب العسكري، ووزارة الداخلية، والوقاية المدنية، ومتدخلين آخرين، تراقب الوضع عن كثب، من خلال مخطط وطني مخصص للتصدي لهذا الوباء الذي حصد ما يزيد عن 425 مواطنا إلى حدود اليوم. الرميد أكد على أن الجهات الحكومية المعنية، ومنذ تنقل الوباء خارج الصين، تقوم بتقييم يومي للخطر وتتبع منتظم لتطور الفيروس حول العالم، فيما جرى “تخصيص مستشفيات لاستقبال حالات محتملة في مختلف الأقاليم والجهات”، على حد تعبيره.