بعدما إقصاء ألمانيا للمغرب من المشاركة في مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، واستدعائها الجزائر، الحاضر الوحيد في المؤتمر من دول المغرب العربي، إلى جانب الأطراف الليبيين، تتجه الجارة الشرقية للمغرب بقيادة رئيسها الجديد، عبد المجيد تبون، نحو إطلاق مبادرة جديدة للوساطة بين طرفي النزاع الليبي. وفي ذات السياق، عبرت الجزائر عن استعدادها لاحتضان “حوار” بين الأطراف الليبية، لإيجاد حل للأزمة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن الرئيس عبد المجيد تبون خلال قمة برلين. وقال تبون: “نحن مطالبون بوضع خارطة طريق واضحة المعالم، وملزمة للطرفين، تشمل تثبيت الهدنة، والكف عن تزويد الأطراف الليبية بالسلاح، لإبعاد شبح الحرب عن كل المنطقة”، مضيفا أن “الجزائر مستعدة لإيواء هذا الحوار المرجو بين الليبيين”. الرئيس الجزائري، الذي تتقاسم بلاده أكثر من ألف كلم من الحدود مع ليبيا طرفي النزاع، دعا إلى “طاولة المفاوضات لحل الأزمة عبر الحوار، وبالطرق السلمية لتفادي الانزلاق نحو المجهول”، وقال إن “أمن ليبيا امتداد لأمننا، وأفضل طريقة لصون أمننا القومي هو التعامل، وتكاتف الجهود مع جيراننا لمواجهة الإرهاب والتطرف”. يشار إلى أنه وسط تراجع الدور المغربي في الأزمة الليبية، وعدم دعوة المملكة لمؤتمر برلين، الذي يجمع مختلف الأطراف، والفاعلين في الأزمة، تتجه الجارة الشرقية الجزائر، نحو تعزيز موقعها في الأزمة الليبية، بعدما أصبحت الدولة المغاربية الوحيدة الحاضرة، على طاولة لقاء برلين. وفي ذات السياق، نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في عددها لنهاية الأسبوع الماضي، معطيات جديدة عن الموقف الجزائري من القضية الليبية، وقالت إنها تتجه نحو تغيير موقفها من الحرب الدائرة في ليبيا، لتنتقل من دعم الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، إلى دعم الموقف التركي، الداعم لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج. ونقلت الصحيفة ذاتها في مقال حول الدور الجزائري في القضايا الإقليمية أن سبب التحول في الموقف الجزائري، يعود إلى تدخل سلاح الجو الإماراتي، في قصف حكومة الوفاق الليبي، المعترف بها دوليا، وسط تخوف جزائري من تعاظم نفوذ حلفاء حفتر في المنطقة. وحسب المصدر ذاته، فإن الجزائر بدأت في رسم خريطة عمل دبلوماسي جديد لها في المرحلة الأخيرة، بعدما تراجعت بسبب مشاكل الداخل، في أعقاب فترة الجمود، التي شهدتها عامي 2017-2019، نتيجة الشلل، الذي عرفته الدولة بسبب مرض الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة. وترى الجزائر أن مشاركتها كممثلة وحيدة للمغرب العربي يمثل عهدة قوية لدبلوماسيتها إقليميا، ودوليا. يذكر أن عدم دعوة المغرب لمؤتمر برلين، أشعلت غضب دبلوماسيته، إذ عبر رسميا، مساء أول أمس السبت، عن استغرابه من إقصائه من مؤتمر برلين حول ليبيا. وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إن "المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الدولية، الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية"، مضيفة أن "المملكة المغربية لا تفهم المعايير، ولا الدوافع، التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع".