يخفي قرار العزل المفاجئ لرئيس شبيبة التجمع الوطني للأحرار، الأربعاء الفائت، حربا طاحنة تدور بين أجنحة قياديين في المكتب السياسي للحزب، هدفها السيطرة التامة على التنظيمات الموازية للحزب. وبحسب معلومات حصل عليها “اليوم 24″، فإن تيارين رئيسيين ومتنافرين داخل المكتب السياسي للحزب، يخوضان حربا ضروس ضد بعضها البعض بغية تصفية أي تأثيرات على تنظيمات الحزب. التيار الأول يقوده كل من رشيد الطالبي علمي، ومحمد بايتاس، فيما التيار الثاني، يقوده محمد أوجار، ويسنده محمد عبو. عبو قدم استقالته من المكتب السياسي مؤخرا، وهو يقود جهودا لمقاومة ما يطلق عليه ب”نفوذ الموظفين الموالين لشركة أكوا” داخل الحزب. وعلى ما يظهر، فإن قرار عزل يوسف شيري كان بإيعاز من رشيد الطالي علمي، بعدما تبين أن رئيس شبيبة التجمع الوطني للأحرار قد غير ولاءه من تياره إلى تيار أوجار. شيري كشف عن “معارضة عميقة لسلوك الاستحواذ على تنظيمه من لدن طاقم” يساعد رئيس الحزب، عزيز أخنوش، على إدارة حملات التواصل. “لقد ظهر بأن الأنشطة التي تنفذها شبيبة التجمع لم تكن في الواقع لا من فكرة ولا تخطيط هذه الشبيبة، بل كانت وكالات التواصل هي من تضع أجندة الأنشطة الكبرى، وتنفذها عبر صفقات تواصل دسمة، ثم تطلب من شبيبة الحزب مرافقة التنظيم بحشد الناس للمشاركة في تلك الأنشطة”، كما يقول مصدر تجمعي على إطلاع بكواليس هذا التنظيم. ولقد كانت هذه الطريقة في تدبير تنظيم للحزب بواسطة شركة تواصل موضع شكاوى متكررة من شيري، “لكن الطالبي علمي طلب منه أن يستمر في المساعدة على هذا العمل بالطريقة نفسها، وأن يكف عن التشكي إن كان يرغب في الحفاظ على منصبه”. وكان شيري عضوا بالمكتب السياسي للحزب بصفته رئيسا لشبيبة التجمع الوطني للأحرار. غير أن شيري على ما يبدو، لم يطق الاستمرار في العمل وفقا لجدول أعمال “الموظفين التابعين لمجموعة أكوا”، وقدم شكوى مفصلة إلى محمد أوجار، القيادي البارز في الحزب بخصوص ذلك، وقد وعده بتصحيح الوضع في وقت قريب. لكن ما حدث، هو أن شيري سيجد نفسه هدفا لملاحقة سريعة داخل الحزب بعد هذه الشكوى المقدمة إلى أوجار. فقد طلب الطالبي علمي وبايتاس بعقد جمع عام سريع لشبيبة الحزب، بنقطة واحدة هي “عزل شيري من منصبه”. ومن المؤكد وفقا لمصدر في المكتب السياسي، أن “تيار الطالبي/بايتاس، أغاضه قيام شيري بتغيير ولائه داخل المكتب السياسي نحو جناح أوجار، وتشكيه من حلقة الأشخصا الذين يدبرون شؤون بشبيبة الحزب في الوقت الحالي. وفي الواقع، لم يكن شيري وحده المعني بهذه المحاكمة السريعة التي أدت إلى عزله، وإنما كان كل من محمادي توحتوح، وياسين عوكاشا، هدفين إضافيين في هذه “التصفية”، ولقد أقيلا من منصبيهما معا، وجرى تخفيض رتبتيهما إلى مستشارين في المكتب الوطني لشبيبة الحزب، كما هو حال شيري. وتبقى بعض التبريرات التي منحت قرار العزل من حيث إن ما أوعز إليه هو “تخاذل رئيس الشبيبة في الدفاع عن رئيس الحزب عقب مشكلة خطاب ميلان (إيطاليا)، ليست على قدر المشكلة الرئيسية داخل الحزب، وهو ما يحاول إخفاؤه القادة الحاليون للحزب. “لقد كان موضوع دور شبيبة الحزب في الدفاع عن رئيس الحزب مطروحا في الادعاء ضد شيري، لكنه لم يكن في الواقع، سوى تغطية للمشكلة القائمة”. وتسبب إقالة شيري بتلك الطريقة في كثير من اللغط بين أعضاء الحزب كما شبيبته، ويحاول رئيسه، أخنوش، تجنب حدوث أزمة كبيرة داخل الحزب، وقد طلب من شيري مرافقته في جولة في بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء تبتدئ اليوم السبت. لكن شيري وافق على المشاركة في هذه الجولة بإيعاز من أوجار وبميعته أيضا. أوجار قدم احتجاجا صريحا إلى أخنوش بخصوص الطريقة غير المناسبة لإقالة شيري، لكن أخنوش لم يقدم توضيحات كثيرة مكتفيا بالقول إن “المعلومات التي قدمت إليه بخصوص شيري قد تكون بالفعل مبالغ في تقدير سوءها”.